الشعب ترافق خرجة للشباب الجمعوي للبحيرة السوداء ببجاية

مناظـــر ساحـــرة لموقــع سياحي غـــير مستغـل

بجاية: بن النوي توهامي

يدّ الإنسان أضرت بالتراث الغابي والأشجار والنباتات النادرة

في هذا الصدد، قامت الجمعية الايكولوجية «أصدقاء الطبيعة» بأدكار، بدعوة السلطات العمومية إلى تصنيف غابة أكفادو كحظيرة وطنية أو محمية طبيعية من أجل تقييد أو حظر أي نشاط بشري بالمنطقة، وبالتالي إطلاق أبحاث علمية حول حفظ المناظر الطبيعية والأنظمة الايكولوجية وتسيير الموارد الطبيعية، بالإضافة إلى البحث في الآثار التي يخلّفها النشاط البشري على نظامها البيئي.
وقد استضافت جمعية أصدقاء الطبيعة عددا من الشباب تتراوح أعمارهم بين 16 و20 سنة، من أجل التنزه على الأقدام، وعيش مغامرة فريدة من نوعها في قلب الغابة الخضراء لأكفادو، وقد رشّح عضوان من الجمعية وهما ياسين لعزيب ومرزوق خوخي، نفسيهما كمرشدين ولم يتركوا مكانا إلا وعرّفوا الشباب به.
 هكذا التقى الفريق بنقطة الموعد  بالمركز البلدي لبلدية أدكار، المدعوا أيضا «توقبيل»، حاملين حقائبهم على ظهورهم وباشروا في طريقهم إلى البحيرة السوداء، سالكين طريقا ملتوية تمتد على طول 12كلم، وقد نبّه ياسين الذي سهر على تقديم التعليمات للشباب الذين بلغ حماسهم ذروته، من أن المهمة ليست بالسهلة.
 ونحو الساعة السادسة صباحا بدأ المتنزهون المشي واحد تلو الآخر، وعلى رأسهم المرشدين، وخلال هذه المناسبة أشار مرزوق إلى الدور الذي لعبته هذه السلسلة الجبلية خلال الثورة التحريرية، حيث خاطب الشباب الذين كانوا كلهم آذان صاغية قائلا، «لقد كان أكفادو حصن العقيد عميروش والمركز القيادي للولاية الثالثة، إنه مكان تاريخي وموقع حافل بالذكريات».
 وعند بلوغهم الطريق المتعرجة التي تعبر الغابة، أصرّ المؤرخ على التحدث عن الطريق التي تعود إلى القرن الثالث حيث قال بشأنها، «لقد تمّ فتح هذا المحور من قبل الرومان وهو يؤدي إلى غاية قناة التوزيع الرابطة بين توجة وإفران، أما الجهة الأخرى فهي تؤدي نحو الممر الجبلي لتاقمة، بولاية تيزي وزو.
 ومع هذه المعلومات، دعا السائحين إلى التمتع بهواء الغابة النقي كي لا يتعبوا، أما ياسين فقد سهر من جهته على السير الحسن للنزهة وراحة المتنزهين الشباب، وبعد مرور ساعة، توقف الفريق عن المشي للاستراحة تحت ظلال أشجار السنديان الكناري، وتمّ توزيع القهوة والماء والحلويات، كما أن كل من المتنزهين قد أحضروا وجبتهم الخفيفة.
 وقد صرّح عمر القادم من ولاية وهران قائلا، «إني أشعر بآلام على مستوى رجلاي، إذ أني لم أقطع مثل هذه المسافة مشيا منذ أمد بعيد»، أما الشاب كمال فقد قال: «أنا أستغل هذه النزهة من أجل استنشاق الهواء النقي فقد سمم التلوث رئتنا. «قبل أن يضيف: «أنا سعيد جدا بوجودي هنا في هذا المكان الساحر وبرفقة أشخاص رائعين، فرحتي لا توصف».
وبإشارة من المرشد ياسين، وقف كل المتنزهين، فالطريق لا تزال طويلة، وعليه باشروا في السير من جديد، وعلى حافة الطريق، كانت هنالك كومة من الأحجار كان لها شكل أنقاض، صرّح بشأنها فصيل القادم من الأوراس،»لم تبلغ هذه الأحجار هذا المكان لوحدها»،  قبل أن يفسر مرزوق الأمر قائلا، «لقد كان هنا، في عهد قد مضى، حصن روماني كان الهدف منه تأمين المكان، حيث أن القوافل التي تعودت على المرور من هنا، غالبا ما كانت تتعرض للهجمات وعمليات النهب»، مضيفا أن ذلك المكان يسمى «قصر كيبوش».
عـــــودة الأيـــــل البربــــري
