كشفت مصادر أمنية رفيعة المستوى لـ «الشعب»، أن قوات الأمن شرعت مؤخرا في تنفيذ مخطط لتفكيك شبكات ترويج المخدرات في الجهة الغربية للوطن، وذلك وفق تعليمات مشدّدة وردت إليها بهدف تضييق الخناق على الشبكات الكبرى لا سيما منها تلك التي تنشط بين الجزائر والمغرب.
وأدّت العملية إلى إسقاط عدة بارونات للمخدرات بالجهة الغربية بكل من تلمسان عين تموشنت و وهران كان أبرزها الإيقاع بالمحسن اكبر مهرب للمخدرات، حيث أسفرت عملية توقيفه عن فك إحدى شفرات تجار المخدرات وتبييض للأموال في املاك وعقارات بقيمة مالية فاقت ١٦٠ مليار سنتيم، صرفت بشكل نقدي لشراء عقارات باهضة الثمن وسيارات فاخرة عبر مختلف ولايات الغرب الجزائري.
حيث كشفت تحريات ذات المصالح، عن أكثر من ٢٠ عقارا منها ١٠ عقارات تتمثل في حمامات وفيلات، تفوق قيمتها المالية ٤ مليارات سنتيم للعقار الواحد بعين تموشنت، وكذا ارض فلاحية بمساحة تفوق ٤٠٠ هكتار بنواحي بني صاف، ٠٧ عقارات ببلدية بئر الجير بولاية وهران، ٠٤ عقارات بولاية النعامة، وكذا ٠٨ سيارات ألمانية رباعية الدفع تفوق الواحدة منها ٣٠٠ مليون سنتيم منها ٠٤ سيارات تم شراؤها برخصة للمجاهدين.
كما تم ضبط ٠٣ سجلات تجارية للبيع بالجملة، قصد التمويه مع اكتشاف مبلغ مالي قدره ٣٠ الف دينار جزائري، تعتبر منحة للمجاهدين في رصيد احدى المسنات التي تم تسجيل العقارات باسمها من بين ٠٣ اخرين، حيت استهلت العملية التي تعتبر اخر عملية تبييض للاموال المعالجة من قبل مصالح الامن من الثراء الفاحش المشبوه لعائلة البارون المحسن ومن تم تتبع ممتلكاتهم بجميع الاقليم الوطني، حيث تم اكتشاف تسجيل عقارات وسيارات باسم ٠٣ من افراد عائلته من بينهم اخوه الاصغر ومسنة تبلغ من العمر ٧٢ سنة.
حيث اوضحت مصادر امنية، بان جل المخدرات التي تم حجزها عبر الحدود المغربية الجزائرية، كان يتحكم فيها البارون المحسن واخوته، مؤكدة ان ١٢٠ طن من المخدرات التي تم حجزها عبر التراب الوطني ٥٠ بالمائة منها بفضل مصالحها في حجزها، وكشفت ان عائلة البارون المحسن الذي يقضي عقوبة ٢٠ سنة سجنا قامت بشراء تلك العقارات نقدا، حيث لم يتم العثور في ارصدة افرادها على اي مبلغ مالي ما عدا ٣٠ الف دينار جزائري كمنحة لاحدى السيدات الطاعنات في السن، على اثر ذلك تم تقديم ١٠ من افرادها الى العدالة للتحقيق معهم، من بينهم خمسة تم وضعهم تحت الرقابة القضائية في حين صدر في حق اثنين منهم امر بالقبض، وما تزال القضية في التحقيق من طرف العدالة ومن المنتظر ان تمس حتى محضرين قضائيين و موثقين.
وذكر مسؤول أمني لـ«الشعب» أن عمليات الشرطة في المناطق الغربية، تهدف إلى القضاء على شبكات الترويج المحلي للمخدرات، التي تساعد الشبكات الكبرى على النشاط.
ويأتي مخطط التركيز على محاربة شبكات الترويج المحلية، بعدما ارتفعت محجوزات المخدرات إلى أرقام قياسية فاقت كل التوقعات.
حصيلة المخدرات المحجوزة تثير عدة تساؤلات عن دور أطراف مغربية أمنية تتورط بشكل مباشر، في تأمين معابر التسلل لعصابات التهريب مثلما أكدته عدة قضايا أثيرت مؤخرا في المغرب، وتشير التحقيقات إلى ما تشكله مثل هذه العمليات من مخاطر أمنية واقتصادية باستعمال السيارات المهربة في بلادنا بعد تزوير وثائقها، وحققت مصالح الأمن في امتدادات هذه الشبكات التي تستعمل سياراتها شبكات أخرى في المملكة المغربية مختصة في تهريب المخدرات، وهذا بعدما تم حجز ١٣ قنطارا من الكيف المعالج على متن سيارة فاخرة في شهر سبتمبر الماضي بشمال تلمسان من قبل نفس مصالح الأمن، وهي من النوع الذي لا يختلف عن السيارات التي تم حجزها في إطار تحقيق حول شبكات سرقة وتهريب وتزوير وثائق السيارات.
وفي ابرز عملية لمصالح الأمن تمكنت هذه الأخيرة من حجز ١١ سيارة فاخرة، وكشفت التحقيقات التي تجريها بالتنسيق مع الشرطة الدولية أنها مهرّبة للجزائر من طرف شبكة دولية عابرة للحدود تعمل على تحويل السيارات الفاخرة التي يتجاوز ثمنها المليار سنتيم على الأقل للجزائر خصوصا من الحدود الجزائرية ـ المغربية التي تشكل المصدر الرئيسي لعبور تلك السيارات بشتى الطرق والوسائل، بعد إدخالها للمغرب عن طريق الموان من إسبانيا وهولندا وفرنسا وألمانيا.
ويرتقب أن تأخذ التحقيقات أبعاداً دولية في عدد من البلدان الأوروبية التي تنشط فيها تجارة السيارات الفاخرة نحو شمال إفريقيا عموما والجزائر خصوصا.
٣٥٣٠ مليار سنتيم خارج المراقبة
وكانت اللجنة الثلاثية المكونة من مصالح الجمارك والضرائب والتجارة، قد رفعت تقريرا للسلطات العليا عن طريق والي ولاية تلمسان، بينها وزارة الداخلية التي اهتمت بالملف عقب تأكيدات وزير الداخلية والجماعات المحلية على مناقشة ملف التهريب، في اللقاء الذي جمعه بولاة الغرب شهر أكتوبر الماضي.
وحسب ما علمته «الشعب» من نفس المصدر، فإن تقرير اللجنة الثلاثية التي تشكلت عقب اعتماد قانون مكافحة التهريب سنة ٢٠٠٦، حمل أرقاما مثيرة للغاية تضمنت حجم الكتلة المالية المتداولة خارج نطاق المراقبة بالحدود الجزائرية ـ المغربية، والتي قدّرتها ذات اللجنة بنحو ٣٥٣ مليار سنتيم كما جاء في التقرير، عقب الشكاوى التي رفعها العشرات من تجار المدن الحدودية خصوصا مدينة مغنية ذات التعداد السكاني الذي يتجاوز ١١٤ ألف نسمة وأشار تقرير اللجنة الثلاثية التي تنشط على شكل ٣ فرق لمراقبة عبور المواد الاستهلاكية نحو النطاق الجمركي إلى مختلف أنواع التهرب والتحايل على القانون بواسطة التلاعب بالسجلات التجارية بأسماء وهمية بدون عناوين معروفة وهو ما يكبّد الخزينة العمومية خسائر هامة.
