طباعة هذه الصفحة

قبلتهم المفضلة بحثا عن حميـة أو عـلاج صحـي

مواطنون يتوافدون على أطباء التغذية

استطلاع: فتيحة.ك

ظهرت في السنوات الأخيرة عيادات لم نعتد وجودها من قبل، هي لأطباء التغذية الذين صاروا خيار الكثيرين للحصول على تغذية صحية أو حمية تعتمد في جوهرها على حساب الحريرات التي يأكلها الفرد، لا الانقطاع على الأكل، كما تعودنا سابقا.
نزلت “الشعب” إلى الشارع وسألت المواطنين عن سر الإقبال على مختصي التغذية وجمعت لكم هذه الآراء.
أبحث عن قائمة طعام متوازن
مسيكة بن داني، 54 سنة، منذ خمس سنوات تواظب على زيارة أخصائي تغذية بالعاصمة، سألتها “الشعب” عن السبب فقالت: “في نهاية العقد الرابع من عمري وعند بلوغي قمة مرحلة سن اليأس، بدأ وزني في الارتفاع بطريقة غريبة، جعلتني انتقل من 75 كغ إلى 120 كغ، ما جعلني أبدو كالكرة المنفوخة. وليت الأمر انحصر في الجمال فقط، بل أصبحت أعاني الثقل والخمول، وآلاما في الظهر والركب والرقبة.
عند بلوغي الخمسين، أصبت بالسكري وارتفاع ضغط الدم، ما جعلني أفكر في حمية غذائية تساعدني على العيش بطريقة على الأقل طبيعية، حاولت اتباع الإرشادات التي يقدمها لي الأطباء الذين أراجعهم بشأن حالتي الصحية، لكن دون جدوى. لم أتحرك من 120 كلغ ولو غراما واحدا، الأمر الذي أدخلني في دوامة لأنني عاجزة عن اتباع حمية غذائية قاسية، بحثت في الفايسبوك عن طعام أو حيل تساعدني، لكن هيهات أن يكون الحل بهذه السهولة”.
أضافت مسيكة قائلة: “عملي وتنقلي الدائم بين المصالح وضعني في حرج بسبب وزني ومظهري الذي يسبب لي الكثير من الحرج، ففي إحدى المرات سمعت إحدى همسات السخرية تخرج من أفواه بعض الزملاء والزميلات، أصبت جراءها بارتفاع ضغط الدم، نقلت على إثرها إلى المستشفى، أين نصحني الطبيب بإنقاص وزني وأعطاني رقم هاتف طبيب مختص في التغذية وأخبرني أنه سيساعدني كثيرا. وبالفعل، عندما ذهبت إليه حدد لي قائمة الطعام الواجب تناوله، مع إقصاء بعض المواد كالخبز والحلويات والعجائن.
مع مرور الوقت أصبحت أشعر بفرق بدأ يظهر على جسمي والراحة التي كنت أشعر بها، وبعد أربع سنوات استطعت الرجوع إلى وزني السابق، ما جعلني أشعر بالسعادة والفرح”.
واستطردت مسيكة قائلة: “قبل زيارتي الطبيب، كنت أظن أنه سيعطيني حمية غذائية قاسية تجعلني أموت جوعا، لكني تأكدت بعد المتابعة، أن أخصائي التغذية يحسن ترتيب أوليات الطعام ويعرف جيدا كيف يضع قائمة الأكل الصحية التي تبعدنا عن أغلب المضاعفات الصحية التي تكون غالبا مرتبطة بالنظام الغذائي الذي يفضله الكثير منا، حتى أنك مع مرور الوقت تصبح خبيرا بما يجب اختياره من الطعام لتحافظ على جسمك سليما”.
