بعد تعثر الطبقة السياسية في التوافق

هل تنجح المنظمات في حل الأزمة التونسية؟

أمين بلعمري

وصلت الطبقة السياسية في تونس إلى نقطة اللارجوع في التوصل إلى حل توافقي يضع حدا للازمة التي تعصف بالبلاد، مردها تمترس كل طرف وراء مواقفه ورفض تقديم أي تنازلات يمكنها أن تشكل عربون مشاورات يستمع فيها كل طرف للأخر. غير أن الواقع يوحي بان النهضة ومعارضيها وصلوا الى طريق مسدود قد تنسد معه كل السبل في استمرار مسار التحول السياسي الذي باشرتة تونس منذ ٢١ شهرا من خلال تصدع الترويكا الحاكمة التي تقود هذا المسار.

المعارضة التونسية حشدت عشرات الآلاف من مناضليها في ساحة الباردو وسط العاصمة تونس، حيث مقر المجلس التأسيسي بمناسبة مرور ستة أشهر على اغتيال المعارض اليساري شكري بلعيد ابرز وجوه الجبهة الشعبية التي تضم مختلف التيارات اللائكية والتي كانت وراء الدعوة لهذه المظاهرات المطالبة برحيل الحكومة وحل المجلس التأسيسي.
موجهة من خلالها رسالة قوية إلى حركة النهضة الحاكمة مفادها أنها تمتلك قاعدة شعبية كتلك التي استعرضتها الحركة السبت الماضي لتبين لمعارضيها أنها غير منتهية الصلاحية وأن الشعب الذي فوضها لحكم البلاد لا يزال يقف ورائها ولن يسمح بتكرار السيناريو المصري في تونس.
الشعارات التي أطلقتها المعارضة الثلاثاء وهي ترفع العلم التونسي هي نفسها التي رفعت خلال الأحداث التي أطاحت ببن علي «الشعب يريد إسقاط النظام» و«الحكومة تسقط اليوم»، كما رفع المتظاهرون صورة شكري بلعيد الذي أشعل اغتياله الأزمة الأولى في البلاد التي لم تكد تخمد حتى فجر مقتل النائب محمد البراهمي قبل عشرة أيام ثاني اكبر أزمة سياسية تعيشها تونس منذ أحداث ٢٠١١ والمرشحة للتعقيد أكثر.
أمام تزايد الشرخ اتساعا بين فرقاء السياسة والمواجهة المفتوحة في الساحات والميادين بينهم، لم يجد مصطفى بن جعفر رئيس المجلس التأسيسي إلا تعليق عمله لإجبارهم على الاستماع إلى نداء العقل والحوار على حد تعبير بن جعفر في خطاب متلفز الثلاثاء مساءا لحظات قبل بداية المظاهرات التي دعت إليها المعارضة.
نواب في حركة النهضة اعتبروا خطوة تعليق المجلس بالانقلاب الداخلي خاصة وأن تصرف بن جعفر جاء مفاجأ للحركة، رغم التبريرات التي قدمها والتي تصب في مصلحة الوطن على حد تعبيره.
أمام الوضع الذي تعيشه البلاد والفشل الذريع للسياسيين في حل الأزمة قد يكون للقوى الاجتماعية والاقتصادية كلمتها التي قد تنجح في وضع حد لها . وعلى رأسها الاتحاد التونسي للشغل الذي يتمتع بمصداقية كبيرة لدى التونسيين وفاعل حقيقي في المشهد العام للبلاد علاوة على انه اتخذ موقفا اقل راديكالية اتجاه الترويكا حيث طالب باستبدال حكومة العريض بحكومة كفاءات دون المساس بالمجلس التأسيسي وهو موقف وسط قد ينتهي عنده تطرف مواقف السياسيين، هناك فاعل اقتصادي واجتماعي لا يسمع صوته كثيرا ولكن قد يكون له دوره في فك خيوط الأزمة التونسية وهي الباترونا والتي تقف على مسافة واحدة من كل أطراف الازمة، حياد يمكنها من الانضمام كوسيط ثاني بين فرقاء السياسة إلى جانب الاتحاد التونسي للشغل.
إن الأزمة السياسية والأمنية التي تعيشها تونس لا يمكنها إلا أن تفرض على الجميع الوصول إلى توافق والتعاون من اجل مواجهة التحديات المتعددة وعلى رأسها التحدي الأمني الذي تفرضه الجماعات الإرهابية في مرتفعات الشعانبي ألت تحولت إلى تهديد للآمن القومي التونسي علاوة على التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تشكل بدورها لهذا الأمن.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19448

العدد 19448

الأربعاء 17 أفريل 2024
العدد 19447

العدد 19447

الثلاثاء 16 أفريل 2024
العدد 19446

العدد 19446

الإثنين 15 أفريل 2024
العدد 19445

العدد 19445

الأحد 14 أفريل 2024