طباعة هذه الصفحة

يتجاوز السبعينات من العمر وهو آخر من يعلم

الشيخوخة تدخل الناس في دوامة النسيان

الشيخوخة المهنية لا علاقة لها بالزمن وبالسن، يُصاب بها مبكراً فنان، كاتب أو طبيب، عندما يتوقف عن المتابعة ورصد ما يطرأ من تطورات على مهنته.. الطبيب الذي لا يقرأ ما يصدر من دراسات وأبحاث بتسارع دراماتيكي يجد نفسه وقد توقف عن النمو عند محصلة ما، وكذلك الفنان الذي اختار أسهل الطرق وهو التكرار وتقليد الذات الذي قد يكون أحياناً أسوأ من تقليد الآخرين! التفاصيل في هذه الوقفة لجريدة «الشعب».
في هذا النمط من الشيخوخة قد يجد ابن الثلاثين نفسه قد تجاوز السبعين أو الثمانين وهو آخر من يعلم لأنه بسبب الكسل الذهني والركون إلى العادة والتكرار لا يتقدم إلا في العمر.
ولا ندري لماذا لا يتنبه البعض إلى الشيخوخة غير المرتبطة بالزمن والعمر، ومنها أيضاً شيخوخة الحواس والعقل.
وهناك أمثلة عن رجال ونساء احتفظوا بسلامة العقل وعافية القلب والذاكرة حتى سنّ التسعين، ومنهم من تَنَدّر على الشباب عندما بلغ الثمانين وهو الشاعر الفرنسي «غلفلك» الذي قال بأنه عندما بلغ الثمانين احتفل بعيد ميلاده العشرين للمرة الرابعة، ولم يقل ما قاله شاعرنا الحكيم زهير بن أبي سلمى وهو أنه حين بلغ الثمانين سئم تكاليف الحياة!
ومن أدركتهم الشيخوخة المهنيّة مبكراً كان أمامهم أن يمارسوا انقلاباً على أنفسهم وواقعهم ويردموا الفجوة بين ما توقفوا عنده وبين ما طرأ على العالم المحيط بهم من تطورات، لكن المسألة كلها تبقى منوطة بالإرادة التي إذا أصابها الشلل توقف كل شيء عن الاستجابة للتحدّيات وفقد القدرة على التأقلم شأن كل الكائنات التي أصبحت عرضة للانقراض بدءاً من الديناصور بسبب العجز عن التأقلم.
لكن من تدركهم شيخوخة المهنة لا يدركون ذلك من تلقاء أنفسهم ويحتاجون إلى من يُذكّرهم، وهنا يأتي الدور الإيجابي للنقد في كل ميادين الحياة!
وفي هذا السباق الماراطوني المحموم الذي امتاز به عصرنا تصبح الإصابة بالشيخوخة المهنية قدر من قرروا أن ليس بالإمكان أفضل مما كان!!