طباعة هذه الصفحة

إقبال مثير للدهشة بتيبازة

اللّحوم الحمراء والبيضاء تسوّق بدون سلسلة التّبريد

تيبازة: علي ملزي

تفاقم خطر استهلاك المنتجات سريعة التلف المسوّقة عبر الطرق والفضاءات بولاية تيبازة خلال الفترة الأخيرة بشكل لافت ومثير، بالنظر إلى ارتفاع درجات الحرارة من جهة وانتعاش التجارة الفوضوية من جهة اخرى، بحيث أضحى من الصعب ردع المخالفين ووضع حدّ لهذه الظاهرة.

 في ذات السياق، يبقى سوق المكسيك بالقليعة شاهدا حيّا على العديد من التجاوزات المرتبطة بهذه القضية، بحيث لا تزال اللحوم بمختلف أنواعها تسوق للزبائن على المباشر دون أيّ احترام لسلسلة التبريد والشأن ذاته بالنسبة لمشتقات الحليب كالأجبان والياغورت، وما يلفت الانتباه هنا كون تسويق هذه المنتجات يشهد رواجا مثيرا ممّا زاد في ديمومته واتساع رقعته، بحيث أنّه كثيرا ما يلجأ التجار الى خفض الأسعار الى مستوياتها الدنيا لاستقطاب الزبائن، ناهيك عن التشهير بالمنتجات على المباشر وبدون مقابل في بادرة لابد منها للتأثير على أذهان الزبائن، وإرغامهم على استغلال الفرص المتاحة واقتناء المنتجات بأسعار معقولة، فيما يتحجّج بعض التجار الآخرين بتأخر السلطات عن توفير فضاء ملائم ومناسب لممارسة النشاط وفق ما يمكنهم من احترام شروط النظافة والتبريد على غرار ما هو حاصل بالنسبة لتسويق مختلف انواع السمك على مدار اليوم بقلب مدينة فوكة وبالهواء الطلق مباشرة، مع تحويل الموقع الى وكر للروائح الكريهة والحشرات اللاسعة بفعل الاستعمال المفرط للماء لغرض الحفاظ على رطوبة السمك.
الفضاءات التجارية الأخرى المنتشرة عبر مختلف البلديات لاسيما الأسواق اليومية والأسبوعية منها لا تخلو هي الأخرى من الظاهرة، بحيث تتواصل عبرها وبدون استثناء ظاهرة تسويق المنتجات السريعة التلف بطرق ملتوية ومثيرة بعيدا عن أعين الرقابة، التي ليس بوسعها ملء جميع الفراغات ومراقبة مجمل الفضاءات لأنّ السلطات المحلية تبقى هي الأخرى معنية بشكل مباشر بمسار محاربة الفضاءات التجارية الفوضوية، وتوفير فضاءات لائقة للعمل التجاري بشكل يمكن الجهة المعنية بالرقابة من ممارسة مهامها في ظروف مريحة ومقبولة، مع الاشارة هنا الى كون العديد من الأسواق المحلية تبقى غير مراقبة تماما لأسباب ترتبط بالحفاظ على النشاط، وتجنب البطالة لفئة التجار الفوضويين.
أما حينما يتعلق الأمر بالطرقات العمومية، فإنّ الظاهرة لا تزال على سابق عهدها من حيث الانتشار الفظيع لمختلف المنتجات السريعة التلف دون أيّ رقيب او حسيب ضمن مسار يترجم تحديا قويا للتجار لمختلف السلطات من جهة ولزبائنهم أيضا، بالنظر الى عدم فعالية عمليات المداهمة والردع التي تعرّض لها مجمل التجار عبر فترات زمنية متفاوتة مع إصرارهم على مواصلة النشاط في وضح النهار، بحيث يؤكّد هؤلاء على أنّ النشاط التجاري لا يمكنه أن يتوقف ما دام الزبائن راضين بما يعرض عليهم، ويقتنون كلّ ما لذّ وطاب بالنسبة لهم، ومن ثمّ وجب التأثير بشكل مباشر على تحديد رغبة الزيون في اقتناء المنتجات التي تلحق ضررا بصحته كإجراء عملي لمحاربة الظاهرة، الأمر الذي لا يعتبر سهلا وفي متناول اليد بالنظر الى ارتباطه بتغيير سلوك بحذافيره دأب عليه المستهلك فترة زمنية طويلة.
وعن الاجراءات المتخذة بهذا الشأن لمحاربة الظاهرة، أشار مصدرنا من مديرية التجارة الى تسطير برنامج خاص بموسم الاصطياف يعنى بتشديد المراقبة المكثفة للمواد السريعة التلف عبر مختلف المواقع العمومية والفضاءات العامة من طرف اللجان المختلطة التي تشمل ممثلين عن مصالح التجارة ومكاتب النظافة البلدية ومصالح الأمن، إضافة الى تشديد الرقابة ذاتها على مختلف المحلات المعنية بتسويق هذه المنتجات من حيث احترام سلسلة التبريد و تجنب عرض المواد لأشعة الشمس، إلا أنّ هذه الاجراءات المحتشمة تبقى غير كافية على الاطلاق ولا تلبي الحاجة المعبّر عنها في الواقع بالنظر إلى استفحال الظاهرة، وإقدام التجار الرسميين و الفوضويين لتسويق كلّ ما يكثر عليه الطلب خلال موسم الاصطياف بما في ذلك المواد السريعة التلف دون مراعاة طرق الحفاظ عليها من التلف.

