طباعة هذه الصفحة

رمزية المكــان

”پڤايث” في عيون المؤرخين عروس المتوسط تقاوم حملات التشويه العمراني

بجاية: بن النوي توهامي

بجاية، المدينة الأخاذّة، مدينة التسامح والجمال والسحر التي عرفت بالرغم من مرور الزمن، كيف تحافظ على مكانتها كجوهرة بمنطقة القبائل، معتمدة في ذلك على تاريخها المجيد وحضارتها العريقة، حيث كانت المدينة القديمة التي ترك العديد من العلماء الكبار على غرار ابن خلدون، بصماتهم فيها، مركزا للمعرفة ونقطة التقاء للعلم والعلماء، وما من شك أن زمن الحماديين معلم رئيسي في هذه الملحمة الفنية والثقافية.
في هذا الصدد، قالت أستاذة التاريخ حدوش يمينة، لـ«الشعب” أن المدينة شهدت مرور وامتزاج العديد من الحضارات، كما أن أرضها كانت مسرحا للشجاعة والكثير من المعارك، حيث كان على الرومانيين والاسبانيين والفرنسيين الذين جاؤوها غزاة مجتاحين، التعامل مع مقاومة شرسة من قبل السكان الذين لقبهم المغني الكبير الراحل شريف خدام بروح منطقة القبائل،...  “پڤايث” مدينة يحلى العيش بين أحضانها، خاصة في موسم الصيف الذي يغمرها فيه العديد من السواح والمصطافين، الذين يأتون من جميع أصقاع الجزائر وحتى من الخارج بحثا عن الاسترخاء والاستجمام.
أضافت الأستاذة أنه في فصل الربيع أو الخريف، تبعث أجواء المدينة على البهجة والسرور ويستنشق كل من بها دعوة مبهرة ونادرة إلى التسامح والإخاء، كما تعكس روح ضيافة فريدة من نوعها، هذا، الى جانب سحرها الآسر، بحرها  لوحة مذهلة تبهر الناظرين، إذ نجد من جهة الميناء، به العديد من السفن التي يملأها  الشباب المتعطشين إلى المغامرات، رغبة في السفر، ومن الجهة الأخرى مدينة “تيشي” أو أبعد من ذلك بـ«بوليماط”، نجد مهرجانا آخر للطبيعة، فأمواج بحرها الملونة تتراقص بشكل جذاب في محاولة إغراء جبال البابور ويما قورايا، القديسة الحارسة للمدينة ولكل المنطقة.
أما من أعلى الجرف المثير للدهشة الذي يأويها، تسهر “يما قورايا” على حاضر ومستقبل المدينة الساحرة، أجل، ساحرة إذ أن لها قوة مغناطيسية تجذب وتبقي الزوار إلى جانبها بطريقة أو بأخرى، فقليل هم الذين يقدرون على مقاومة مفاتنها وعدم العودة إلى قلعة السعادة هذه بعد تركها.
ومن جهته قال الأستاذ عربوش إيدير، “إن الاكتفاء بزيارة مدينة بجاية مرة واحدة أمر يكاد يكون مستحيلا، لأن الزائر إلى  مدينة بجاية في يوم من الأيام يعلم أنه مدان بالعودة إليها عاجلا أم آجلا، والأكيد أن عودته إلى أرض المعرفة هذه ولقائه بها لن يكون إلا أحلى.
وأضاف الاستاذ: “إن الزوار ستشعرون باحتضانها لهم وبكون مختلف أماكنها وأطلالها التي تشهد على عمقها التاريخي قد أصبحت مألوفة لديهم، ما سيسمح لكم بالغوص في أعماق روحهم، أو ليست هذه الغاية الحقيقية المرجوة من كل سفر؟... ،«لقد توسع نطاق المدينة مع مرور السنين بشكل ملحوظ، ولكن المؤسف أن حزام البنايات المحيطة بالمدينة قد شيّد بشكل عشوائي، هذا بالرغم من وجوب احترام الديكور الطبيعي الفريد من نوعه للمدينة”.
نعم، من المؤسف أن مدينة “پڤايث” لم تنجوا من هذا التشويه، حيث تعرضت للخسائر المنجرة عن غياب مخطط ملائم للتوسع الحضري، ولكن وبالرغم من كل المضايقات التي تسبب فيها العامل البشري ببجاية، إلا أن هذه المدينة السحرية لا تزال محتفظة بروعتها وعظمتها الموروثة، وما من شك في أنها أحد أجمل الوجهات السياحية في بلادنا”.