طباعة هذه الصفحة

«الشعب» تستطلع حالة محطات النقل بالعاصمة

فوضى التنظيم وقلق الانتظار

الجزائر : سارة بوسنة

يعيش قطاع النقل الحضري بالعاصمة جملة من المشاكل والنقائص نتيجة التجاوزات الحاصلة على مستوى 69 محطة للنقل والتي غالبا ما يكون ضحيتها الزبائن والمسافرون في ظلّ غياب الرقابة وقوانين خاصة بتنظيم القطاع.

تعد الجزائر العاصمة مثالا حيا على هذه النقائص تسببت فيها عدة عوامل أبرزها مشكلة الاختناق المروري الذي يؤرق حياة المسافرين ويدخلهم في دوامات التذمر لتزيد المواقف السلبية والتصرفات العشوائية لبعض الزبائن والناقلين التي كثيرا ما تفرز نتائج وخيمة وتزيد الوضع سوءا وتعقيدا، خاصة في الأماكن التي ينعدم فيها «الميترو» و»الترامواي» بسبب انعدام الحافلات.
«الشعب» زارت العديد من محطات النقل الحضري والشبه الحضري بالعديد من بلديات العاصمة، حيث وقفنا عند حجم المشاكل ونوعية الخدمة المقدمة للمسافرين بعيدة كل البعد عن المواصفات والمقاييس المعمول بها، مقابل غياب تنظيم حقيقي للمهنة من قبل الجهات الوصية، التي من المفروض أن تطالب الناقلين بضرورة ترقية نوعية الخدمات بما يوفّر أكبر راحة للمسافرين.
محطتنا الأولى كانت بباش جراح، حيث كانت وجهتنا محطة أول ماي، أين اضطررنا للوقوف لمدة نصف ساعة في ظروف جد سيئة نتيجة انعدام اماكن الانتظار والجلوس، وبمجرد وصول الحافلة تدافع المسافرون للظفر بمكان مما أجبرنا على الوقوف نتيجة امتلاء الحافلة عن آخرها، حيث حرص السائق والقابض على ملئها بأكبر عدد ممكن دون مراعاة أدنى شروط الراحة والسلامة، وهو الأمر الذي  تطلّب وقتا كبيرا، بالرغم من إبداء المواطنين لملامح الاستياء والغضب .
 وأوضح المتحدثون أن معاناتهم لا تنتهي بهذه المحطة بسبب تجاوزات الناقلين الخواص، إذ أكد المسافرون أن أصحاب الحافلات يجبرونهم على الانتظار لمدة طويلة بالموقف، وذلك من أجل تجمع أكبر عدد من الركاب خاصة خلال الفترة المسائية، بالتزامن مع ظرف يكثر فيه عدد المسافرين مقارنة بالفترة الصباحية، ليقوم بعد ذلك السائقون بنقل الحافلة إلى مكان تجمع الركاب بطريقة غير مسؤولة، وهو الأمر الذي تسبّب في تدافع المواطنين فيما بينهم بغية الظفر بمقعد داخل الحافلة، أين نتج عن هذا المشكل وقوع عدة حوادث، فضلا عن تماطل الناقلين بتقديم خدمة النقل.

محطة أول ماي.. تردي الخدمات

وبمجرد وصولنا الى المحطة لفت انتباهنا سوء التوزيع في وسائل النقل بها، حيث تعاني بعض خطوط النقل من الإشباع المفرط كخط بن عكنون، في حين تعرف فيه بعض الخطوط الأخرى نقصا كبيرا، وعلى سبيل المثال خط المدنية حيدرة، ما يجعل المسافرين يضطرون للانتظار طويلا والتدافع بهدف الظفر بمقعد في الحافلة على مستوى الخطوط التي تعرف نقصا في عددها، بالاضافة الى استغراق الحافلات ان وجدت وقتا طويلا للخروج من المحطة، حيث لا ينطلق السائق من أي موقف إلا بعد احتجاج الزبائن والتلاسن معهم وتصل في بعض الأحيان إلى الدخول في مشادات عنيفة، ولا تتوقف مظاهر تجاوز حقوق المسافرين عند هذا الحدّ، بل تتعداها في كثير من الأحيان إلى توقّف الحافلة في أكثر من موقف مرخّص أو غير مرخّص.
تقربنا من بعض الناقلين لمعررفة آرائهم حول الوضعية المزرية التي يعيشها قطاع النقل ببلادنا والعاصة خصوصا حمل البعض منهم ممن التقيناهم بمحطة نقل المسافرين بباش جراح وأول ماي، الجزء الأكبر من ما يحدث الى الجهات القائمة على قطاع النقل الحضري مؤكدين بأنهم كناقلين يتحملون نصيبا من مسؤولية الفوضى التي يعيشها قطاع النقل، حيث قال عز الدين وهو أحد الناقلين على مستوى محطة باش جراح، أتحدّى أيّا كان أن يأتي ليحاسبنا على هذا الوضع، مشيرا إلى أنه ومنذ مزاولته لمهنته لم يتم إصدار أي قانون صارم ينظم مهنة النقل أو دفتر شروط يتمّ الالتزام به.
من جانبه ارجع «ك - مختار» أحد الناقلين بمحطة اول ماي، سبب تردي مستوى الخدمات المقدمة الى المسافرين الى حالة الإهمال واللامبالاة التي يعيشها قطاع النقل، بالاضافة الى النقص الفادح لأعوان المراقبة على مستوى محطات النقل ماخلق فوضى عارمة بمعضمها وسمح بظهور منافسة غير شرعية بين بعض الناقلين خاصة الخواص منهم، مشيرا في هذا الشأن بأنه يأمل في التدخل العاجل للجهات المعنية وعلى رأسها وزارة النقل التدخّل لفرض الرقابة على الناقلين، بالإضافة إلى توفير شركات نقل جماعي حضارية تشجّع المواطنين على التخلي عن استعمال سيارتهم، كما هو معمول في عواصم البلدان المتقدمة، التي يعد فيها النقل العمومي مخرجا أساسيا للهروب من زحمة السيارات.
كما زاد الاختناق المروري الكبير وحالة الازدحام الشديدة من حدة أزمة النقل في العاصمة، حيث أضحت الطوابير اللامتناهية لمختلف السيارات وحافلات النقل ديكورا يوميا يطبع مختلف الطرق في العاصمة، سيما تلك التي تشهد أشغالا مختلفة. هذه المعضلة إن صحّ تسميتها بذلك أصبحت عائقا في وجه الكثير من الأشخاص والمواطنين وزادت من معاناتهم اليومية وأدت أيضا إلى هدرهم المزيد من الوقت وخلقت عندهم حالات من القلق والتذمر .
مشكل آخر مطروح بقوة في قطاع النقل هو انعدام خطوط ووسائل النقل ببلديات العاصمة، خاصة بالأحياء السكنية الجديدة نظرا لافتقار أغلبية هذه الأحياء محطات نقل المسافرين لهاته الخطوط، حيث يلجأ العديد من السكان الى الاعتماد على طرق اخرى قي تنقلاتهم كسيارات الكلوندستان يحدث هذا رغم الوعود التي اطلقتها الجهات المعنية بتوفير خطوط نقل الى المناطق.