طباعة هذه الصفحة

استعادة الحيوية للطبيعة..رئيس جمعية حماية الحياة البرية:

تجريم المساس بـ”الثروة الغابية” يعيد الاعتبار للبيئة

علـي عويش

في أعقاب الكوارث الغابية التي شهدتها الجزائر خلال السنوات الأخيرة، يبرز قرار منع التخييم في الغابات واستعمال الفحم لأغراض تجارية، الصادر مؤخراً، كخطوة حاسمة تسعى من خلالها السلطات العليا بالبلاد إلى حماية الثروة الغابية وإعادة الاعتبار للنظام البيئي الوطني.  

وفي هذا السياق، أوضح رئيس جمعية حماية الحياة البرية بتندوف والعضو المؤسس للجمعية الجزائرية لتوثيق الحياة البرية، صدّيقي فيصل، أن هذا القرار لا ينعكس فقط على حماية الثروة الغابية فحسب، بل يمتد إلى أبعاد أخرى ومستويات متعدّدة تتعلّق بالحفاظ على المياه الجوفية والتقليل من ظاهرة التصحّر، كما سيشكّل أرضية صلبة لتأسيس سياحة بيئية مسؤولة ومستدامة على المدى البعيد، ترتكز على احترام الطبيعة لا استنزافها.
وتابع الناشط البيئي بالقول إن الغابات في الجزائر تشكّل نظاماً بيئياً متكاملاً، يضم أنواعاً نادرة من الأشجار كالعرعار والأَرز الأطلسي، إلى جانب تنوّع بيولوجي يشمل العديد من الكائنات الحية منها ما هو مهدّد بالانقراض، مشيراً إلى أن الجزائر تُعدُّ من بين الدول الأربع الأولى من حيث تواجد شجرة الأرز الأطلسي وتمتلك إحدى أكبر المساحات الغابية لهذه الشجرة في العالم.
رحّب صدّيقي بنص القرار الرامي إلى منع التخييم واستعمال الفحم لأغراض تجارية حمايةً للغابات، مذكّراً بما خلّفته سلسلة الحرائق التي شهدتها بلادنا خلال السنوات الماضية، والتي خلّفت على إثرها خسائر كبيرة في الأرواح والممتلكات، مشدّداً على ضرورة التقيّد بنص القرار لتفادي تكرار مأساة حرائق غابة القالة التي أودت بحياة أفراد من الكشافة الإسلامية الجزائرية، وامتدّت النيران آنذاك إلى المناطق العمرانية والمزارع.
وأشار المتحدّث إلى أن المشرّع الجزائري أصدر ترسانة من القوانين المنظّمة للسياحة الغابية وقوانين أخرى تجرّم المساس بالثروة الغابية والحيوانية المحمية بموجب القانون، مجدّداً التأكيد على أن القرار الأخير، يُعدُّ تكملةً لمسار طويل من مجهودات الدولة الرامية إلى المحافظة على النظام البيئي ببلادنا، لتكتمل الحلقة -يضيف المتحدّث- بمنع ولوج الدراجات النارية إلى الوسط الغابي، والتخييم والطهي والشواء داخل الغابات إلا بترخيص، في خطوة أخرى تؤكّد حرص الدولة على حماية الثروة الغابية ببلادنا.
وقال “القرار الجديد نصّ بصريح العبارة على منع صناعة الفحم وتجارته واستغلاله، في خطوة أخرى تهدف إلى تقليص التعدّيات البشرية التي تشكّل السبب الرئيسي في نشوب 90% من حرائق الغابات”.
وأشاد صدّيقي بالدور الكبير الذي يلعبه المجتمع المدني والجمعيات البيئية في المحافظة على الثروة الغابية ببلادنا، مشيراً إلى أن السلطات العليا لم تدّخر جهداً في سبيل سن القوانين وتوفير الإمكانات البشرية واللوجيستية للمحافظة على الثروة الغابية، وهي جهود تبقى منقوصة وقليلة الفعالية ما لم تحظى بمرافقة فعّالة من مختلف فعاليات المجتمع المدني، حسب تعبيره.
وأضاف “ لطالما تواجد المجتمع المدني في الصفوف الأمامية لإطفاء الحرائق، جنباً إلى جنب مع أعوان الحماية المدنية والجيش ومختلف أجهزة الأمن، وهو ما لاحظناه في السنوات الأخيرة الماضية من هبّة شعبية تطوعيّة لدعم جهاز الحماية المدنية وأعوان محافظات الغابات.
إلى جانب التبليغ الفوري عن أي تحرّكات مشبوهة داخل الغابات”، منوّهاً بالدور التوعوي الذي تلعبه الجمعيات البيئية عبر منصّات التواصل الاجتماعي، من خلال التحسيس والتوعية من مغبّة الانخراط في أنشطة قد تؤدي إلى حرائق الغابات وتضع صاحبها تحت طائلة القانون.
ولَفَتَ رئيس جمعية حماية البيئة بتندوف إلى أن السلطات العليا لم تكتفِ بقرار منع الأنشطة المضرّة بالغطاء الغابي، بل عمدت الى سن قوانين ردعية وصارمة في حق كل من يتعمّد إشعال الحرائق بالغابات، وهو ما اعتبره المتحدّث وثبة نوعية لإعادة غاباتنا الوطنية إلى بريقها المعهود وتنوعها الإيكولوجي.