كل مار بالطريق الوطني رقم 34 أو الطريق السياحي، يعاين وجود حظيرة مسيّجة، وبشأنها ذكّر مرزوق: «منذ سنة 2005، يشرف مركز الصيد البري بزرالدة على إعادة إدخال الأيل البربري الذي كان يعيش بشمال إفريقيا، وقد كلفت محافظة غابات بجاية على مراقبة وحماية الموقع.
 «وقد أعرب عن فرحه بالنتائج قائلا: «لقد نجحت العملية، فبإمكاننا مشاهدة أنثى الأيل مع صغارها. «وفي هذا الصدد، طلب سمير من الفريق الانتظار لبرهة رغبة منه في مشاهدة الأيل، فسارعت سعاد، طالبة بجامعة ميرة ببجاية، بالرد عليه قائلة: «سيلزمك الكثير من الصبر، فهم في الغابة، إنها حيوانات برية حذرة وصعبة المنال»،  قبل أن تضيف مازحة: «سيكون عليك التخييم هنا من أجل الظفر بفرصة من ألف لرؤية الأيل».
 وعلى الطريق، أبقار برية تتجول بكل حرية، تتجمع في النقاط التي تتواجد بها المياه، حيوانات أخرى تمّ إحصاؤها ومن بينها المكاك البربري والخنزير والأرنب البري والثعلب والفأر الأحمر، بالإضافة إلى  النسر الأصهب والعقاب الأصهب، و القنبرة الغياض، ذات الطيور التي تعدّ متوطنة في الوقت الراهن.
أما في ما يتعلّق بالحياة النباتية، فقد صرّح مرزوق محددا اسم كل من الأشجار التي أشار إليها، «تعد شجرة السنديان الكناري الأكثر انتشارا بالغابة، كما نجد أيضا  شجرة النغت أو ما يعرف بجار الماء وبلوط  الأفراس والقيقب والبهشية المائية الأوراق، كما أنه قد تمّ إدخال أنواع أخرى من النباتات نحو سنة 1900 على سبيل الذكر الأرز الأطلسي والصنوبر الأسود».
بعد ثلاث ساعات من السير على الأقدام، و على ارتفاع 1500 م، تظهر بحيرة ما أروعها! مغطاة بالأزهار ومحاطة بالأشجار، كما لو كانت هدية لكل من تكبد عناء السير لتلك المدة، فبتضمنها ما يقارب 50 %من أجناس حيوانية ونباتية، خاصة بالبحر الأبيض المتوسط تمثل هذه البحيرة مفاجئة من صنع الخالق.
وهي البحيرة التي تتضاعف مساحتها في فصل الشتاء، مكانا للاستجمام وخلق مشاعر الانبهار والاندهاش، وقد قال بشأنها عمر الذي سحر بروعتها، «هناك حيوانات صغيرة في الماء، كما أن هناك نباتات، أنا أرى الأشجار المحيطة بها كما لو كانت حراسا يسهرون على حمايتها من كل دخيل»، وإلى جانب عمر، ياسمين التي صرحت وكلها روح مرحة، «لم أكن أتخيل أن بحيرة مثل هذه قد تتواجد هنا، إنها لساحرة !». وباشر كل في ما يخصه، فمنهم من جهز للنزهة تحت ظلال الأشجار، ومنهم من فضل استكشاف الغابة على غرار البيولوجي سليم.
معانـاة غابـــــة الأرز
على بضعة أمتار من البحيرة، تغطي أشجار الأرز الأطلسي مساحة كبيرة من الغابة، وفي هذا الصدد صرّح البيولوجي سليم، «لا تكف هذه الشجرة عن الانتشار في الغابة بفعل كونها شجرة جد مقاومة»، ولكنه تأسف لظاهرة تمّت معاينتها على جذوع الأشجار حيث قال وهو يلمس لحائها، «يقوم أشخاص غير واعين بنقش الأحرف الأولى من أسمائهم على الأشجار العريقة، من المؤسف أن لا يكون لجهل البشر بمدى الحاقه الضرر بالطبيعة أية حدود».
في حين صرّح مرزوق يقول، «يلحق أشخاص يفتقدون إلى المسؤولية أضرارا بليغة بالغابة، فهم يقضون على كل ما هو حي بها، وتجدر الإشارة إلى أن الغابة نظيفة نسبيا، وقد صرّح ياسين الذي نظم خرجة من أجل جمع النفايات، « تسهر الجمعية وسكان المنطقة على الحفاظ على نظافة المكان، فنحن ننظم خرجات مع المدارس والسكان من أجل جمع القاذورات التي يتركها الناس الذين لا يكنّون أي احترام للطبيعة».


 

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19453

العدد 19453

الأربعاء 24 أفريل 2024
العدد 19452

العدد 19452

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19451

العدد 19451

الإثنين 22 أفريل 2024
العدد 19450

العدد 19450

السبت 20 أفريل 2024