طباعة هذه الصفحة

بعد انتخابه رئيسا للبنــان

عـون يتعهـد بسـدّ الطريـق أمام «الحرائق الإقليميــــة»

انتخب النواب اللبنانيون، أمس، زعيم التيار الوطني الحر العماد ميشال عون خلفا للرئيس السابق ميشال سليمان الذي انتهت ولايته في ماي من عام 2014، ليكون بذلك الرئيس الـ13 في لبنان الذي يطوي سنتين ونصف السنة من الشغور في منصب الرئاسة.
خلال أدائه اليمين الدستورية تعهد عون بمكافحة الإرهاب ومنع امتداد «الحرائق الإقليمية» إلى لبنان.
وأضاف في خطاب أداء القسم «لبنان السائر بين الألغام لا يزال بمنأى عن النيران المشتعلة حوله في المنطقة ويبقى في طليعة أولوياتنا منع انتقال أي شرارة إليه من هنا ضرورة ابتعاده عن الصراعات الخارجية ملتزمين احترام ميثاق جامعة الدول العربية».
وتابع «سنتعامل مع الإرهاب استباقيا وردعيا وتصديا حتى القضاء عليه».
وقال عون إن أي حل للصراع السوري يجب أن يضمن عودة اللاجئين السوريين في لبنان.
وأشار إلى أن المخيمات السورية في لبنان يجب ألا تتحول إلى مخابئ للمسلحين.
جلسة الانتخاب لم تخل من المفاجآت
وكان رئيس البرلمان اللبناني أعلن ظهر أمس، انعقاد البرلمان بحضور 127 نائب (من أصل 128 نائب واستقالة النائب روبير فاضل) لانتخاب رئيس للجمهورية، ولم تفض الدورة الأولى من الجلسة إلى انتخاب الرئيس على عكس ما كان متوقعاً. فما كان من رئيس البرلمان نبيه بري إلا أن أعلن بدء التصويت في جولة اقتراع ثانية (أعيدت 3 مرات)، أدت إلى انتخاب عون رئيساً للبنان.
وحاز عون الذي كان مع كامل كتلته (21 نائباً) من بين أول الحاضرين إلى قاعة البرلمان في وسط بيروت على 83 صوتا في جولة الاقتراع الثانية (التي أعيدت 3 مرات على غير العادة)، مقابل 36 ورقة بيضاء و7 أوراق ملغاة، وورقة للنائبة ستريدا جعجع.
يذكر أن الدستور اللبناني ينص على ضرورة انتخاب رئيس الجمهورية في لبنان بتصويت ثلثي أعضاء البرلمان اللبناني، وإذا لم يحز أي مرشح على هذا العدد تجري دورة ثانية يصوت خلالها النواب، ويكفي عندها حصول المرشح على نصف عدد النواب زائد واحد أي 65 صوتاً.
إعادة الجولة الثانية 3 مرات
إلا أن المفارقة تمثلت في إعادة الاقتراع في الجولة الثانية «3 مرات» لحدوث خلل في عدد الأوراق. إذ كان من المفترض أن تصب في صندوق الاقتراع 127 ورقة إلا أن العدد كان 128، ما يعني أن أحد النواب وضع ورقتين، أو أن ظرفا إضافيا وضع عن طريق الخطأ.
وفي آخر المطاف، تقرر أن يوضع صندوق الاقتراع في وسط القاعة (في حين جرت العادة على أن يمرر الصندوق على النواب) وأن يأتي النواب فرداً فرداً للتصويت.
وكان عون قد حاز في الجولة الأولى من الاقتراع على 84 صوتاً وهو العدد الذي لا يخوله الفوز من الدورة الأولى، لأن النصاب القانوني في الجولة الأولى هو الثلثين أي يفترض حصول المرشح على 86 صوتاً، مقابل 36 ورقة بيضاء، و6 أوراق ملغاة، وورقة باسم النائبة جيلبرت زوين وهي ضمن كتلة عون.
يذكر أن دعم رئيس تيار المستقبل سعد الحريري لترشيح عون هو الذي سهل حصول الانتخابات الرئاسية بعد شغور دام سنتين و5 أشهر.
وعون هو الرئيس رقم 13 للجمهورية اللبنانية منذ الاستقلال، وثالث قائد للجيش يتولى هذا المنصب الذي يعود إلى الطائفة المارونية (المسيحية) في لبنان.
وانتظر أنصار عون منذ سنوات وصوله إلى سدة الرئاسة، الأمر الذي لم يحصل إلا بعد تغييرات جذرية في المواقف السياسية لخصومه.
وانعكس الشغور في منصب الرئاسة شللا في المؤسسات الرسمية وتصعيدا في الخطاب السياسي والطائفي، وتراجعا في النمو الاقتصادي في بلد صغير ذي إمكانات هشة وتحت وطأة وجود أكثر من مليون لاجئ سوري.
يشار إلى أن مسلمي لبنان ومسيحييه، اتفقوا عام 1943، بموجب الميثاق الوطني - وهو اتفاق غير مكتوب - على توزيع السلطات، على أن يتولى الرئاسة مسيحي ماروني، لولاية تمتد 6 سنوات غير قابلة للتجديد، مقابل أن يكون رئيس الوزراء مسلما سنيا ورئيس البرلمان مسلما شيعياً وما يزال هذا العرف الدستوري سارياً حتى الآن.

