طباعة هذه الصفحة

يعين اليوم على رأس منظمة الأمم المتحدة

التحديـات الخـمس (05) التي تنتظر غـوتيراس

أمين بلعمري

تعين، اليوم، الجمعية العامة للأمم المتحدة البرتغالي، انطونيو غوتيراس، أمينا عاما جديدا للهيئة الأممية، خلفا للكوري الجنوبي بان كي مون المنتهية ولايته، وذلك بعد أن حظي غوتيراس باجماع الاعضاء الـ 15 لمجلس الامن على ترشيحه لهذا المنصب السامي.
لا شك ان غوتيراس سيرث ملفات دولية ثقيلة و معقدة، لعلّ من أبرزها الازمة السورية التي شكلت ولا تزال أكبر التحديات للأمم المتحدة و لأمينها العام الجديد الذي سيتعين عليه العمل على انهاء هذه المعضلة التي أصبحت مصدر تهديد حقيقي للسلم والأمن الدوليين في حين أن أولى أولويات الامم المتحدة والهدف الذي أنشئت من أجله هو الحفاظ عليهما.
ان الخبرة الدبلوماسية والسياسية للأمين العام الاممي الجديد، اطونيو غوتيراس، الذي شغل عدة مناصب سياسية هامة في بلاده، من أبرزها رئيسا لوزراء البرتغال، كما اشتغل أمميا على أحد أثقل و أهم الملفات وهو ملف اللاجئين بصفته رئيسا للمفوضية الاممية لشؤون اللاجئين لمدة خمس عشرة سنة ( 2005 - 2015 )، وهي خبرة تؤهله لإنضاج حلول أممية ناجعة لحل هذه المعضلة من خلال التصدي لها عبر حلول في العمق تضع الأصبع على الجرح عبر التطرق إلى الأسباب الحقيقية لهذه الظاهرة التي تبدأ بإيجاد الاضطرابات والأزمات الدولية التي تبقى المنتج الأول لظاهرة اللاجئين، كما هو شأن الأزمة السورية، الليبية و اليمنية .. إلخ
القضية الفلسطينية والصحراوية ستكونان بدورهما كذلك احدى الملفات المستعجلة التي ستواجه الامين العام الجديد للأمم المتحدة، حيث كانت و لا تزال  قضية اللاجئين الفلسطينيين أقدم وأكبر قضية لجوء في العالم بإشرافها على عامها السبعين و- هو عمر إنشاء الأمم المتحدة تقريبا - إلا ان هذه الأخيرة لم توّفق على مدار كل هذه الفترة من انصاف اللاجئين الفلسطينيين الذين أصبحوا أكبر عنوان لمأساة اللجوء و التشرد في هذا العالم و هم يعلقون اليوم آمالا كبيرة على خبرة غوتيراس في حل مأساتهم من خلال إيجاد حل منصف و عادل للقضية الفلسطينية، وهذا ما من شأنه أن يسهم بشكل ناجع في تعزيز السلم والأمن الدوليين وتجفيف منابع التطرف و الإرهاب من خلال إنهاء هذه المآسي والمظالم.
القضية الصحراوية ستشكل بدورها تحد آخر للوافد الجديد على رأس الأمم المتحدة باعتبارها آخر قضية تصفية استعمار في القارة الإفريقية و ظلت على مدار أربعين سنة تشكل بقعة سوداء على دفاتر الهيئة الأممية التي عجزت على مدار أربعة عقود كاملة من إنهاء معاناة شعب تحت محتل مازال يقوم بممارسات عفا عنها الزمن و لا تليق أبدا بالقرن الـ21 قرن، حيث يتم احترام خيارات توجهات الشعوب، بينما مازال الشعب الصحراوي ينتظر ان يمارس حقه المشروع في تقرير مصيره تحت إشراف «المينورسو» التي أوجدت من أجل هذا الغرض، منذ 26 عاما ولكن دون أن تنجح في انجاز هذه المهمة إلى اليوم، تبقى معاناة الصحراويين متواصلة.  إن إصلاح الأمم المتحدة و إعادة النظر في حق العضوية الدائمة لمجلس الأمن يعتبر من أكبر التحديات و الورشات التي من المفترض ان يفتحها الامين العام الجديد حيث لا يمكن بأي حال من الأحوال و بعد 70 عاما على إنشاء منظمة الأمم المتحدة ان تستمر هياكلها وخاصة مجلس الامن بالاشتغال بمنطق الفريق المنتصر في الحرب العالمية الثانية واستمرار احتكار العضوية الدائمة وفق هذا المنظور الضيق، لأن العالم شهد صعود قوى بشرية، سياسية واقتصادية لم يعد يتناسب ثقلها و حجمها مع حجم مساهمتها الهامشية في صناعة السياسة الدولية و صياغة قراراتها، و عليه فإن إصلاح الهيئة الأممية لم يعد مجرد مطلب للقارة الإفريقية ولأمريكا اللاتينية فقط ولكن ضرورة مستعجلة تنقذ مصير الأمم المتحدة من نهاية شبيهة بتلك التي حصلت لعصبة الأمم  وما انجر عن ذلك من خراب.