مهدي. س، 35 سنة، ممثل لإحدى العلامات التجارية، قال عن الموضوع: “لم أكن أتخيل يوما أنني سأضطر إلى زيارة طبيب مختص في التغذية، خاصة أنني لم أشتك يوما من المرض أو المسنة، فمنذ صغري أملك جسما رياضيا جعل المؤسسة التي أعمل فيها تعييني كممثل لها، حيث أقوم بعرضها وتقديمها لمختلف الجهات المعنية من أجل تسويقها، لكن منذ سنتين عانيت الأمرين بسبب زيادة وزني بسبب خلل في الهرمونات، الأمر الذي استدعى إيجاد حل سريع وأكيد حتى لا أفقد الامتيازات التي أتمتع بها.
بالفعل زرت طبيبا مختصا في الغدد وأخصائيا في التغذية في نفس الوقت، من أجل الحصول على نتائج سريعة. واستطعت، بعد ستة أشهر فقط، استرجاع جسمي الرشيق وكذا تجاوز الأعراض التي تتسبب فيها اضطرابات الغدة الكظرية، ولولا الحمية التي أوصاني بها أخصائي التغذية لما استطعت فعل شيء”.
وأضاف مهدي قائلا: “عندما توجهت إلى الأخصائي، ظننت أنني سأكون مع قلة في عيادته، لكن كان الصحيح أن دخولي تطلب ثلاث ساعات من الانتظار بسبب العدد الهائل من المرضى الذين جاءوا بحثا عن الحمية الصحية التي تجعلهم أحسن، والأكيد أن الإقبال الذي نراه اليوم على أخصائي التغذية مردية غياب التوعية الصحية بالنمط المعيشي الذي سيطر على يومياتنا وجعلنا لا نبحث عن الأكل الصحي بل نشتري فقط ما يشعرنا بالشبع ولعل الانتشار الرهيب لمحلات “الفاست-فود” خير دليل على ذلك، لأن أغلبها لا تراعي الشروط الصحية في حفظ الطعام ما يؤدي الى تفاعل كيميائي قد يتسبب في مضاعفات صحية خطيرة، بل أكثر من ذلك الأكل غير الصحي الذي نتاوله في الشارع جعل نسبة السمنة ترتفع وتهدد حتى الأطفال، لذلك كان لزاما على المستهلك الرجوع إلى الطعام الذي يعود على جسمه بالمنفعة، ولكن اتباع نمط غذائي خاطئ لسنوات طويلة جعل مهمة العودة صعبة، لذلك يلجأ الكثيرون إلى أخصائي التغذية من أجل نظام غذائي صحي”.
«الصورة النمطية للعروس فرضت عليّ حمية”
سميرة ساعد، 36 سنة، تزور أخصائي التغذية بحي “لابروفال” بالقبة منذ سنة تقريبا، سألتها “الشعب” عن السبب فأجابت: “منذ صغري أشكو السمنة ولكن لم أبال يوما بها، رغم كل التعليقات والتهكم الذي أسمعه من أقاربي بسببها. لكن عندما خطبت وأصبح لزاما علي عرض مختلف الملابس التقليدية وفي قاعة الحفلات، يوم عرسي، فكرت في إنقاص وزني ولو قليلا حتى تبدو الملابس جميلة. فالموروث البصري للمجتمع عن العروس، هي صورة فتاة فائقة الجمال، قدها ممشوق، نحيف وطويل، وحتى أكون مثلها قررت اتباع حمية غذائية، لكن تحت إشراف طبيب مختص حتى لا أعرض نفسي للخطر. وبالفعل الى غاية اليوم فقدت 10 كغ من وزني ونزلت من قياس 50 الى 46، طبعا هو ليس القياس المثالي لعروس، لكن ربما أصل إلى 40 شهر أوت المقبل”.
