طباعة هذه الصفحة

منها ما اندثر ومنها ما يصارع من أجل البقاء

ألعاب شعبية رمضانية بميلة تصنع المتعة والتّسلية

ميلة: محمد بوسبتة

يفضّل الكثير من الكهول والشيوخ خاصة المتقاعدين منهم بعدد من بلديات ولاية ميلة قضاء أوقاتهم خلال الشهر الفضيل بألعاب شعبية متعددة، منها ما اندثر ومنها ما هو في طريقه الى الزوال ومنها ما يواصل الصراع من أجل البقاء، في ظل التطور الاجتماعي والتقدم التكنولوجي الذي يوسع الهوة بين القديم والحديث من الألعاب.

مع بداية اليوم الرمضاني، يفضّل الكثير من الشيوخ إلهاء أنفسهم بلعبة «الخربقة»، هذه اللعبة الشعبية التي تعتمد على حجيرات صغيرة وحفر وهي تشبه إلى حد بعيد لعبة الشطرنج، وتعتمد على الذكاء والتخطيط، ومثلها لعبة «الضامة» التي تعد الأكثر انتشارا حتى في أوساط الشباب، أما لعبة «ثليثة» فلا تختلف كثيرا عن سابقتها غير أنها تتميز بأقل عدد من الأحجار أو «الكلاب»، كما تسمى في اللهجة المحلية كما تتطلب سرعة أكثر وذكاء أكبر.
هذه ألعاب تجلب إليها أعدادا هائلة من اللاعبين والمتفرجين في شكل جماعات جماعات، كما أنها ألعاب تثير فضول الحاضرين المتفرجين الذين كثيرا ما يتدخلون لتوجيه اللاعبين الذين غالبا ما يعبرون عن غضبهم بسبب افقادهم التركيز من طرفهم، وقد يقضي عشاق هذه الألعاب الشعبية ساعات طويلة مفترشين الأرض أو الحصى دون كلل أوملل لا يفض تجمعهم سوى الأذان أو أمر طارئ.
قال الشيخ ابراهيم أحد مرتادي مجالس اللعب: «لا أجد أفضل من هذه الألعاب الشعبية فهي الممتعة والمسلية من جهة ومن جهة أخرى لا يعصى فيها اللاعب الله ما يجعله في راحة تامة، ولا تزعج أحدا كونها بسيطة وسهلة»، أما عمي الطاهر فقد أكّد بأنه تعود على لعب «الضامة» منذ الصغر وهي لعبته المفضلة تنمي الذكاء وتطور التفكير على حد تعبيره.

«الخاتم» لعبة ليلية بامتياز

لعبة أخرى اندثرت ولم يبق لها وجود سوى عند بعض الشيوخ، الذين لا زال الحنين يشدهم إلى العاب الشباب والماضي، فيحاولون إحياء بعضها ومنها لعبة «الخاتم» وهي لعبة طرفاها مجموعتان أوفردان، وأكثرها انتشارا ما يدور بين مجموعتين أو فريقين، عدد لاعبيه غير مهم، يتم فيها إخفاء شيء وليكن «خاتما» أو شيئا آخر في يد أحد اللاعبين، بطريقة خفية بين اللاعبين ليدخل الفريق الآخر في رحلة البحث عن الشيء المخفي في ظرف قياسي وفي حال العثور عليه يحصل الفريق الفائز على مجموعة من «التمر»، وتنتقل اللعبة بعدها للطرف الفائز وهكذا، ويتجمع جمع كبير من المتفرجين حول الجماعة يستمتعون بحماس اللاعبين وذكائهم وسرعتهم في البحث والكشف.
وعنها قال «حسان» أحد محبي هذه اللعبة أن ممارستها خلال شهر رمضان ليلا بالهواء الطلق أمر ممتع بعيدا عن هرج المقاهي ونرفزة لاعبي الدومينو والورق، أما عمي «علي» فأكد أن الهدف من الاجتماع مع بعض من يعرفون اللعبة خلال شهر رمضان هوإحياء هذا التراث والحفاظ عليه وتوريثه للأجيال الجديدة التي لم تعد تمارس مثل هذه الألعاب الشعبية الممتعة واستبدلتها بألعاب جديدة في ظل التطور التكنولوجي.
لعبة «الخاتم» تختلف عن غيرها من الألعاب الشعبية كون ممارسيها يفضّلون الاستمتاع بها ليلا لساعات طويلة قد تمتد إلى وقت السحور وسط هالة من المتعة والضحك والدعابة، ويأمل بعض محبي هذه الألعاب الشعبية أن يتعلمها الشباب ويمارسونها حفظا لهذا التراث الشعبي الذي يميزنا عن غيرنا.