طباعة هذه الصفحة

ذاكرة مكان

مسجد الكوثر..تحفة تزيّن مدينة الورود

 يشتهر مسجد الكوثر بعراقته التي ترتبط بتاريخ المدينة، حيث واكب وجوده الأصالة والحداثة عبر حقب زمنية شهدتها مدينة البليدة العريقة.
تأسّس هذا المسجد في سنة 1533م على يد الشيخ سيدي أحمد الكبير، حيث بني بفضل تبرعات وهبات أهل المنطقة الذين تضامنوا لأجل بناء مسجد يقيمون فيه الصلاة، ويتعلمون فيه تعاليم الدين الإسلامي.
يحتلّ مسجد الكوثر ككل مساحة تقدر بـ 12 ألف متر مربع، يضم بالطابق السفلي مدرسة قرآنية، وقاعة للمحاضرات، وبيوتا للوضوء، ومكتبتين: داخلية وخارجية، تحوي كتبا في مختلف المجالات، كما يوجد بالمسجد مركز ثقافي إسلامي، بينما توجد قاعة الصلاة بالطابق العلوي، وتقدّر مساحتها بحوالي 4 آلاف متر مربع تسع 8 آلاف مصلّ، ترتكز على 25 عمودا منها أعمدة مزدوجة.
يحتوي المسجد على قبة كبيرة، تعد من أكبر القباب في المساجد بالجزائر، ويمكن رؤية قبته المشهورة من أي جهة من جهات المدينة، ويمتاز باحتوائه على أربعة مآذن مثمنة الشكل، يبلغ طول الواحدة منها 60 مترا، بحيث يمكن للرائي رؤيتها بمجرد أن يرفع رأسه للأعلى فيجدها شامخة في السماء. ويوجد بداخله محراب منقوشة عليه آيات قرآنية بالجبس، ومنبر ثابت مبني بالرخام.
تعرض المسجد في فترة الاحتلال الفرنسي إلى التهديم والتخريب، وبني في مكانه كنيسة كاثوليكية، وظلت إلى فترة ما بعد الاستقلال، لكن سرعان ما استرجع المسجد عمله الأصلي سنة 1974م، حيث تم تهديم الكنيسة، وبناء مسجد الكوثر في مكانها وافتتح رسميا سنة 1981م، وتعاقب عليه كبار الأئمة بالجزائر، كالشيخ علي الشرفي، الشيخ الزبير، ومحيي الدين تشاتشان.
تحوّلت ساحة المسجد مؤخرا الى متنفس للعائلات والأطفال، حيث أصبح منارة للسياحة الدينية، ومقصدا للوفود الأجنبية التي تزور المدينة، والتي تهتم بالبنايات الأثرية القديمة.