طباعة هذه الصفحة

موسود الشريف مدير مدرسة صالح الدّيب بباب الوادي

مسار طويل، وفاء لرسالة التّعليم والتّربية ورضا الأجيال

سعيد بن عياد

حبّذا لو يشارك الأولياء في تكريم النّجباء  في يوم العلم

على أطراف مدينة باب الوادي تدب الحياة داخل مدرسة علي الدّيب (صحفي توفي في حادثة طائرة فيتنام في 1974)، فيما واصل مديرها موسود الشريف مهمته غير مستسلم للظروف وإفرازات المحيط ليحافظ على ديمومة هذا المرفق التربوي، الذي فتح أبوابه في 1836 ويضم حاليا 165 تلميذ يتلقون العلم في 6 حجرات بمعدل 35 تلميذا بالقسم. وتضمن 7 معلمات بنشاط لا يتوقف أداء المهمة (6 في اللغة العربية و1 في اللغة الفرنسية) في كنف الهدوء والانسجام. ويفتخر مدير المؤسسة بتسجيل نتائج جيدة في الفصل الأول، فيما يرتقب أن تترتب برامج الجيل الثاني (تشمل سنوات 1 و2) على نتائج نوعية مأمولة تعزز معدلات النجاح.

بهدوئه وابتسامته التي يقاوم به متاعب التسيير اليومي ليجعل تلاميذه في راحة واطمئنان، يراهن على التعاون وقيم الاحترام ليوفر المناخ الايجابي الملائم لتحسين الأداء التربوي، الذي يظهر مؤشرات بوادر ايجابية كما يؤكده، ويعتبره أولى جبهات التصدي للإفرازات السلبية للعولمة.
التحق موسود بالتعليم في 1981 ليخوض مسارا مهنيا طويلا تميز بالالتزام والوفاء لرسالة التربية، إلى أن تولّى مسؤولية الإشراف على إدارة المدرسة في 2010. وهي المهمّة التي تعتبرها تضحية أخرى كون لا مزايا ولا مكاسب تترتب عنها، ولذلك يصنّفها ضمن خانة الواجب كونه يفتخر كلّما رأى براعم مدرسته يكبرون ويصلون إلى مراتب متميّزة مستقبلا.
مع أنّه لم يستفد من مسكن وظيفي يقربه من عمله، إلا أنه يحرص على أداء واجبه بإخلاص، بحيث أنّه أول من يصل وآخر من يغادر، ويكفيه رضا الضمير. ولعل المشكلة الأخرى التي يواجهها في هذا الفصل تتعلق بالمطعم الذي توقفت خدماته إلى حين كتابة الأسطر بسبب مشكلة تتعدى إطار صلاحياته وينتظر حلولا بعد إخطار الوصاية والسلطات المعنية بالأمر.
يرتكز عمله على علاقة جيدة مع الأولياء الذي فيهم من يولي اهتمام ومن لا يعير للأمر عناية، ولذلك يعتز بانعدام أي عنف لفظي أو جسدي داخل المؤسسة، وبرأيه  هناك بعض الأولياء، وهم قلة، سبب العنف (يعتبره ظاهرة اجتماعية والمدرسة بريئة منه) عندما يصرخون في وجه المعلم أمام تلميذه أو يصل الأمر إلى حد إطلاق تهديدات أو سلوكات غير مشروعة. ويتساءل كيف تكون المدرسة سببا في ذلك والمناهج التربوية تدعو إلى التسامح والتضامن وحسن الجوار وإكرام الضيف، لذلك، حسبه، المحيط العام هو المصدر لهذه الآفة.
ولحماية التلاميذ من أي خطر يتبع المدير مخططا عمليا لتسييرهم إلى داخل وخارج المدرسة بإتباع قواعد الهدوء والنظام تحت أعين حارس يخضع للمتابعة. ويأسف لما عرفته علمية التلقيح من اشكال رغم تحضير كل شيء محملا الأولياء مسؤولية العزوف.
بعد كل هذه السنوات يقول: «كما دخلت أستعد للمغادرة إلى التقاعد»، ويعتبر محدثنا الذي استقبلنا بمكتبه المتواضع أن مهام مدير مدرسة أكبر بكثير من راتبه كونه المشرف التربوي والإداري، ويتابع المطعم ويسهر على الأمن ويتكفل بالعلاقات الخارجية. ويوجّه بالمناسبة نصيحة إلى المعلمين لمزاولة التكوين المستمر المثابرة لارتباط علمهم بمستقبل الأجيال.
تركنا الرجل يضبط تحضيرات إحياء يوم العلم، آملا أن يشارك الأولياء في العملية لتكريم النجباء بهدايا رمزية، ذلك أن سعادة الأب تكتمل بسعادة أبنائه وهم يشقون طريق العلم محصّنين بالأخلاق وإرادة التحدي.