ولاحظت سميرة قائلة: “أصبح اليوم قوام المرأة مهمّا في الزواج ما وضع البدينة في القائمة السوداء للشباب، لأنهم يفضلون الرشيقة والنحيفة، بل أكثر من ذلك الفتيات اليوم تشترطن في فارس أحلامهن الجسم الرياضي، على عكس ما كرسته الثقافة الشعبية في الماضي، بجعل المعايير التي تختار على أساسها العروس مرتبطة بما تتقنه من أعمال وحرف وكذا أصلها وعائلتها، كان مفهوم الجمال مختلفا عما هو معروف اليوم، ربما المسلسلات التي تعرض في مختلف القنوات الجزائرية والأجنبية رسخت صورة معينة للمرأة التي تكون في الغالب وكتانها عروس بحر”.
في سياق حديثها مع “الشعب”، روت لنا قصة إحدى قريباتها التي طلقها زوجها بسبب فشلها في إنقاص وزنها الذي تضاعف بعد إنجابها طفلين، وكانت حجته في ذلك أنه عندما تزوجها كان وزنها لا يتجاوز 60 كغ واليوم هي على عتبة 110 كغ، هذه القصة، بحسب سميرة، كانت بمثابة الصدمة بالنسبة لها، لأن قريبتها كانت مصابة بالسكري، لذلك لم تستطع التحكم في الاتفاع المفاجئ لوزنها، لكن الزواج اليوم أصبح مرتبطا بمفاهيم مغلوطة لان العشرة والأخلاق النبيلة هي ما تعطي المرأة أهلية الارتباط.
 غداؤك... سر صحتك
فاطمي دنيازاد، أخصائية تغذية، أكدت لـ “الشعب” أن السر الذي يقف وراء هذا الاقبال هو البحث عن نظام غذائي صحي ومتوازن بعيدا عن الدهون والسكريات وعن الحميات العشوائية التي قد تسبب أمراضا مثل فقر الدم او انخفاض السكر في الجسم، لذلك أصبح الجزائري يذهب الى الطبيب من اجل قائمة طعام تعود بالفائدة والنفع على الجسم.
ولاحظت ان النمط المعيشي للكثيرين أصبح مرتبطا ارتباطا وثيقا بالأكل في الخارج، ما يهددهم بالأمراض وهو السبب وراء انتشار العديد منها، خاصة سرطان القولون، الكولسترول، الإمساك، السكري وأخرى... فالطعام الذي نأكله يجب أن نراعي فيه صحيته وتوازنه.
ولاحظت فاطمي دنيازاد، أن المرضى الذين يذهبون إلى أخصائي التغذية ينقسمون الى نوعين، الأول يبحث عن الرشاقة والنحافة. والثاني يبحث عن نظام غذائي يتلاءم وما يتطلبه المرض الذي يعانيه خاصة السكري، القلب، ضغط الدم، والسرطان... فالعدد الكبير للمرضى جعل الأطباء المختصين لا يستطيعون إعطاء المريض النصائح الكاملة عن الأكل الذي يجب اتباعه، فمثلا مريض هشاشة العظام يجب ألا يتعدى وزنه حدا معينا حتى لا تصبح سمنته عبئا على جسمه، لذلك يأتي لطلب النصائح من أجل انتقاص وزنه، وكذا الحد من آلام الظهر والركبتين.
ولاحظت الأخصائية أن النظام الغذائي يجب مراقبته منذ الصغر، حتى ينشأ الطفل وهو يملك ثقافة غذائية صحية، ما يقيه عديد المشاكل في كبره.
وأكدت أن بعض الأولياء يعرضون آباءهم على أخصائيي تغذية من أجل معرفة الأكل المتوازن الذي يليق بصغيرهم، خاصة وأن السمنة اليوم أصبحت تتهدد الصغار. وركزت في ذات السياق على أهمية نشر الوعي بأهمية الغذاء الصحي والمتوازن وسط المتمدرسين والأطفال في الروضة، لأن الأمر متعلق بحياة آمنة وبعيدة عن كل ما يعكرها من آلام أو مرض. وأكدت أن أغلب الأمراض المنتشرة اليوم مرتبطة بالطعام غير المتوازن، إذ غالبا ما يكون مشبعا بالدهون والسكريات، ما يجعله يحتوي على سعرات حرارية كبيرة.