طباعة هذه الصفحة

من تركيا إلى البرازيل:

الدول الناشئة في عين الإعصار

أمين بلعمري

اندلعت مظاهرات في تركيا  ولاتزال مستمرة للأسبوع الثالث على خلفية تهيئة حديقة تقول السلطات أنها تصب في الصالح العام، وفي البرازيل وعلى بعد عشرات الآلاف من الكيلومترات خرج الآلاف في ساو باولو وريودي جانيرو ودخلوا في مواجهات مع الشرطة بسبب رفع الحكومة تسعيرة تذاكر النقل العام الأكيد أن السببين لا يمكنهما إشعال فتيل المظاهرات لو لم يكن هناك تراكم  لمغص اجتماعي متعدد الأوجه تحولت على اثره تهيئة حديقة ورفع سعر تذكرة إلى القطرة التي أفاضت الكأس، وإن كانت البرازيل قد عرفت نوبات مزمنة من الفساد المالي والسياسي، أفررت اختلالات اجتماعية واقتصادية في البلاد بادية للعيان، ففحين تنتصب الأحياء الراقية والبناءات الزجاجية العالية، توجد في الجهة المقابلة تجمعات ( الفافيلاس)  وأحياء القصدير  والصفيح  أين تتمركز عصابات المخدرات والجريمة المنظمة، ولكن من ينكر على البرازيل هذه الدولة كان اقتصادها رهينة الشركات متعددة الجنسيات والتي استنزفت  خيرات ومقدرات هذا البلد، أنها استطاعت رغم ذلك ، خلال العشرين سنة الأخيرة، أن تبني اقتصادا وطنيا خالقا للثروة مكنها الخروج من مجرد دولة نامية إلى دولة صاعدة، تمتلك قاعدة صناعية ضخمة، ونظام سياسي  مستقر يقوم على التداول السلمي والديمقراطي على السلطة.
والشأن نفسه بالنسبة لتركيا التي استطاعت ان تحقق وثبتها الاقتصادية وتحولت الى قطب صناعي في قلب القارة الأوروبية للانتاج والتصدير، علاوة على الرفاه الاجتماعي والاقتصادي للفرد التركي من خلال تحسن دخله السنوي.
وفي ظل هذه المعطيات ألا يمكن إدراج هذه الاحتجاجات الاجتماعية ضمن برنامج مسطر لكبح جماح هذين الدولتين الصاعدتين خاصة وأن التنبؤات تشير إلى أن الاقتصاد التركي سيحتل المرتبة العاشرة عالميا مطلع ٢٠٢٣؟ أو لم تتعرض الصين قبلهما إلى كل أنواع المضايقات والعراقيل لاجهاض مسيرتها التنموية، وباءت كلها بالفشل؟ وبالنسبة للنمور الآسياوية التي حولتها مضاربات البورصة التي أدت الى اسقاط عملاتها وانهيار اقتصادها إلى مجرد نمور من ورق؟ فهل أخطأ أردوغان رئيس الحكومة التركي  عندما صرح بأن مايحدث في البرازيل وتركيا مؤامرة أجنبية تستهدف تدميرها اقتصاديا، وهل فهم أخيرا أن ما يحدث في سوريا وماحدث في ا لدول العربية وقبلها دول أوروبا الشرقية هو مسلسل من حلقات يهدف إلى إعادة رسم خرائط النفوذ والهيمنة في العالم؟.