مع بداية كلّ صيف، يترقّب شباب المناطق الريفية في ولاية الجلفة بحماس لحظة نضج ثمار النبق، التي تنمو على شجيرات السدر المتناثرة بين الروابي والوديان، وتجمع هذه الثمار الصغيرة بعناية في أكياس محكمة الإغلاق، ثم تنقل من الريف إلى الأسواق الرئيسية في المدن الكبرى مثل الجلفة وحاسي بحبح وحد الصحاري وعين وسارة وغيرها.
تجسّد عملية قطف النبق أكثر من مجرد عمل موسمي، فهي تمثل تحديا حقيقيا. يروي أحد الشباب بإحدى قرى بلدية حد الصحاري تجربته في هذا المجال، قائلا: «أستيقظ في الصباح الباكر وأتعرض لأشعة الشمس الحارقة أثناء قطف الثمار. استخدام العصا لضرب أغصان الشجرة يتطلّب جهدا كبيرا، وأحيانا أتعرض للدغات العقارب والحشرات الأخرى، إضافة إلى صعوبة التعامل مع الأشواك التي تغطي شجيرات السدر.»
ويضيف الشاب: «جمع ثمار صغيرة الحجم ليس سهلا، فعملية تعبئتها ونقلها من الريف إلى الأسواق الحضرية شاقّة. ورغم كلّ هذه الصعوبات، يظلّ سعر النبق زهيدا مقارنة بالجهد المبذول، ممّا يعكس التباين بين التحديات التي نواجهها وفوائد هذه الثمار.
وتنتشر شجيرات السدر، التي تعطي إحدى أجود أنواع الثمار، النبق، وتصبح هذه الثمرة الصغيرة جاهزة للقطاف في نهاية فصل الصيف، ممّا يشكّل موسما مهما للعديد من شباب المناطق الريفية، حيث يقومون بعمليات النقل من الريف إلى أسواق المدن القريبة.
فوائد صحية ومصدر دخل للشباب
يشهد النبق إقبالا كبيرا نظرا لاحتوائه على فوائد صحية متعدّدة تجعله محل اهتمام الكثيرين. وتتميّز هذه الثمار بحجمها الصغير وشكلها الكروي ولونها البني، ممّا يجعلها محط اهتمام للمستهلكين. يعرف النبق بخصائصه المضادة للأكسدة التي تساعد في مكافحة الأمراض وتعزيز الصحة العامة. كما يستخدم النبق بشكل واسع كعلاج شعبي لعدّة مشاكل صحية، مثل الحساسية والتهابات الجلد والأمراض الهضمية.
وبالرغم من أنّ سعر النبق يبدو زهيدا مقارنة بالجهد المبذول في جمعه، فإنّ الطلب المتزايد على هذه الثمار يعزّز من قيمتها الاقتصادية ويجعلها فرصة مهمة لشباب المنطقة لزيادة دخلهم ودعم أسرهم، حيث يعملون جاهدين على تسويق هذه الثمار الطبيعية التي تحظى بشعبية واسعة بين السكان المحليين.
يتراوح سعر النبق في الأسواق بين 20 إلى 50 دينارا جزائريا للكيس الواحد، وقد يصل إلى 100 دينار جزائري بالنسبة للأكياس ذات الحجم الأكبر، فيما تختلف الأسعار أيضا حسب جودة الثمار وطلب السوق.
ويلاحظ أنّ سوق النبق يشهد حركة نشطة خلال موسم جني الثمار، حيث يسعى البائعون إلى جذب المشترين بعروض وأسعار تنافسية. وقد خصّص للنبق مكانا خاصا في الأسواق لعرضه، ممّا يعكس اهتماما خاصا من قبل التجار وحتى المشترين، كما يعرض النبق في بعض الأكشاك ومحلات المواد الغذائية في المدن.
ثمـرة تراثية وثقافية
النبق ليس مجرد ثمرة، بل يعتبر قيمة ثقافية وتراثية عميقة في منطقة الجلفة، حيث يرتبط اسمه بشجرة السدرة وبالتراث الريفي، ويعد جزءا من ثقافة المنطقة، وبفضل ازدياد الوعي بفوائد النبق وطلبه المتزايد في الأسواق، تبرز ثمرة النبق ككنز طبيعي ينمو في أراضي الجلفة، ممّا يسلّط الضوء على دورها الحيوي في الاقتصاد المحلي والصحة العامة، ويحافظ على إرثها الثقافي والبيئي في المنطقة.