طباعة هذه الصفحة

إســم الجـد للإبـن البِكـر

فتنــة تثـــــير الشّقــاق في العائلة الجزائريــــة

كثيرا ما نسمع عن خلاف عائلي ينشب بين الأزواج لأسباب مختلفة قد توصل الرباط المقدس إلى الانقطاع والانفصال، لكن أن يكون الأمر مرتبطا بتسمية المولود الذي كان بمثابة التأكيد على نجاح رجل وامرأة في بناء أسرة، قد تكون هذه الثّمرة أيضا سببا في هدمها وخرابها...«الشعب” تنقل لكم اليوم بعض الشّهادات الحيّة لمثل هذه القضايا.


”عودة” و”لخضر” سبب طلاقي
«فاطمة الزهراء.ش” موظفة في إحدى الشركات الخاصة، مطلقة منذ سنتين وأم لتوأم، سردت لـ “الشعب” قصتها مع اسم المولود البكر في العائلة قائلة:
«تزوّجت منذ أربع سنوات من رجل جمعتني به علاقة عاطفة طويلة، فقد كان زميلي في الدراسة منذ الطور الثاني، ولكن بمجرد ميلاد ابننا الأول فرض علي تسمية توأمي على اسم والده الذي توفي قبل وضعي بشهور قليلة، طلبت منه أن يسمى واحدا باسم والده والآخر باسم والدي، ولكنه رفض، إصراره أغضبني وفكّرت في حل وسط هو تسميتهما باسمين مختلفين عصريين لأنه أراد أن يسمي أحدهما عودة والآخر لخضر، ولكنه فسر الأمر على أنني عيرت أبوه وعائلته وتكبّرت عليهم ووصفتهم بالتخلف”.
وأضافت “فاطمة الزهراء” قائلة: “كنت حينها نفساء، متعبة لا أستطيع مجاراة زوجي وعائلته في خلق المشاكل، الأمر الذي جعلني أشكوه إلى أمي التي وجدتني أبكي في الأسبوع الأول بعد الولادة، ما زاد من المشكل ووصل به الأمر إلى طردي من بيته لأن تدخّل أهلي جعله يرفض أي تسوية لأنه متمسك برأيه وتسمية التوأم من حقه هو وحده ولا يملك أي شخص حتى أنا التدخل في هذه القضية، ولأنّني زوجة لم تلتزم بحدود العرف والتقاليد طلّقني قبل أن يبلغ طفلاي الأربعين يوما وأنا اليوم مطلقة بسبب اسم عودة ولخضر”.
«تماني” سيدة في عقدها السابع سألتها “الشعب” عن من يملك الحق في تسمية المولود فقالت: “تعطي الأعراف والتقاليد حق التسمية للوالد لأنه الوحيد المعني بالأمر، لم يكن لنا الحق في تسمية أبنائنا لأن الزوج وأبيه أو أمه يمنعانا من ذلك ولكن اليوم انقلب الأمر وأصبحت الزوجات تفرضنّ رأيهنّ في الموضوع، وأصبح الاسم مأخوذا من المسلسلات التركية والسورية وحتى الأمريكية والمكسيكية. كانت الأسماء في الماضي تعكس المنطقة والعائلة والأصول التي تنتمي إليها، ما يجعل الطفل ينمو وهو مشبع بالثقافة والهوية التي ينتمي إليها، أما اليوم فقد أصبحت الأسماء مبعثرة شتّتت شخصية الأطفال وجعلتهم في حيرة من أمرهم لأنّهم عاجزون عن خلق علاقة بين الاسم والمحيط الذي يعيشون فيه، حتى أن بعضها بلا معنى، وهذا أمر مؤسف جدا لأن ثقافتنا مملوءة بالأسماء الجميلة التي تعطي صاحبها إضافة لشخصيته التي يقال أنها تأخذ قسما من معانيها، فالأسماء الأمازيغية والعربية الموجودة عندنا أصبحت بعيدة عن قائمة تلك المختارة كالتاج فوق رأس أي مولود”.
وأضافت “تماني” قائلة: “كانت تسمية المولود على اسم الجد أو الجدة أمر طبيعي ولا نقاش فيه، أما اليوم أصبحت تلك الأسماء تقليدية ولا تواكب العص، وأصبح اختيارها مرفوضا لأن الزوجة تفضّل اسم والدتها أو والدها. الآن انقلبت الموازين وصارت الزوجة تتحكم في الأمور التنفيذية للعائلة، ومع ازدياد سلطتها سلبت الزوج حقوقه وحماتها أيضا لم تعد معنية بشيء بل تدعوها كما الآخرين إلى عقيقة أبنائها”.
ميمي عوض “خروفة”
«ميمي” طالبة جامعية كان لها رأي خاص في الموضوع قائلة: “تخيّلي أن اسمي الحقيقي خروفة، وهو اسم جدتي، اسمي هذا تسبّب في شفائي وكثيرا ما سخر منه زملائي وأصدقائي، لذلك تعمّدت والدتي إلى مناداتي ميمي حتى يصبح اسمي المعروف وحتى اليوم وأنا في الجامعة يناديني الجميع به لأنّني أرفض أن أكون خروفة، فعند سماعه يتبادر إلى ذهنك خروف صغير لا حول له ولا قوة، وهذا انعكاس سلبي على شخصيتي، وبعيدا عن كل هذا أفضل أن أكون ميمي التي توحي إلى الثراء والدلال”.
 وأضافت “ميمي” قائلة: “حيلة الأسماء المزدوجة أصبحت الحل الأسهل من التقليدية التي يفضل الآباء ترسيمها في السجل المدني، وكأنها ستعيد لهم الأب أو الأم التي فقدت، هذه الأسماء تكون في أغلب الأحيان عبئا على صاحبها، خاصة في مرحلة الطفولة حيث يتعرض للكثير من السخرية ويصفه أصدقاؤه بألقاب مضحكة قد تكبر معه بل يصبح لصيقا به، فيغير غالبا منذ ولادته بجعل الاسم المكتوب في الدفتر العائلي مختلف عن ذاك الذي يناديه به أقاربه، ولدي الكثير من معارفي مثلي المهم أن لا ينادينا احد بتلك الأسماء التقليدية”.
«جلال – ط«، قال عن الموضوع: “على الآباء أن يختاروا لأبنائهم أسماء تليق بالعصر الذي يعيشون فيه لأن كل شخص له حظ من اسمه، ولنا في السيرة النبوية الكثير من الأمثلة، وقد أخبرنا الرسول صلى الله عليه سلم أن خير الأسماء ما عبّد وما حمّد، وقصة أخرى لرجل جاء إلى عمر بن الخطاب ليشكو والده الذي سماه اسما غريبا، وما كان منه رضي عنه إلا أن يغيره له، المهم أن هذه الأسماء التي أصبحنا اليوم نسمعها هنا وهناك تبدو غريبة جدا، فمن التقليدي الذي عفي عنها الزمن وأخرى لا علاقة لها بالمجتمع الجزائري غريبة عن ثقافته وتاريخه، والأمر في كل هذا أن بعض الأزواج ينفصلون بسبب اسم المولود البكر لأن الغالب عندنا أن يختار للطفل الأول في العائلة اسم الجد، ولكن العصر الذي نعيش فيه لا يتلاءم مع أغلبها، فتفضل الزوجة الطلاق لأنها ترفض أن ترضخ والزوج يتمسك باسم والده أو جده، لذلك يكون الانفصال الحل الأخير لهما خاصة بعد تدخل الأهل الذين يزيدون هوة الخلاف”.