التحدّيات الأمنية تتطلب جهودا تتعدى المتوسط

حمزة محصول

تحتضن الجزائر، اليوم، أشغال الدورة الثانية  للحوار الرفيع المستوى حول التعاون في مجالات الأمن الإقليمي ومكافحة الإرهاب، بينها وبين وبروكسل، برئاسة وزير الشؤون الخارجية عبد القادر مساهل والممثلة العليا للشؤون الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني.
الندوة رفيعة المستوى، تأتي في سياق يتسم بكثافة الحراك الدبلوماسي الثنائي ومتعدد الأطراف بين الجزائر ودول الإتحاد الأوروبي، والذي يركز على سبل تكثيف الشراكة الاقتصادية وتعزيز التعاون الأمني وتوحيد الجهود الرامية إلى حل المعضلات الإقليمية وعلى رأسها الأزمة الليبية.
وتحل نائب رئيس المفوضية الأوروبية والممثلة العليا للسياسة الخارجية لبروكسل، فيديريكا موغيريني، بالجزائر اليوم، لترأس مناصفة مع رئيس الدبلوماسية الجزائرية عبد القادر مساهل، أشغال ندوة الحوار حول التحديات الأمنية ومكافحة الإرهاب في المنطقة، والتي ستركز على مناقشة العمل المنجز في السنوات القليلة الماضية وتقييم الوضع الحالي للعمق الاستراتيجي للطرفين.
وترى الجزائر أن مشاكل الهجرة غير الشرعية والإرهاب والجريمة المنظمة، متداخلة مع بعضها البعض من حيث الاسباب والتداعيات بمنطقتي شمال إفريقيا والساحل الإفريقي.
وكادت معضلة الهجرة غير الشرعية، أن تفجر الصيف الماضي وحدة الاتحاد الأوروبي، بعدما برزت خلافات عميقة بين أعضائه بشأن خطط التعامل مع المهاجرين غير الشرعيين واللاجئين الفارين من مناطق النزاعات.
 قدمت الدول الأوروبية وعلى رأسها فرنسا منذ 2014، استراتيجيات غلب عليها الطابع الأمني، مثل التهديد بقصف قوارب المهاجرين وتوجيه ضربات عسكرية للجماعات التي تنشط في الاتجار بالبشر في ليبيا، لتصل الربيع الماضي إلى اقتراح إقامة مراكز لجوء مؤقتة في دول الضفة الجنوبية للمتوسط.
 بشأن هذه النقطة، قال الوزير الأول أحمد أويحيى، الأسبوع الماضي، في ندوة صحفية مشتركة مع رئيس مجلس الوزراء الايطالي جوزيبي كونتي، أن “الجزائر ليست بحاجة إلى  مناقشة هذا المقترح مع أحد لأن العالم يعلم رفضها له جملة وتفصيلا”.   سيكون لقاء اليوم، بين مساهل وموغيريني، فرصة لتطلع بروكسل مجددا على موقف الجزائر من قضية الهجرة غير الشرعية،  والذي يتقاطع مع الخطط الاوروبية المؤقتة التي لا تتجاوز حوض المتوسط.
 ترى الجزائر أن معالجة جذرية، لمصادر الهجرة غير الشرعية في منطقة الساحل الإفريقي وشرق إفريقيا، هي “الحل الجاد”، وذلك عبر برنامج تنمية واستثمار اقتصادي حقيقي والدفع بتسوية الأزمات السياسية والأمنية.
مكافحة الإرهاب
في المقابل تتبنى دول المجموعة الأوروبية، مقاربة قائمة على “حالة الطوارئ” وتشديد الرقابة على حدودها للتعامل مع الإرهاب، وهي الخطة التي أثبتت فشلها في مناسبات عديدة في التصدي الاستباقي لنشاط ما يسمى بالذئاب المنفردة.  بينما تحتاج مكافحة الإرهاب إلى جهد أكبر يفوق حدود القارة الأوروبية ويتعدى الأجندات الضيقة، مع الاستفادة من الدروس السابقة الناجمة عن التدخلات العسكرية غير المسؤولة في دول مثل ليبيا وسوريا.  وتطرح الجزائر أفكارا شاملة نابعة من تجربتها الخاصة لمكافحة الظاهرة الإرهابية، تنخرط فيها المؤسسات الدينية والتربوية مع تفعيل مبادئ السلم والمصالحة الوطنية.  ستكون الحاجة ملحة إلى تعزيز التعاون الأمني  بين الجزائر والاتحاد الأوروبي على الصعيدين الثنائي والمتعدد في ظل استمرار اسباب التحديات الأمنية الحالية في المنطقة، وبالأخص تقاسم المعلومات.
الشراكة الاقتصادية
الدورة الثانية للحوار الرفيع المستوى بين الجزائر والاتحاد الأوروبي، وإن كان سيأخذ الجانب الأمني القسط الأكبر منها، إلا أن بحث الشراكة الاقتصادية والتجارية بين الجانبين سيكون على طاولة النقاش، وفق ما أفاد به بيان وزارة الشؤون الخارجية. وسبق للطرف الأوروبي أن تلقى تحفظات الجزائر بشأن اتفاق الشراكة الموقع سنة 2002 والذي دخل حيز التنفيذ سنة 2005، وأسبابها الكافية للتعجيل بتعديله.
 من الضروري أيضا، أن تتفهم بروكسل،  دوافع الحكومة الجزائرية لتشديد إجراءات الاستيراد التي أتخذها منذ 2015 لحماية الاقتصاد الوطني بعد تهاوي أسعار النفط في الأسواق الدولية.
وقامت الجزائر في السنوات الأخيرة بحضر استيراد عشرات المنتجات القادمة من الاتحاد الأوروبي في إطار ممارستها لاستقلالية قرارها الاقتصادي وحماية احتياطي الصرف الأجنبي من التآكل السريع.
 يفرض واجب التضامن والشراكة الاستراتيجية، على بروكسل أن تتقبل الخيارات الاقتصادية الظرفية للجزائر، خاصة وأن التعاون في المجالات الحيوية (الطاقة والأشغال العمومية) سجل نموا متزايدا، وجرى توقيع اتفاقيات بملايير الدولار بين سونطراك ونظيراتها الأوروبية منذ نحو سنة.
ولاشك أن اللقاء بين  مساهل وموغيريني، سيتطرق أيضا إلى مسألة تنقل الأشخاص، والتسهيلات المتعلقة بمنح التأشيرات.  

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024