طباعة هذه الصفحة

''حيـــاة ــ ت'' لـ ''الشعـــب''

''لا سرطان العظام ولا بتر ساقي سيسلباني الأمل أو الحلم''

فتيحة ــ ك

يعانون في صمت من ألم المرض الذي سكن أجسادهم الصغيرة، ودون سابق إنذار زاد على تعريفهم كلمة مصاب بداء السرطان، زارت ''الشعب'' قسم بيار وماري كوري بالمستشفى الجامعي مصطفى باشا، لنلتقي هناك أبطال حقيقيون يصارعون الموت بكل ما أوتوا من قوة رغم ضئالة أحجامهم التي زادت تقلصا بسبب المرض إلا أن محدثهم يشعر بشعاع الأمل النابع من قلوب لا تعرف الكذب.

جسم هزيل زاده بتر الساق اليسرى ضعفا، شعر تساقط معظمه وأصبحت فروه الرأس المنظر المسيطر عليها، ملابس ملونة تخفي وراءها مرض يخشاه الكبار قبل الصغار.
''حياة'' فتاة تتحدى الموت بكل جوارحها ولعل اسمها سلاحها السري في معركة الناجون فيها قلة، هي واحدة من هؤلاء الذين أصيبوا بداء سرطان العظام، تتنقل أسبوعيا من ولاية تسمسيلت إلى مستشفى مصطفى باشا الجامعي من اجل الخضوع للعلاج الكيميائي، اقتربت منها ''الشعب'' وأجرت معها هذا الحوار.
@ الشعب: من هي حياة ـ ت؟
@@ حياة: أنا فتاة أبلغ من العمر خمسة عشرة سنة، أدرس سنة ثالثة متوسط أقطن بولاية تيسمسيلت، أصبت بالسرطان منذ سنتين تقريبا، فيها انقلبت حياتي رأسا على عقب وأصبح اسمي مرتبطا بداء اسمه السرطان.
@ كيف أصبت بالمرض؟
@@ كان السبب بسيطا بالنسبة لي لأنه مرتبط بيوم كنت ألعب فيه مع بعض صديقاتي في فناء المدرسة أين سقطت وجرحت في ركبتي أمر استدعى إسعافات أولية ظن الجميع أنها كافية لشفائي، ولكن مع مرور الأيام انتفخ ساقي وأصبحت لا أستطيع رفعه فكانت والدتي تساعدني على ذلك، ومع مرور الوقت رأى الأطباء في تيسمسيلت إرسالي إلى مستشفى مصطفى بن بولعيد بالبليدة لإجراء فحوصات أعمق للتعرف على سبب هذا الانتفاخ المتواصل لساقي، وبعد إجرائها تم إرسالي إلى مستشفى مصطفى باشا بالعاصمة، وهناك استطاعوا فك لغز مرضي لأن الأشعة الرقمية والتحاليل أثبتت إصابتي بداء سرطان العظام.
@ كيف واجهت هذه الحقيقة المرة وأنت في هذه السن الصغيرة؟
@@ في البداية ظننته أنه كأي مرض أصبت به من قبل  ولكن لاحظت في عيون المحيطين بي حزنا عميقا وألما جعلني أتساءل في كل مرة عن السبب، ولكني عندما وجدت أبي مطرودا من العمل بسبب زياراتي المتكررة إلى العاصمة من أجل الفحوصات والعلاج علمت أنني هذه المرة مصابة بمرض مختلف عن تلك الوعكات الصحية التي كنت أُصاب بها بين الفينة والأخرى، وحتى والدتي أصبحت عاجزة عن مرافقتي إلى المستشفى لأنها في كل يوم أتنقل فيه إلى العاصمة تصاب بارتفاع في ضغط الدم بصفة خاصة بعد بتر ساقي بسبب السرطان.
@ حدثينا عن مرحلة مهمة من تطور مرضك وكيف قبلت بتر ساقك؟
@@ الاختيار كان بالنسبة لي مهما لأن الطبيب عندما أخبرني بضرورة بتر ساقي لمنع انتشار المرض في كل جسمي قلت له أنني مع هذه الخطوة التي ستمكنني من الشفاء، وبالفعل بُترت ساقي منذ سنة تقريبا وأنا اليوم أنتظر تحقيق حلمي في تركيب ساق اصطناعية وعدني بها المستشفى عندما واجهت ذلك بشجاعة وقوة.
@ هل أثرت هذه التطورات على حياتك الطبيعية؟
@@ إن قلت أنها لم تؤثر سأكون كاذبة فقد تأثرت حياتي وحياة من حولي بسبب المرض الذي تسلل إلى جسدي دون الاستئذان من أحد، ولكن رغم أنني أواجهه بقوة وعزم ولن استسلم لشعور الضعف أبدا، أتألم عندما أرى والدي يعيش على إعانة الناس ومساعداتهم ليتمكن من إحضاري بصفة دورية إلى مستشفى مصطفى باشا للعلاج من ولاية تيسمسيلت، أحزن كثيرا عندما اضطررت إلى التأخر عن زملائي في الدراسة بسنتين بسبب غيابي المتكرر عن الدراسة، ولكن رغم كل تلك التأثيرات إلا أنني لا أقف عندها بل أواجهها لأساعد نفسي ومن حولي على تجاوز المرض خاصة بعد بتر ساقي التي جعلت كثيرين يظنون أنها النهاية بالنسبة لي.
@ في كلمة ماذا تقول ''حياة'' لأمثالها من مرضى السرطان في عيدهم العالمي؟
@@ أقول لهم عيد سعيد وكل عام وهم بخير، وأتمنى من الأطفال المرضى ألاّ يفقدوا الأمل لأنه سر الحياة وحلاوتها، أن يواجهوا الصعوبات بقوة لأننا في بعض الأحيان نكون السبب في قوة أهلنا وصبرهم على ما نعانيه من الم ومرض، أقول لأصدقائي في قسم بيار وماري كوري أن يكونوا صغارا بأجسادهم وكبارا بعقولهم لان الحياة فسحة أمل نصنعها بأيدينا وشئنا أم أبينا الموت حق أصحاء كنا أم مرضى، لذلك أتمنى من الأولياء أن يخفّفوا على أبنائهم تلك النظرات اليائسة والفاقدة للفرح لأنّ الأمر بيد اللّه تعالى وحده.