قصد الحفاظ على الروابط العائلية بين الوطن والغربة

أبناء معسكر يختارون الصيف لتزويج أبنائهم

أم الخير.س

يفضل المغتربون المقيمون في بقاع مختلفة من العالم، و المنحدرون من منطقة معسكر و ضواحيها النزول بأرض الوطن في موسم الصيف ، المتزامن مع العطل السنوية لهم ، قاصدين بذلك مثل غيرهم من المغتربين من مختلف القطر الوطني ، الراحة في دفء مسقط رأسهم بين العائلة و الأحباب.

و خلال البحث عن الراحة و الاستجمام على السواحل الجزائرية التي تعتبر الوجهة المفضلة للمغتربين الذين يعدون بالمئات، هناك مقاصد و مآرب أخرى ، للمغتربين بولاية معسكر ، حيث يغتنمون فرصة التواجد بمسقط رأسهم للبحث عن زوجات لأبنائهم أو العكس، و في أغلب الحالات تنحصر عملية البحث عن زيجات لأبناء المغتربين داخل العائلة الكبيرة ، و إن تعدت حدود العائلة فهي تتسع إلى الأرياف و المناطق الريفية أين تختص بخيار الصبايا ذوات الحسن و الجاذبية و السن ما دون العشرين ، بشروط تلتزم بها العائلات المغتربة أن تكون العروس المختارة ذات دراية واسعة بأشغال البيت و تقاليد الأسرة ، و ذلك ما يختصر في عبارة “ البحث عن ربة بيت مثالية” .
و في رصدنا لأراء بعض المغتربين بالضواحي ، حدثنا “ الحاج امبارك 64 سنة “ أنه ينوي تزويج ابنه الأصغر مصطفى من ابنة أخيه ، و قد قصد “الحاج امبارك” القول في حديثه ، أن أمر زواج مصطفى من ابنة عمه أمر مبرمج منذ سنوات و هو قرار لا رجعة فيه إن كان للإبن خيار آخر ، خاصة و أن الطرفين المعنيين بالعلاقة الزوجية لم تربطهما علاقة تحضيرية لهذا العقد المقدس في فترة الخطوبة ، بالرغم من صلة القرابة بينهما ، و أضاف في كلامه مؤكدا أن العائلة أصرت أن لا يخرج عقد القران عن تفاصيله التقليدية القديمة إلا ما استثنى لقاءين اثنين للعروسين أو تلك التي سبقت البرمجة للزواج في إطار علاقة القرابة عملا بالنظام الاجتماعي الذي ينصُ على حجب العروس عن عريسها طيلة فترة الخطوبة ، و الغريب في الأمر أن الالتزام الشديد بالتقاليد العائلية ، يلقي بضلاله فقط على فكرة الزواج الشرعي من فتاة محلية المنشأ و الميلاد ، بالنظر إلى ما تبديه بعض العينات من المغتربين من عدم مبالاة و عدم اهتمام حيال تقاليد المجتمع المحافظ ، من خلال ما تعلق بطريقتها في العيش و الملبس و التعامل ،..التي تعكس نوعا ما تقاليد الحضارة الغربية المكتسبة لديهم و التي تنفي في أكثر الحالات التزامها و تحفظها الاجتماعي .
في حين برّر “ الحاج امبارك” اختيار عائلته الواقع على ابنة أخيه للزواج من ابنه مصطفى ، بالحفاظ على النسل النقي من الأحفاد فضلا أن تكون زوجة ابنه محافظة و شريفة باستطاعتها تربية الأحفاد على طريقة التقاليد المتوارثة و تصون شرف ابنه في مجتمع غربي ، غريب الطباع و مختلف الثقافات .
أما السيدة “ صليحة 45 سنة” فيختلف بحثها عن مثيلها في ديار الغربة ، و قد أوضحت في حديثها أنها شقت طريقها إلى أروبا أين استقرت و تزوجت من رجل مغربي ، و قد أثمر زواجها بفتاتين هما حاليا في مقتبل العمر ، و أضافت “ صليحة “أن سبب فشل زواجها هو اختيارها السيئ للرجل المناسب بعد أن أنكر الزوج المغربي نسبه لإحدى بناته و رفض الاعتراف بها بعد أن انفض عقد الزواج ، حيث أبدت السيدة المغتربة رغبتها في تزويج إحدى البنتين من نسيب جزائري توكل إليه أمر تسيير شؤونها بالخارج و تأمنه على حياة فلذة كبدها في حال استقر الاختيار على رجل صالح ، مثقف و متفهم للظروف المعيشية المعتادة في أروبا ، دون أن تتكرر مع ابنتها المأساة التي عاشتها الأم ، و تلك هي الشروط الأساسية التي ستضعها “ السيدة صليحة” لصهرها المستقبلي ، ملغية كل الشروط الباقية المتعلقة بالمهر و تكاليف الزواج .
و في سياق الموضوع ، تعرف أعراس المغتربين في ولاية معسكر ببساطتها التامة و تكاليفها المتميزة بالتقشف و حسن التدبير خاصة فيما خص مأدبة العرس مما يجعل العائلات المحلية تصف المغتربين بالبخل و الشح ، فالمغتربون يرتكزون في تكاليف الزواج على تقديم مهر جيد للفتاة يتراوح غالبا بين 50 ألف و 100 ألف دج بينما تكتفي العائلات المغتربة بإقامة مراسيم الزفاف في بيوتها العائلية باستثناء عدد قليل ممن يبادرون بكراء القاعات الفاخرة للحفلات و التي يصل ثمنها إلى 140 ألف دج في الليلة الواحدة و هناك تتاح فرص أخرى لاختيار أجمل الفتيات و أصغرهن سنا للأبناء المغتربين ، الأمر الذي يمكن وصفه من جهة أخرى بصفقات زواج ومشاريع مغرية للمتنافسات حول الظفر برجل مغترب .

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024