طباعة هذه الصفحة

رمضان في بلادهم

مجالس مفتوحة لعابري السبيل في سلطنة عمان

لشهر رمضان في سلطنة عمان مذاقه الخاص، فعادات العمانيين غاية في البساطة والجمال، فمن أشهر الوجبات التي تكون في الشهر الفضيل نجد الشوربة باللحم هي سيدة الوجبات، وتصنع من حب البر العماني واللحم العماني، وتطبخ على نار الحطب، وكانت النساء تقوم بطبخها من بعد الظهر، بالإضافة الى الهريس والسمنة بالحلباء أوالحبة الحمراء كما يسمونها.
يتفنننن الناس في صنع القهوة العمانية في شهر رمضان خاصة، وعادة ما يقوم صاحب البيت بصنع القهوة في بيته بإتقان، كما يضاف إليها أنواع من الرياحين كالهيل والزعفران وماء الورد. كما يعتبر تناول قهوة الإفطار في شهر رمضان في المساجد عادة معروفة عند العمانيين.
ومن العادات الشائعة والمعروفة في عمان خلال الإفطار في المساجد، هوأن لكل مسجد بيت مال معلوم، ويطلقون عليه (وقف) لذلك المسجد، يتعهده وكيل المسجد؛ فالوكيل يتعهد بأمور الإفطار وتحضيره للغرباء وعابري السبيل.
ويبدأ الإفطار بعد ارتفاع أذان المغرب بتناول التمر مع القهوة، بعدها يقومون لتأدية صلاة المغرب، ليعودوا إلى بيوتهم ليتناولوا وجبة العشاء أوما شابهه، كالشربة أوالدنجو أو أي شيء آخر، ومنهم من يتناول وجبة العشاء بعد صلاة التراويح وهذا نادر.
ووجبة العشاء عادةً ما تكون محضرة من الخبز العماني والأدام المعدّ من اللحم أوالسمك المشوي الذي يُحضر إلى السوق يوميًّا، وبعد صلاة التراويح تكون القهوة في انتظار الجميع، وبعد ما يشربون القهوة مع التمر أوإذا كان في وقت القيظ طبعًا الرطب، يذهبون إلى مجالسهم الخاصة أو لزيارة الأهل والأقارب.
ورمضان في عمان رائع جدًّا، بحيث يبدأ الناس عملهم منذ الصباح، بينما النساء تقومن بأعمالهن المنزلية، أويذهبن لمشاركة أزواجهن في الحقول وغيرها.
وبعد صلاة الظهر يذهبون إلى السوق يوميًّا لشراء حاجاتهم المنزلية، كاللحم العماني الذي يسلخ ويباع يوميًّا في السوق ذاته، والسمك المشوي الذي يجلب إلى الأسواق أيضًا يوميًّا. وكل ما تحتاجه الأسرة، وكل الأشياء تقريبًا منتوج محلي، ما عدا الأرز والأبزرة والقهوة والملابس.
وما أروع وقت العصر في رمضان! فترى الناس يفرحون بدنووقت الإفطار، وترى النساء في عمل مستمر ودؤوب وبروح من الشفافية والهدوء لتجهيز الوجبات الرمضانية البسيطة سابقًا، فما من أحد يبخل على إفطاره بشيء، بل يجود كل فردٍ بما لديه لتحضير إفطاره تحضيرًا لائقًا.
ولم تكن فرحة الأطفال في رمضان قليلة عند سماع أذان المغرب، فتراهم يذهبون إلى الوادي بقرب البيوت، أوبجنب المسجد الجامع، يحملون معهم ألعابهم ومعهم قليل من الطعام، يلعبون ويمرحون.
وما إن يرتفع الأذان حتى ترتفع أصواتهم الصغيرة مبشرة بموعد الافطار، فتسمعهم يرددون: (وذون وذون. والسح ولبون - أي لبن - بوصايم يفطر يفطر. بوما صايم يجلس يحتر - أي ينظر). فهم بذلك يُسمِعون أهلهم وذويهم بأن الأذان قد ارتفع، فيفطر الأهل.
وتبادل لذائذ الإفطار في عمان بين الجيران عادة معروفة وجميلة، فهي توثق عُرَا المودة والإخاء وحسن الجوار بين الجيران، فترى الجيران يتبادلون وجبات إفطارهم فيما بينهم منذ العصر أي قبيل المغرب، يرسلون إلى بعضهم البعض بما أعدوه لوجبة إفطارهم كالشوربة والدنجو وغيرها، وهذه من العادات الجميلة معنا في عمان.
ويصل الكرم العربي العماني في رمضان ذروته، حتى تصبح المجالس مفتوحة للزائرين إذا كانوا من عابري سبيل أوغيرهم؛ فالناس تجتمع في هذا الشهر الكريم أخوة سواسية في دين الله وتزول الضغائن والأحقاد من القلوب، وما أسعد الناس عندما يجعلون الوداد والإخاء فرضًا بينهم!
وقد كانت النساء في السابق تذهبن لتسقين الماء للمساجد في الجرارت المصنوعة من الطين والآجر ويطلقون عليها (الجحال) والواحدة (جحلة)، وتقوم بهذه المهمة بعض من نساء الحارة القريبات من المسجد عن طيب خاطر؛ تقربًا منهن إلى الله تعالى، وإكرامًا لهذا الشهر المبارك،أما السحور فعادة ما يكون من الأرز واللبن أوالأرز وأدام اللحم البلدي.