يتواصل القصف الصّهيوني على قطاع غزة في وقت تتفاقم فيه الأوضاع الإنسانية إلى مستويات غير مسبوقة، مع تسجيل حالات وفاة جديدة جراء الجوع وسوء التغذية، في ظل استمرار الحصار ومنع دخول المساعدات الإنسانية.
ارتقى ثلاثة فلسطينيّين بينهم طفلة وأصيب 5 آخرون، أمس الجمعة، بقصف صهيوني استهدف مدرسة “القاهرة” التي تؤوي آلاف النازحين المدنيّين في مدينة غزة. وأفادت مصادر طبية، بأنّ “3 شهداء و5 جرحى وصلوا إلى مجمّع الشفاء الطبي، إثر قصف الاحتلال مدرسة بمدينة غزة”.
كما استشهد 7 فلسطينيّين وأصيب آخرون جراء هجمات صهيونية متفرقة استهدفت خياما تؤوي نازحين، وتجمّعين مدنيّين، ومواطنين أثناء انتظارهم للمساعدات بقطاع غزة.
في الأثناء، أعلن مصدر في مستشفى الشفاء بمدينة غزة، أمس، وفاة طفلة نتيجة الجوع وسوء التغذية، وسبق ذلك إعلان المستشفى وفاة فلسطينيّين اثنين، أحدهما يعاني من مرض السكري.
وقال المكتب الإعلامي الحكومي إنّ المجاعة آخذة في التفاقم بكل أنحاء القطاع، مؤكّدا أنّ 117 فلسطينيا استشهدوا بسبب المجاعة وسوء التغذية في ظل انعدام شبه كامل للغذاء والماء والدواء، محذّرا ممّا اعتبرها روايات زائفة عن دخول مساعدات.
وطالب المكتب الفلسطيني العالمَ بكسر الحصار المفروض على غزة فورا، وإدخال المساعدات الإنسانية وعلى رأسها حليب الأطفال، لنحو مليونين ونصف مليون شخص محاصر.
نظـــام للقتـــل لا لتقديم الطعام
وبدورها، قالت منظّمة العفو الدولية “أمنستي” إنّ سلطات الاحتلال تواصل استخدام التجويع كأسلوب حرب وأداة لارتكاب إبادة جماعية ضدّ الفلسطينيين في غزة.
وأضافت “أمنستي” -في بيان- أنّ معاناة الجائعين في غزة تتفاقم بفعل نظام توزيع المساعدات الصّهيوني الذي يستخدم كسلاح حرب مدمّر، مشيرة إلى أنّ الكيان الصّهيوني يتعمد تجويع الفلسطينيين، وأنه يجب وقف الإبادة الجماعية في القطاع الفلسطيني الآن.
وقالت أيضا إنّ على الاحتلال رفع القيود عن دخول المساعدات فورا، والسماح للأمم المتحدة بتوزيع المساعدات، كما أن عليها السماح للفلسطينّيين في غزة بالحصول على المساعدات دون قيود وبشكل آمن.
رقــــم ضحايـــا الجــــوع سيرتفـــــع
في الأثناء، قالت المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية حنان بلخي، إنّ “المنظمة تخشى من زيادة كبيرة جدّا في الوفيات بسبب المجاعة في غزة”، مؤكّدة أنه لم يدخل إلى قطاع غزة سوى القليل جدّا من المساعدات.
وأضافت المسؤولة الأممية أنه لا يوجد مستشفى يعمل بشكل كامل في قطاع غزة، كما أنّ هناك خشية حقيقية على حياة الطواقم الطبية في غزة بسبب المجاعة. وتابعت “20% من الحوامل في غزة يواجهون المجاعة، بينما يعاني الأطفال في القطاع بشكل كبير جدّا بسبب المجاعة”.
ومن جانبها، أفادت منظمة “أوكسفام” بارتفاع نسبة الأمراض المنقولة عن طريق المياه بين سكان غزة بنحو 150%، مضيفة أنّ الظروف التي يُجبر الفلسطينيون في غزة على العيش فيها خلفت بيئة خصبة لانتشار الأمراض.
18 ألف طفل استشهدوا و39 ألف أيتام
وفي سياق متّصل، كشف تقرير صادر عن الجهاز المركزي للإحصاء في القطاع الفلسطيني المنكوب، أنّ أكثر من 39 ألف طفل فقد كلٌّ منهم أحد والديه، في ظل استمرار الحرب الصّهيونية على قطاع غزة.
وأوضح التقرير أنّ 17 ألف طفل فقدوا كِلا الوالدين، في حين استُشهد 18 ألف طفل منذ بداية الحرب. ويعيش أطفالٌ كثيرون أوضاعاً غير مستقرة، في ظل غياب الرّعاية الأسرية وتفاقم المجاعة والتراجع الحاد في الخدمات التعليمية والصحية.
ويعجّ مستشفى الأطفال بمجمّع ناصر الطبي (جنوب القطاع) بعشرات الأطفال الذين يواجهون الموت بسبب سوء التغذية وغياب الحليب الصناعي، الذي يعتبر الغذاء الوحيد لمن هم دون 6 أشهر.
ويحاول مجمّع ناصر إنقاذ ما يمكن إنقاذه من الأطفال الذين وصلوا إليه، من خلال ما يتوافر له من كميات حليب قليلة جدّا وفّرها متبرّعون ومنظمات دولية، في حين تبحث العائلات في الخارج عن بدائل أخرى مثل المياه واليانسون والبابونغ.
ويشعر كافة الأطباء -بمن فيهم الأجانب الذين وصلوا مؤخّرا لتفقّد الوضع- بالإحباط الشديد من الأوضاع المتردية للأطفال الذين تظهر عليهم أعراض لم تعد موجودة في العصر الحديث، مثل تساقط الشعر وتجمّع السوائل وضمور الجسم.