مباشرة حملة تحسيسيّة واسعة

من منطلق اقتناعها بكون المستهلك يملك باعا في محاربة الظاهرة، وبوسعه المساهمة الفعّالة في تحديد رقعة انتشار تسويق المواد السريعة التلف بطريقة غير مطابقة للمقاييس، فقد باشرت مصالح التجارة بالولاية حملة تحسيسية واسعة في اوساط رواد المؤسسات التربوية والتكوينية والمساحات العمومية، وهي الحملة التي ستتواصل الى غاية نهاية موسم الاصطياف، حسب ما علمناه من المفتش حمزة زعميش المكلف بالاتصال على مستوى المديرية الولائية للتجارة، بحيث أكّد محدثنا بأنّ الحملة شرع فيها خلال شهر ماي الفارط عبر مطاعم الرحمة، التي كانت تستقطب العديد من الشرائح الاجتماعية وكذا بمختلف المؤسسات التربوية ومراكز التكوين المهني والمركز الجامعي، وتمّ التركيز على خطر التسممات الغذائية بمعية مواضيع أخرة ذات صلة بالمستهلك كتخفيض نسبة استهلاك السكر والملح والزبدة ومكافحة ظاهرة التبذير، كما تواصلت الحملة طيلة شهر جوان بالوتيرة ذاتها عبر الساحات العمومية والمراكز الثقافية المستقطبة للجمهور لغرض الاحتكاك بأكبر شريحة ممكنة من المستهلكين، ليتم الانتقال الى مراكز التخييم والشواطئ والفضاءات المستقبلة للمصطافين على مدار شهري جويلية وأوت، حسب ما أكّده محدثنا دائما.
وبهذه الوتيرة المتسارعة حول التحسيس والتوعية من مخار التسممات الغذائية التي تسببها المواد السريعة التلف، يبقى المستهلك حسب مصالح التجارة العنصر الرئيسي والفعال القادر على كبح انتشار ظاهرة تسويق المنتجات بطريقة عشوائية، إلا أنّ الواقع يشهد بأنّه لا يمكن التخلي بأي حال من الأحوال عن سياسة الردع وفرض مبدأ احترام القانون على أرض الواقع، لاسيما وأنّ ظاهرة تسويق تلك المنتجات بطرق غير مطابقة للمقاييس لا تزال تشهد رواجا مثيرا.