طباعة هذه الصفحة

الأكلة التقليدية «تازميت»

حلاوتها تحتفي بصيام الطفل في وادي ميزاب

وادي ميزاب بغرداية منطقة يتمسك سكانها بإحياء عديد التقاليد المتوارثة عن الأجداد في شتى جوانب الحياة الإجتماعية، ومنها المرتبطة بشهر رمضان المعظم   والتي تعكس في جوهرها مدى تعلقهم بتلك التقاليد والتي تزيد من تماسك الروابط العائلية وديمومتها.

ويبرز من بين تلك العادات الإهتمام والعناية الخاصة التي توليها العائلات  الغرداوية وإلى يومنا هذا لمناسبة أول صيام الطفل الذي يكون عادة قد دخل مرحلة أداء الركن الثاني من الأركان الخمس للإسلام وهي عبادة الصلاة. وتحمل هذه المناسبة في الذاكرة الجماعية لسكان المنطقة عديد الدلالات والمعاني الدينية والإجتماعية، حيث تعدّ بمثابة تحوّل في حياة الطفل باعتبار أنه يقتحم عبادة أخرى تتمثل في الركن الرابع للإسلام وهوالصوم. وجرت العادة أن يحتفى بالصائم الصغير في أجواء خاصة التي يراد منها أن تبقى محفورة في ذاكرته ومن بين مظاهرها إعداد الأكلة التقليدية « تازميت» التي تعد واحدة من الأكلات التقليدية التي لا يستغنى عنها في كثير من المناسبات والأحداث الإجتماعية.
وتحضر هذه الأكلة المفضلة (عبارة عن عجينة) من عدة مكونات أساسية تتمثل في مقادير من السميد المحمص والتمر من النوعية الجيدة (غرس معجون) ونوع من الجبن التقليدي المجفف والمطحون المعروف بـ(الكليلة) ويضاف إليها كميات من الدهن الطبيعي.
وتجمع تلك المواد في قصعة كبيرة ليتم فركها (طريقة تقليدية في العجن) باليدين وعادة ما تقوم بهذه المهمة الجدات تبركا بهن وبدعواتهن بصلاح الطفل حتى يحافظ طيلة حياته على هذه العبادات المقدسة. وتوضع هذه «الخلطة» التقليدية الشهية ذات القيمة الغذائية والمذاق المحلى بإحكام في إناء مغلق حتى تحافظ على مذاقها الدهني ولا تتعرض للجفاف وتقدم للطفل الصائم بداية من اليوم الأول من صيامه وعادة ما يستهلكها على فترات  متقطعة طيلة ليالي الشهر الفضيل.
ويحظى الصائمون الجدد حسب التقاليد المحلية - بمعاملة خاصة ـ من قبل الأولياء أين تقام لهم حفلات وتقدم لهم هدايا من قبل أفراد الأسرة والأقارب ويرتدون ملابس تقليدية جديدة، وعادة ما يحتفظ بهذا الحدث العائلي بواسطة صور تذكارية التي تحفظ للطفل الصائم لأول مرة في ألبومه الشخصي وتبقى شاهدة على هذه المرحلة «الهامة» من طفولته سنوات طويلة، كما تغتنم العائلات بغرداية هذا الشهر الفضيل لإحياء عديد عادات الطبخ المحلي التي تستعيد من خلالها روابط التواصل مع التاريخ العريق للمنطقة.
وتشكّل التقاليد العائلية الخاصة بهذه المناسبة الدينية العظيمة للأطفال بغرداية لحظات للفرحة، سيما مع اقتراب عيد الفطر المبارك.