طباعة هذه الصفحة

التّرقوي العمومي..الصّيغة السّكنية المنسية

بين المطالبة بمراجعة الأسعار والتّمسّك بالمرسوم

جمال أوكيلي

عادت تنسيقية المستفيدين من السّكن التّرقوي العمومي إلى فتح ملف هذه الصّيغة المنسية من قبل الجهات المعنية، وترك أصحابها لحالهم لا أحد يتواصل معهم ماعدا تلك العلاقة المالية مع البنك، كل شهر يدفع المبلغ الخيالي المستحق والذي يصل إلى قرابة ٨٠ ألف دينار شهريا، وهذا في أقصى سقفه ومن يتخلّف عن ذلك يتعرّض إلى عقوبات صارمة من طرف الجهة التي أقرضته في هذه الحالة ماذا يبقى له من الأجر الذي يتقاضاه في ثلاثين يوما.
وهذه العودة خلال هذا الدخول الاجتماعي جاءت ردّا على غياب الاستجابة للمطالب الأخيرة، والمتمثلة أساسا في مراجعة الأسعار مراجعة عقلانية تتماشى مع القدرات المادية للأشخاص، كما هو الحال بالنسبة للصيغ الأخرى الاجتماعي، التساهمي، «عدل» و»الأفنبوس»، كلها لا تتجاوز 300 مليون سنتيم في حين أن الترقوي ما بين 800
و900 ومليار سنتيم، ناهيك عن دفع حقوق خدمات البنك بحوالي 180 ألف دينار وتأمين الحياة من 50 مليون سنتيم الى ما فوق 100 مليون سنتيم حسب كل وكالة، زيادة على طلبات الموثق، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإنّ الأشغال الجارية لا ترتقي إلى ما كان مأمولا منها في بداية الأمر، أي عند الانطلاقة في 2013.
التنسيقية أمهلت وزارة السكن والعمران والمدينة 10 أيام قصد فتح الحوار معها بخصوص عدة مسائل متعلقة بهذا الجانب، وإلا ستدعو الى المقاطعة والتوقف عن تسديد الأشطر الشهرية، وفك التزاماتها مع المؤسسات المالية، ومثل هذا القرار قد يؤدي الى التأثير على السير الحسن للمشاريع القائمة. ولم يكتفي هؤلاء بهذا المطلب بل سيتابعون قضائيا الجهة المكلفة بإدارة السكن الترقوي في نقاط حسّاسة كانت محل تعهّد الادارة، لكنها للأسف ظهرت فيما بعد على أنّها مجرد وعود أسكتت الأصوات المحتجّة على ما يجري في هذه الصّيغة المرهقة حقّا.
ويعود إطلاق هذا  «الخيار» إلى قرابة 6 سنوات بالتمام والكمال، وفي كل مرة يتحاشى المسؤولون في الوصاية إثارة انشغالات أصحابها بالرغم من جسامتها، وحجّتهم في ذلك أن المسألة «ذات طابع تجاري»، وهل هذا يحرم المستفيدين من التكفل بمشاكلهم؟ مثل الباقي في «عدل» وغيرها ففي كل مرة يستند هؤلاء الى هذه الاجابة غير المقنعة دون الاطلاع على الواقع، وما يجري في الميدان من حقائق لابد من رفعها الى مؤسسة السكن الترقوي، منها بالأخص تأخر الأشغال في عدة مواقع، والتحايل في مواد البناء والتخلي عن التصاميم الأولية على أن لا تتجاوز العمارة 4 أو 5 طوابق، وحاليا تحولت الى  ناطحات السحاب، وانعدام المراقبة الصارمة على الورشات،
والمطالبة بإعادة النظر في الأسعار، لا علاقة له بالمرسوم التنفيذي المندرج في هذا الاطار، كما لا يمس هذا القرار بالعقود مع المقاولين، وإنما البحث عن هامش آخر يصنف في خانة التسهيلات الممنوحة للمستفيدين كما هو الشأن بالنسبة للتصورات الأخرى المتاحة حاليا في الحظيرة السكنية، وهذا ممكن جدا بالرغم من أنّ البنوك ترفض رفضا قاطعا مثل هذا المسعى، ولا تستطيع وزارة السكن والعمران والمدينة دخول هذا النّفق حتى لا تعقّد الأمور على حالها.