طباعة هذه الصفحة

ما بعد الندوة الدولية للتضامن مع الشعب المالي

تهيئة الأجواء للحل السياسي في إطار الوحدة

حمزة محصول

ناقش المشاركون في الندوة الدولية للتضامن مع الشعب المالي الصديق، خلال اليومين الماضيين بالجزائر العاصمة، الأسباب العميقة لأزمة مالي وتداعياتها على كافة دول الساحل، والحلول والاجراءات الواجب اتخاذها من أجل مساعدة بماكو على النهوض من جديد، والتصدي للأخطار والتحديات المفروضة على المديين القريب والبعيد.

أثبت ممثلو المجتمع المدني لدول الساحل، خلال الندوة بالجزائر، وعيا كبيرا بالمشكلة، والأدوار التي ينبغي عليهم كمنظمات حكومية، وعلى السلطات والحكومات القيام بها في هذا الظرف الدقيق. وتقاطعت تدخلاتهم، في كون الفساد والقطيعة بين الشعب والحاكم، وهشاشة الدولة كانت الأسباب الرئيسية في انهيار جمهوية مالي في وقت وجيز، أمام المجموعات الارهابية الغريبة على المنطقة، الى جانب تورط الجهات الخارجية ذات الاطماع والنوايا.  
واتفقو على أن الحل الأمثل للأزمة، ينبغي أن يكون من اقتراح وتنفيذ الماليين أنفسهم، بعدما جاءت كافة الحلول المطروحة من طرف الايكواس والاتحاد الافريقي والأمم المتحدة، بينما السلطة الانتقالية التي يقودها الرئيس ديونكوندا تراوري، مجرد واجهة للجمهورية، تتعامل مع الأمر من منطق ضعف لأمن منطق قوة بسبب افتقادها للشرعية وانهيار معنويات العسكر بعد الهزائم المتتالية.
هذا الادراك التام بالمسببات والحلول، في حاجة الى أن يرفق بالسعي الى الاستقلال التام اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا، عن المستعمر الفرنسي القديم، الذي يدير دفة الأزمة ويسيرها وفق ما يراه مناسبا لما يسميه بأمنه القومي ومصالحه الحيوية والثانوية، فالجهود التي ستبدل لن ترى النور إذا تعارضت مع رغبات فرنسا، إلا في حالة واحدة تكون فيها القيادة السياسية تكتسب ثقة شعبية كبيرة، ثقة مبنية على عقد اجتماعي جديد تراعى فيها مصالح البلاد العليا وتدار في شفافية تامة بعيدا عن إنفاق الفساد وآفة الولاءات للأشخاص بدل الوطن.
لا يختلف المتابعون للشأن المالي، أن فرنسا، هي كاتبة سيناريو بلقنة الساحل وتدير عملية إخراجه بامتياز لحد الآن، فمن دفع الفدية لتحرير الرهائن وتغذية تجارة المخدرات بطريقة غير مباشرة، جلبت الارهاب من كل حذب وصوب، وكانت وراء انتشار السلاح وادخاله الى شمال مالي بعد تداعيات الوضع في ليبيا ، وتأجيج نزعة التمرد على الحكومة، رافضة أي حل يغلب الحوار والتفاوض،  سارعت باريس الى الحرب كي تنصب قواعدها، قبل إلقاء المهمة في حجر الأمم المتحدة محاولة لإضفاء الشرعية والتخلص من التكاليف الاقتصادية الباهظة.
هذا الدور الفرنسي ينبغي أن يعيه الماليون وكل دول الساحل وإن فرض عليهم الواقع اليوم التعامل معه بما يخدم الوحدة الترابية، فلابد من التحرك للقيام بالمبادرة محليا، واستعادة السيادة الوطنية والثروات والقرارت، وتعزيز ذلك بتحالف جهوي قوي، يطور علاقات التاريخ والصداقة الى ما فيه منفعة للاقتصاد والتنمية وتوطيد لحمة المجتمع.