طباعة هذه الصفحة

محلات التوابل، الاواني و كتب الطبخ

قبلة السيدات استعدادا للشهر الفضيل في معسكر

معسكر:أم الخير.س

لا زالت الشعائر و المواسم الدينية تكتسي أهمية خاصة في وسط المجتمع الجزائري تظهر من خلال مظاهر التغيير الطارئة على حياة الجزائريين في كل موسم ديني ،و تترقب العائلات المعسكرية كغيرها من الجزائريين ، حلول الشهر الفضيل ، بقلوب مليئة بالرضي و الإيمان و شوق لضيف ينفض خيراته و بركاته على الغني و الفقير .
 لرمضان لون و رائحة زكية تفوح بعبق التوابل تسبق حلوله باسابيع  و بمثل باقي العائلات في القطر الوطني تستعد العائلات المعسكرية لاستقبال شهر رمضان بترقب مفرط بل يكاد يكون هستيريا في حال ركزنا على ملاحظة درجة إقبال ربات البيوت على الأسواق و المحلات ، حيث تشهد هذه الأخيرة حركة غير عادية تلغي كافة التكهنات حول درجة تأثير الأزمة الاقتصادية و تراجع القدرة الشرائية على جيوب المواطنين ، خاصة في حال تمت المقاربة حول ما يتم اقتناؤه من لوازم و معدات سواء كانت ضرورية أو ثانوية ، على غرار الأواني التي يتم تجديدها في كل موسم رمضاني والمناديل القماشية التي غالبا ما تكون متوفرة في البيوت و يعكس اقتناؤها الاهتمام الزائد عن اللزوم باستقبال الشهر الكريم الذي يفترض أن يستقبل بالإكثار من الطاعات و الصدقات .
و يستعد سكان معسكر لاستقباله بإجراء عملية تنظيف و تطهير شاملة لبيوتهم التي كثيرا ما تخضع لإعادة الدهن و الطلاء أسابيع قبل حلول الشهر الكريم ، تليها رحلة البحث و التجوال في الأسواق و المحلات التجارية عن المستلزمات التي تنقص البيت أو تلك التي تحتاج إلى تجديد على غرار الأواني الفخارية و معدات الطبخ .
 في هذه الفترة أيضا تعمد بعض العائلات إلى تجفيف التوابل تحت أشعة الشمس و تحضيرها بطريقة تقليدية للمحافظة على عطرها الزكي ، و من العائلات أيضا من تضطر إلى شراء التوابل محضرة من محلات العطارين بكميات كبيرة تفي الغرض و تجنبها عبء التنقل لاقتنائها مرة أخرى من السوق خاصة مع مشقة الصيام  و تأتي التوابل المستخدمة في إعداد طبق «الحريرة» في المقدمة كونه لا يمكن الاستغناء عنه باعتباره الطبق الأساسي لوجبة العائلات المعسكرية الصائمة .
 لتسليط الضوء على جزء من هذه الظاهرة الاجتماعية الملازمة للشهر الكريم في كل موسم ، انتقلت «الشعب» إلى سوق شعبي بوسط مدينة معسكر أين تكثر الحركة التجارية طيلة اليوم و قد عرضت بعض النسوة القادمات من  الضواحي و القرى لعرض و بيع ما جادت به أيديهن من توابل و أعشاب عطرية مجففة ، و هناك سألنا ربة بيت في عمر متقدم عن تحضيراتها للشهر الكريم ، فراحت السيدة يمينة 63 سنة تسرد لنا أحد مشاهد التحضير لرمضان في السنوات الخالية ، حيث بدى لنا من حديثها أن التحضيرات لم تختلف غير أنها صارت متعبة لسبب يدور حول توسع الأسر الجزائرية و رغبة كل أسرة في الاستقلالية في إشارة إلى انه في زمن مضى كانت التحضيرات للشهر الكريم تقام جماعيا و في  التعاون و تقاسم المهام بين أفراد العائلة خاصة من النساء نكهة خاصة ، فواحدة تقوم بغسل الأفرشة و أخرى تعيد ترتيب البيت و أخريات توكل لهن مهام أخرى حسب سنهم و درجة وعيهن بأشغال البيت ، أما حاليا تشير محدثتنا أن الرجال غالبا ما يساعدن النساء في هذه التحضيرات فعوض تنظيف البيت و تطهيره يتم طلاؤه من جديد و مع ارتفاع نسبة النساء العاملات و غياب الوقت الكافي للتحضير يساعد الرجال في اقتناء مستلزمات الطبخ و معدات المطبخ فيما تكتفي النساء بشراء التوابل لمعرفتهن بالمجال .
استوقفنا في جولتنا بوسط مدينة معسكر التي تعج بالحركة هذه الأيام طابور من الناس أمام محل للعطارة و التوابل و قد استعد هو الآخر لاستقبال زبائنه بعرض توابل و أعشاب طيبة زكية تسرق حواس المارة و تحول مسارهم إلى محل العطارة و يقول صاحب المحل «علي 50 سنة « أنه خصص 4 عمال لمساعدته في تلبية حاجيات زبائنه ، و أكثر ما يجذب الاهتمام في العمل الاستثنائي لصاحب المحل تعامله مع قوائم الطلبات و تنفيذها بسرعة مع تذكيره لزبائنه باسم البهار الذي ينقصه أو سقط سهوا من قائمة الطلبات .
 ولكتب الطبخ نصيب من الإقبال و الاهتمام  خاصة من طرف ربات البيوت الجدد و حتى الشابات ممن يجدن في رمضان فرصة لصقل مواهبهن و قدراتهن في الطبخ  و تجريب الأطباق و الوصفات الجديدة  لتبقى التحضيرات الرمضانية مرتبطة بقداسة الشهر الفضيل و مكانته في قلوب العائلات الجزائرية  لكن يشوبها نوع من المبالغة و الإسراف في الاستهلاك.