طباعة هذه الصفحة

في انتظار أذان المغرب والإفطار

الصيد بالصنارة هواية يزداد محبّوها في رمضان

تستقطب شواطئ الطنف الوهراني خلال شهر رمضان عددا كبيرا من الصيادين بالصنارة، يقصدونها بعد الظهر لقضاء بعض الوقت في الصيد وتأمل زرقة المياه في انتظار المغيب والإفطار، أين يتناثر العشرات من الصيادين على رمال شاطئ «الكثبان» برأس فلكون، غارقون في الصمت يترقبون أدنى حركة توحي بأن صناراتهم قد غمزت.

هواية يزيد شغفها في رمضان

وقال عمي ناصر ونظراته لا تفارق الأمواج التي تروح وتأتي في رقصة فالس لامتناهية، أن الصيد وتأمل زرقة البحر «دواء» أجدى وأنفع من جلسات اختصاصي علم  النفس. يسكت برهة ثم يضيف وكأنه يود أن يزيد من مصداقية قوله أن «دراسة  أمريكية» أثبتت ذلك.
ولم يعرف عمي الناصر وهو كهل في الستين من العمر غير الصيد كوسيلة للترفيه، حيث ولد وكبر في منطقة ساحلية، تعلّم الصيد منذ نعومة أظافره الذي يعتبره أفضل وسيلة  لقضاء الوقت في شهر رمضان، في انتظار وقت الإفطار حيث يتنقل منذ بداية الشهر الفضيل من شاطئ إلى شاطئ ليرمي صنارته. وقال بهذا الخصوص بأنه لا يحبذ قضاء الوقت في الثرثرة ولعب «الدومينو» مع الأصحاب والجيران بل يفضل أن يختلي بنفسه يسامر البحر وأمواجه. وأضاف أن الصيد أصبح جزءا من روتينه اليومي بعد أن أحيل على التقاعد اذ غالبا ما يأخذ  قيلولة بعد الغذاء يجمع بعدها معداته، كرسي بلاستيكي، قصبة صيد وحقيبة بها الصنانير والطعوم، ويتجه بها إلى أحد الشواطئ القريبة ليقضي فيها ما تبقى من يومه الرمضاني.
أما رشيد وهو إطار في إحدى الشركات الوطنية الكبيرة، فهو غالبا ما يقصد شاطئ  «كوراليس» في الأيام المشمسة صحبة ولديه ولا يعود إلى البيت إلا وقت الغروب.
وقال بخصوص خرجات الصيد أنها بدأت مع بداية الشهر الفضيل، إذ يأتي بعد نهاية يوم من العمل هو وطفليه البالغين 4 وخمس سنوات، فيما تبقى زوجته في البيت لإعداد وجبة الفطور، مبرزا أن الشاطئ يمنحه السكينة والراحة بعد عناء يوم من العمل، كما يوفر فضاء لولديه الصغيرين ليلعبا بكل حرية دون أن يعاتبهم أحد عن الضجيج الذي يصدرونه أوالفوضى التي يسببونها.
وأضاف هذا الشاب الثلاثيني أن أكثر ما يستهويه هو الأوقات الجميلة التي  يقضيها رفقة طفليه، إذ لا يعد الرطل من صغار الأسماك الرخامية التي يعود بها إلى المنزل هدفا بحد ذاته، مشيرا أنه يقصد السوق لا البحر في حالة ما أراد وجبة سمك، مؤكدا أنه حريص على قضاء وقت جميل مع أطفاله يشاركهم فيه شغفه بالبحر والصيد، فقد بدأ يعلم ابنه البكر بعض قواعد الصيد وأسراره، تماما كما تعلمها عن والده.
أما قادير وهو جزار يبلغ من العمر 35 عاما، فهو يمارس هواية الصيد في أوقات فراغه، إنما لا يكتفي بصغار الأسماك الرخامية وسمك موسى المتوفرة في الشاطئ الرملي، فغالبا ما يقصد الشواطئ الصخرية الصعبة أين تزيد فرصة صيد أسماك  كبيرة على غرار الهامور والأخطبوط.
وتصطف ما لا يقل عن 15 سيارة في طريق ترابي ضيق ينزل من الطريق الرئيسي الى غاية الشاطئ، حيث يبدو الصيادون منهمكين هنا وهناك في تحضير الطعوم ورمي الصنارات ومراقبتها. وأشار قاديرو الذي يمتلك كوخا صغيرا بالقرب من الشاطئ أن الصيادين العارفين فقط يأتون الى هذا المكان. وأضاف هذا الشاب الذي يعشق البحر أن الصيد بالصنارة هواية في متناول الجميع، فيمكن اقتناء معدات الصيد ببضع الالاف من الدنانير، كما يمكن تحضير الطعوم بالخبر أوالعجين مخلوطا بصغار السمط المعجونة.
وبين من يجد في الصيد بالصنارة مبررا لقضاء الوقت في الشاطئ، ومن يتخذه وسيلة لكسب بعض المال لتحسين ميزانيته التي أهلكتها متطلبات الشهر الفضيل، فإن شواطئ الطنف الوهراني لا تكاد تخلو من هواته ومحترفيه.