طباعة هذه الصفحة

المجاهد كشود يعود إلى الذكرى الخالدة

هكذا رفض قادة الثورة استعادة الاستقلال المنقوص

سهام بوعموشة

وحدة الشعب ووحدة التراب الوطني سببا النجاج والانتصار

أبرز وزير العلاقات مع البرلمان الأسبق والمجاهد محمد كشود، حنكة قادة الثورة الذين لم يقبلوا في مفاوضاتهم مع الوفد الفرنسي بالإستقلال المنقوص، حيث ركزوا على استرجاع السيادة الوطنية ووحدة الشعب الجزائري والتراب الوطني، مشيرا إلى أن إتفاقيات إيفيان كانت ناجحة  بالرغم من مأخذ البعض عنها، نافيا أن الإتفاقيات منحت إمتيازات إقتصادية لفرنسا.
أكد الوزير السابق والمجاهد محمد كشود في مداخلته أمس بالمتحف الوطني للمجاهد بمناسبة الذكرى 57 لعيد النصر، أن قادة الثورة لم يكونوا دمويين، فقد لجأوا لحمل السلاح بعد نفاد كل الوسائل السلمية التي كانوا يطالبون بها، سواء عن طريق الأحزاب السياسية أو الجمعيات، لكن فرنسا كانت تدير ظهرها وترد بإرتكاب الجرائم آخرها كانت مجازر 8 ماي 1945، ما جعل قادة الثورة يتيقنون أن مع فرنسا لا ينفع إلا العمل المسلح.
ويعتقد كشود أن بداية الإتصالات والمفاوضات مع فرنسا، كانت حين بعث جاك سوستيل بأحد عقدائه للتقاء الشهيد مصطفى بن بولعيد الذي كان في السجن وطلب منه التفاوض، لكن الشهيد رفض وقال أنه لا يمثل كل الثورة وعليهم التفاوض مع القادة خارج السجن، وفي شهادة للمرحوم المجاهد سليمان بن طوبال المدعو عبد الله أن فرنسيين خارج الحكم إتصلوا بهم بطريقة مباشرة، في 20 فيفري 1955  أي بعد استشهاد مراد ديدوش بشهر.
في هذا الصدد، أوضح المجاهد أن المفاوضات مرت بمرحلتين في عهد الجمهوريتين الرابعة والخامسة، بحيث أن الجمهورية الرابعة لم تكن تعترف بجبهة التحرير الوطني وطالبت المساعدة من الحلف الأطلسي الذي لبى رغبتها، وهو السبب الذي جعل قادة الثورة السعي لتحقيق هدفين الأول إقناع المجتمع الدولي وإجبار فرنسا للإعتراف بأن الشعب الجزائري مستعمرة، ولنزع هذا الغطاء الذي كانت تدافع به فرنسا أمام منظمة الأمم المتحدة، وتتهم المجاهدين بأنهم متمردين.
في حين الهدف الثاني هو الكفاح لإجلاء قوة العدو من الجزائر، وبفضل جبهة وجيش التحرير الوطني قال –المحاضر- تمكنا من إفشال الجمهورية الرابعة وإزالة حكوماتها السبعة، ثم جاءت المرحلة الثانية في عهد الجمهورية الخامسة بمجيء الجنرال شارل ديغول الذي عين كرئيس جمهورية في 8 جانفي 1959 خلفا للسابق روني غوتي.

إتفاقيات إيفيان كانت ناجحة

وأضاف كشود أن ديغول جاء بثلاثة مخططات، الأول مخطط ترغيبي من خلال مشروع قسنطينة لإحتواء الشعب الجزائري وإبعاده عن جيش التحرير الوطني، والثاني مشروع ترهيبي بمنح شال كل الصلاحيات الكاملة للقضاء على المجاهدين لإنقاذ فرنسا من المستنقع، مشيرا إلى أن المفاوضات الرسمية كانت في 20 فيفري 1961 مع ديغول حين أرسل رئيس الوفد بومبيدو للإلتقاء بالطيب بولحروف وأحمد بومنجل التي دامت طويلا، إلا أن بومبيدو بقي صارما ومتعنتا في موقفه، فتوقفت المفاوضات.
وفي هذه النقطة أكد وزير العلاقات مع البرلمان، أن ديغول خاف من تعرض فرنسا لحرب أهلية فسارع لإمضاء الإتفاق لوقف إطلاق النار، مشيرا إلى أن الإتفاق بين الوفد الجزائري والفرنسي تم من 11 إلى 19 فيفري 1962 وتم تسليم الوثيقة للمجلس الوطني للثورة صاحب السلطة الفعلية للمصادقة عليها بالإجماع، ما عدا المرحوم هواري بومدين، القايد أحمد، علي منجلي وبويزم المدعو ناصر الذين رفضوا التصويت، وحسب كشود فإن الرفض كانت مسألة تكتيكية كي تقدم فرنسا تنازلات أكبر.  
وفي رده عن سؤال «الشعب» حول المأخذ عن إتفاقيات إيفيان التي منحت إمتيازات إقتصادية لصالح فرنسا،  أوضح كشود أنه من خلال السيادة الوطنية إسترجعنا كل شيء، وأن الأمر الأساس في اتفاقية ايفيان هو ثلاث عناصر أساسية، التي عبر عنها أول نوفمبر فيهم من كان صريحا وفيه ما كان بطريق غير مباشر وهي وحدة الوطن والإستقلال التام ووحدة التراب الوطني، وبتحقيق هذه العناصر كل شيئ قابل للتغيير، قائلا:»البعض يعيب قضية اتفاقية ايفيان لكن لو انتبهوا أننا بإسترجاع السيادة الوطنية نسترجع كل شيء، في 1966 أممنا المرسى الكبير والمحروقات، الإتفاقيات كانت ناجحة، من الذي كان يعتقد أن فرنسا سوف تتنازل عن الأرض الجزائرية منذ 22 أوت 1834؟».
وحسبه فإن إتفاقيات إيفيان كانت ناجحة، فقادة الثورة كانوا يبحثون عن الإستقلال التام، ويتفاوضون من أجل وحدة الشعب والوطن وأن من يسكن معهم أقلية أوروبية، لأن فرنسا كانت تعتبرنا شتاتا من القبائل يحاولون تكوين أمة.