طباعة هذه الصفحة

نساء في الواجهة

كرّمتها جمعية طريق السّلامة لزرالدة وأمن الدائرة سائقة مثالية

سعيد بن عياد

رابحي أم الخير تقطف ثمرة 40 سنة سياقة دون حادث أو مخالفة

اختيرت سائقة مثالية في مبادرة الأولى من نوعها لجمعية طريق السلامة وأمن دائرة زرالدة، التي كرّمت من خلالها بمناسبة اليوم العامي للمرأة في 8 مارس 2017، سيدة سائقة تحصّلت على رخصة قيادة السيارة في 27 أوت 1977 ولم ترتكب حادثا أو تحرر لها مخالفة بعد 40 سنة سياقة، ويتعلق الأمر بالسيدة أم الخير رابحي التي كانت أولى بداية تعلمها السياقة بأقدم مدرسة لا تزال تنشط بسطاوالي، كانت يومها المرأة الوحيدة وسط رجال تقبلوها في تنافس تعلم قانون المرور والسياقة التي تعتبرها حلقة ثقافية تهذب السلوك وترافق صاحبها في الارتقاء اجتماعيا من خلال اتباع صارم لقواعد سياقة سليمة وذات لمسة فنية.

تتذكّر أم الخير (المدعوة فتيحة) وهي إطار في مؤسسة جيدا تلك المرحلة وكيف حفظت قانون المرور عن ظهر قلب، غير أنّ سنّها المبكر أدخل الممتحن في شك ليقرر إعادة الامتحان، فنالته في الاختبار الثاني بينما في أول امتحان للسياقة نجحت فيه عن جدارة.
بعد سنة فقط، أي في 1978، دخلت الطريق بسيارة «باسات» برازيلية الصنع لتصبح سائقة مثل غيرها من أصحاب المركبات المختلفة، إلاّ أنّها تميّزت إلى اليوم وبقناعة باحترام قانون المرور واتّباع صارم لإشارات الطريق التي لم تكن كما هي اليوم عرضة للتهور وغياب الشّعور بخطر تجاوز قواعد السياقة.
وانطلقت بسيارتها التي تحوّلت إلى رفيقتها في كل يوم تستهويها وتضعها في مقدمة المشهد الاجتماعي لتجوب مسافات طويلة على امتداد التراب الوطني لكن دون أن تغفل لحظة عن مبدئها في الحذر من السرعة، التي تحرص على عدم تتجاوزها مهما كانت الظروف.
وحتى إذا غيّرت السيارة من «سوبر 5» إلى «206» ثم «كليو 3» حاليا، فإن سلوكها في السياقة لم يتغير، وتواصل بنفس القناعة تعاملها مع سيارتها التي تعتبرها مكسبا للإنسان ينبغي استعمالها بعقلانية. وبالنسبة إليها تمثل السيارة - إضافة إلى أنها وسيلة نقل - مصدر استقلالية وأداة رفاهية خاصة مع الحالة المتدنية لوسائل النقل العمومي المختلفة.

كيف اختيرت سائقة مثالية؟

كانت المفاجأة كبيرة لما توقفت عند حاجز لمراقبة حركة المرور على مستوى الطريق السريع، وهي قادمة من بن عكنون باتجاه سطاوالي وبالذات على مستوى بوشاوي، أصابتها دهشة مع أنها كانت مطمئنة لكونها لم ترتكب مخالفة، فاعتقدت أنّ الأمر مجرد عملية مراقبة روتينية. غير أن رؤية أعضاء جمعية طريق السلامة لزرالدة يتقدمهم محمد العزوني رفقة أفراد الدرك الوطني بحضور أثار استغرابها لتعلم وهي في سعادة أنها اختيرت أحسن سائقة مثالية على مستوى الدائرة الإدارية لزرالدة، فأذرفت الدموع تأثّرا بالتكريم الذي لم يكن يتبادر يوما إلى ذهنها.
وأدركت أم الخير حينها أنها محل اهتمام وعناية من المجتمع المدني (جمعية طريق السلامة لزرالدة صاحبة المبادرة)، إذ وبعد 40 سنة تقطف تكريما متواضعا تستحقه لتكون أول امرأة تنال جائزة السائقة المثالية، آملة أن تتحوّل المبادرة إلى  تقليد يشمل كل الولايات لكن بتظافر الجهود. وتمثل هذه الالتفاتة غير المسبوقة أسلوبا جديدا في نشر ثقافة السياقة السليمة وكسر اتجاه تصاعد حوادث المرور التي تعتبرها محدثتنا اكبر كارثة تصيب المجتمع الجزائري لتطلق نداء إلى أصحاب المركبات تدعوهم إلى احترام قانون وإشارات المرور بمبادرة ذاتية فتكون النجاة أكيدة.

شروط بسيطة لتفادي الحوادث

تتلخّص الشّروط حول قاعدة أصلية تتمثّل في اتباع سلوكات دقيقة ومنتظمة وثابتة في سياقة المركبة مهما كانت قوة وميزة السيارة، ويكون الانسان رجلا أو امراة مثالا يحتذى به في المجتمع خاصة من الشباب علما أنّ مصالح الأمن والدرك المرورية لم تعد تحرر مخالفات إنما تمنح تكريمات، وهذا أمر هام في تحسين سياسة الوقاية. وهنا تعتبر اعتماد رخصة السياقة بالتنقيط بالخيار الجيد من أجل الوصول الى مستوى متقدم في السيطرة على المرور بتقليص للحوادث التي تكلف الميزانية والأسرة أعباء إضافية يمكن توجيهها إلى قطاعات اقتصادية.
وعن مدى تأثرها بحادث مرور تقول أم الخير بعبارات تعكس تألمّا عميقا: «لما أسمع بحادث ينتابني حزنا شديدا»، فالمرأة حسّاسة جدا لما حولها لتطلق نداء إلى السائقين بضرورة احترام إشارات المرور، خاصة تلك التي تحدد السرعة أو تمنع التجاوز».
وتتساءل: كيف تتواصل حوادث مميتة في وقت تضع الدولة كل الامكانيات للحد منها من حيث القانون أو التواجد المكثف لمصالح أمن المرور المختلفة؟ لتوضح أنّ توقيف سائق على مستوى حاجز لا يعني ارتكابه مخالفة بقدر ما تكون عملية مراقبة أو لفت انتباه بشأن السير أو التذكير بقاعدة خير وقاية احترامنا جميعا بما في ذلك الرّاجلين للقانون. لذلك توجّه تحيّتها لأفراد البذلة الزرقاء والخضراء المتواجدين على امتداد طرق الدائرة الادارية لزرالدة على حرصهم وسهرهم في خدمة مستعملي الطريق.
ودّعنا السّائقة المثالية وهي تشعر بمسؤولية أكبر في حمل هذا التّكريم، الذي يمثل في المضمون رسالة تنقلها من خلال مواصلة السياقة بنفس السّلوك بدءاً بنشر ثقافة الحفاظ على السيارة، معتبرة أنّها أصبحت تحمل رسالة نبيلة تجسّدها في المجتمع، متمنية أن تكون سنة 2017 سنة تراجع الحوادث، وأن يتم توسيع مبادرة التّكريم إلى كل البلديات.