في سطــور
.... العائــد إلــى قصــر «بعبـدا»

 ميشال عون عسكري وسياسي لبناني، تراوحت حياته بين قيادة الجيش اللبناني والسير بين ألغام السياسة، قبل أن يذهب إلى منفاه الفرنسي ثم يعود إلى بلده ليؤسس حزب التيار الوطني الحر، ويصبح أحد أبرز الداعمين للمقاومة بعد توقيعه وثيقة تفاهم مع حزب الله 2006.
المولد والنشأة
ولد ميشال نعيم عون يوم 18 فيفري 1935 في حارة حريك بالضاحية الجنوبية للعاصمة اللبنانية بيروت، متزوج من نادية الشامي من بلدة زحلة شرقي لبنان ولهما ثلاث بنات.
الدراسة والتكوين
درس عون المرحلة الابتدائية في مدرسة رسمية وتابع دروسه في «الفرير» (نوتردام) في فرن الشباك ثم في «القلب الأقدس» ببيروت حيث نال شهادة في الرياضيات.
التحق بالمدرسة الحربية عام 1955 حيث تخرج 1958 ضابطا مدفعيا، وشارك في دورة تطبيقية على المدفعية في فرنسا خلال 1958-1959، كما تلقى دورة متقدمة في الاختصاص نفسه بالولايات المتحدة الأميركية.
الوظائف والمسؤوليات
تدرج عون في مختلف الرتب العسكرية إلى أن أصبح عميدا في 1 جانفي 1984.  
وكان أثناء الاجتياح الإسرائيلي للبنان سنة 1982 قائدا للواء الثامن المدافع عن قصر بعبدا، وفي سنة 1984 عين قائدا للجيش اللبناني.
التجربة السياسية
ترأس ميشال عون سنة 1988 بوصفه قائد الجيش اللبناني حكومة انتقالية بمرسوم من الرئيس أمين الجميل في اليوم الأخير من ولايته، وبموازاة مع حكومة أخرى يترأسها الدكتور سليم الحص.
لم يتنازل عون عن رئاسة الحكومة الانتقالية رغم التوقيع على وثيقة الوفاق الوطني، وتنصيب الرئيس إلياس الهراوي رئيسا للبنان.
قام الجيش اللبناني بقيادة العماد إميل لحود (صار رئيسا للجمهورية لاحقا) بقصف قصر بعبدا، فأرغم عون على الخروج من القصر بخطة أمنية فرنسية أشرف عليها السفير الفرنسي في بيروت.
لجأ عون إلى السفارة الفرنسية في منطقة الحازمية ببيروت يوم 13 أكتوبر عام 1990، ومنها تم ترحيله في 29 أوت 1991 برا إلى شاطئ ضبية، ومنها إلى قبرص، ومنها إلى باريس عبر بارجة حربية فرنسية.
 العودة من المنفى
انتهت فترة منفى عون في فرنسا وعاد إلى بيروت في 7 أوت 2005، وأسس في 18 سبتمبر 2005 حزب التيار الوطني الحر.
ترشح عون للانتخابات النيابية اللبنانية فحصدت كتلته 21 نائبا من مجموع 128 نائب هم عدد أعضاء البرلمان اللبناني.
وقّع في 6 فيفري 2006 وثيقة تفاهم مع حزب الله فدخل بقوة في الاستقطاب الثنائي بين كتلة الموالاة وكتلة المعارضة، ومنذ ذلك الحين يعد التيار الوطني الحر أبرز القوى المشكلة لفريق 8 آذار (حزب الله وحلفاؤه).
خاض العديد من المعارك السياسية رفقة رموز المعارضة، ومن بينها ما يعرف بـ «ملف شهود الزور» المرتبط بالمحكمة الدولية المخصصة للتحقيق في اغتيال رئيس الوزراء السابق رفيق الحريري.
تحسنت علاقة عون بسوريا بعد سنوات من العداء السياسي، وزارها فالتقى رئيسها بشار الأسد في 3 ديسمبر 2008.
وافق عون - والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه- على المشاركة في حكومة تمام سلام التي رأت النور في شهر فيفري 2014 بعدة وزراء.
في31 أكتوبر2016، انتخب النواب اللبنانيون ميشال عون رئيسا للجمهورية، ليكون بذلك رئيس الجمهورية الـ13 في لبنان، لتنهي هذه الخطوة سنتين ونصف السنة من الشغور في منصب الرئاسة.