طباعة هذه الصفحة

هوية أمّة وأصالة مجتمع

الأواني الفخارية زينة المطبخ في ڤالمة

قالمة: مرابطي آمال

عرفت الاواني الفخارية في السنوات الاخيرة اقبالا كبيرا من السيدات اللائي يبحثن عن النكهة المتميزة لاطباقهن خاصة التقليدية منها. وزاد الاقبال بصفة محسوسة في شهر رمضان، حيث تتقن ربات البيوت في اعداد اشهى الاطباق والذها. “الشعب” تتوقف عند هذه الوضعية بقالمة.
تجولت “الشعب” في مختلف الاسواق الشعبية بقالمة بغية التعرف على السر الذي يقف وراء هذه الصحوة التراثية للمواطن الجزائري، الذي أصبح يبحث عن جذوره التاريخية ومميزاته التاريخية.
وفي هذا الصدد ترى غموش نادية في تصريح لنا بأن الأواني الفخارية أدوات من الماضي، غزت مطابخ وموائد الجزائريين في شهر رمضان.
وكنظيراتها من ربات البيوت اعترفت السيدة انها وقبل حلول الشهر الكريم اشترت بعض الاواني الفخارية من اجل تقديم وتحضير وجبة الافطار فيها لانها تضفي على الاكل طعما ورائحة خاصة جدا.
وتضيف غموش لـ “الشعب”: “ تعد صناعة الفخار من أقدم الصناعات التقليدية في الجزائر ، ارتبطت بالحياة اليومية للسكان التي استدعت ابداعهم في هذه الصناعة لتسهيل متطلباتهم الحياتية، ولكن حسبها تعرف هذه الحرفة نقصا في المهتمين بأحيائها بسبب الأواني العصرية التي غزت المطابخ، وكذا زحف الاستيراد الاسياوي وما يفرضه من أسعار تنافسية يتهافت عليها العائلات ذي الدخل المحدود.
كما أكدت زموش لامية ربة، وجدناها  بمحل لبيع الأواني الفخارية بوسط مدينة قالمة لـ “الشعب”: “قبل حلول رمضان بايام بعض الأواني الفخارية لتزيين مائدة الإفطار، بالإضافة إلى الملاعق الخشبية التي تزيد الأواني الفخاري أبهة ورونق، خاصة في الشهر الكريم الذي له نكهة متميزة يزيدها التراث عبقا من الماضي الأصيل”.
أما مريم فتقول: “كل سنة، تستعد الأسرة الجزائرية كعادتها للشهر الفضيل باقتناء كل ما هو جديد، ومن جهتي قمت بشراء الأواني الفخارية لإعداد المأكولات الشعبية  التي تزين موائد الإفطار، فكل مرة اشتري فيها أواني فخارية للمطبخ، اشعر انني اعطيته هوية وبعدا تاريخيا عريقا، وربما هو بحث مضن عن جوهر الجزائري الذي ضاع بين موضة الأتراك والايطالي والاسباني والفرنسي، فاصبح المطبخ غريب وبلا انتماء”.
من جهته أشار زوجها محمد إلى حرصه على اصطحاب أسرته لشراء الأواني الفخارية باسعار مناسبة.
وفي ذات السياق، تتحدث وردة زرقين لـ«الشعب”، عن حبها للأواني الفخارية خاصة في إعداد الطعام وكذا لما لها من قيمة جمالية في المطبخ قائلة: “أول ما اشتريته بوقال الماء، لانه الأفضل لحفظ الماء فمن الناحية الصحية يعد احسن من قارورة البلاستيك التي نستعملها اكثر من مرة رغم انها لا تتعدى المرة الواحدة”،
وقالت أيضا: “اقتنيتها على جوانب طرقات مدن قالمة وخاصة قسنطينة حيث يتوقف  الكثير من عابري الطريق الوطني لشراء  المعروضات الفخارية اين تجدها مزينة بمختلف الألوان، فيما تركت الاخرى بلونها الطبيعي”، وتقول: “لا يمكنني تخيل نفسي اعد الشربة في غير قدر الفخار لان له نكهة خاصة”.
 حرفة يضفي عليها رمضان بعدا آخرا
  وكان لـ« الشعب” حديث مع طير مسعود  صاحب ورشة “ريان للفخار” الكائنة بحي ابراهمية أمام محطة بوشقوف 30 كلم شرق قالمة، الذي قال في هذا الصدد: “ان الاواني الفخارية في السنوات الاخيرة تعرف اقبالا كبيرا من العائلات الجزائرية التي اصبحت مرتبطة اكثر بالتراث والتقاليد لانها مقتنعة ان المجتمع لن يحقق ذاته بعيدا عن اصالته، خاصة مع حلول الشهر الفضيل الذي له روحانية خاصة”.
وعن بداياته في هذه الحرفة اضاف طير مسعود لـ “الشعب” ان علاقته الاولى بها كانت تجارية لانه كان يبيعها في محل، ولكن مع مرور الوقت صرت مقتنعا انه يريد تعلم هذه الحرفة التي تميزها الاشكال والالوان التراثية التي تحكي في كل تفاصيلها رحلة الشعب الجزائري عبر الزمن، لذلك فتح ورشته الخاصة وظف  فيها حرفيين”.
 ولاضفاء قيمة جمالية اكبر على منتوجاته الفخارية، استعان طير مسعود بحرفي تونسي خبير بهذا المجال، واضاف قائلا:
«تعتبر صناعة الفخار واحدة من أقدم الصناعات اليدوية التى تواصل صمودها رغم رياح التغيير التي هبت على المجتمع. ولم تقتصر صناعة الفخار على الأوعية والأوانى بل استعملت أيضا للديكور المنزلي وللزينة، حيث يضفي بلونه  الطبيعي لمسة تقليدية تعبر عن التراث والأصالة”.
وحول مستقبل مهنة صناعة الفخار يقول: “التراث سمة المنطقة وهويتها التي يعتز بها أبنائها والحفاظ عليه مهمة وطنية كل فرد من المجتمع معني بها”.
كما اوضح البائع محمد أن النساء يقبلن على شراء الاواني الفخارية أكثر من الرجال خاصة في رمضان، لمعرفتهن بأهميتها في حفظ حرارة الأطعمة وإعطاء مذاق خاص لها، لافتاً إلى أن الطلب على الأواني المنزلية تكون لتحضير الوجبات الشعبية واهم ما يطلبه الزبائن هو “طاجين الكسرة”.
اما أسعارها فهي معقولة، حيث تتراوح قيمة القدر من 600 دج الى 1000 دج للمتوسط وما فوق حسب احتياجات العائلة من الحجم، فيما تراوح سعر الطاجين من 500 دج إلى 700 دج، حسب الحجم والنوعية، فهذه الأواني أصبحت حسب محمد من المميزات التراثية والتقليدية للسكان في قالمة.