طباعة هذه الصفحة

وظيفته تتمثل في تقييم الوضعية واقتراح حلول ضمن نظرة استشرافية

الخطــــاب الرسمــــي للسلطـــــة والمعارضـــــة لا يواكـــــب التحـــــولات الراهنــــــة

سعيد بن عياد

لا يزال الخطاب السياسي الرسمي ولدى المعارضة أدنى بكثير من التطورات التي يعرفها المجتمع خاصة في ظل الحراك الذي رفع سقف الأداء إلى مستوى يتطلب مواكبة التغيرات على مستوى كافة الشركاء من سلطة ومعارضة ومجتمع مدني.
إنها الصورة التي ترسم في المشهد الراهن في ظل البحث عن حلول ملائمة تراعي المتطلبات الدستورية والتطلعات الشعبية ضمن المعايير التي تؤسس لمرحلة جديدة ترتكز على مبادئ وقواعد متوافق عليها تلبي المطالب التي يعبر عنها الشارع منذ 22 فيفري الماضي.
وصف الأستاذ عبد العزيز جراد الخطاب السياسي بأنه ليس في مستوى التحليل وتقديم الصورة والرؤية الصحيحة حول الوضعية الراهنة، التي نقلت البلاد إلى مواجهة تحديات تعلق بكافة جوانب الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، موضحا أن وظيفة الخطاب السياسي تتمثل في أنه يتناول تقييم الوضعية ويقترح حلولا ضمن نظرة استشرافية، غير أن الخطاب السياسي في ظل أزمة كالتي تمر بها البلاد لا يزال يحمل نفس التقاليد والأساليب القديمة وذلك كما تبين من خلال أسلوب حديث رئيس الدولة أو الصورة التي يخاطب بها المجتمع.
وأشار إلى أنه لا يوجد حوار يبين السلطة والمواطنين ضمن الخطاب كما لا تنظم ندوات صحفية مباشرة تسمح بالتبادل والطرح المخالف والنقد حتى يمكن بناء خطاب عصري ينسجم مع المعايير الجديدة للاتصال بين السلطة والمجتمع بحيث يتقلص هامش الخلاف في الرؤية وتتقارب التصورات حول المصلحة الوطنية بكافة جانبها.
ونفس الانطباع يشمل الخطاب السياسي للمعارضة كونه لا يرقى إلى المستوى النوعي، بحيث لم تتمكن المعارضة من الوصول إلى بناء خطاب متفق عليه ويحقق توافقا بالنظر للتساؤلات التي يطرحها المواطنون والانشغالات التي يعبر عنها الحراك، مضيفا في هذا الصدد أن هناك من أطراف المعارضة من يريد التغيير لكن دون الاتفاق على محتوى ذلك الهدف، بل أن ضمن نسيج المعارضة نفسها يوجد من يحاول التسلل إلى مشهد الحراك، الذي يصنفه في خانة أسباب الأزمة وليس الحل.
ونفس الصورة يرسمها خطاب النخبة الجامعية، مسجلا أن هذه النخبة كانت أيضا في حالة أشبه بغيبوبة، ولم تتمكن من تقديم اقتراحات من شأنها أن تساعد على رسم وصياغة الحل، وأن هناك جامعيين يتكلمون على مستوى منابر إعلامية خاصة بطريقة ليست لها تلك الخصوصية النوعية والموضوعية التي تمنحهم مركزا لائقا في المشهد.
وعن موقع الإعلام في المشهد العام ومسؤوليته، خاصة بالنظر لفداحة حجم الفساد الذي استشرى في البلاد، وقد كان من رموزه القابعين في الحبس من يتصدر مختلف وسائل الإعلام لسنوات طويلة، اعتبر جراد أن الإعلام يدخل أيضا في نفس هذه الوضعية، مضيفا أن الأزمة الراهنة وتسارع الأحداث التي تفرزها منذ 22 فيفري الماضي، يجعل من الصعب عليه تشكيل صورة وحكم دقيقين، مما يفتح المجال للانفعال ورد الفعل أمام تلك الأحداث.
بهذا الخصوص اعتبر جراد أنه «إذا كان المؤرخ يملك من الوقت ما يسمح له بقراءة شاملة للماضي، فإن المحلل يتناول الوضعية الراهنة في حينها وكذلك الإعلامي، مبرزا أهمية إثارة الجانب الإيجابي الذي ترتسم معالمه في الساحة، حيث يسجل تحوّل نوعي في الممارسة والخطاب الإعلامي من خلال بروز شباب يتناول القضايا ويعبر عن رأيه بكل وضوح وجرأة».
وخلص إلى أن «الخروج من الأزمة يكون عن طريق انتهاج مسار بناء تدريجي يرتكز على تغيير الأساليب وتطوير الذهنيات من جميع الشركاء، سواء على مستوى الفرد أو المجوعة، حتى يمكن استيعاب الحجم الهائل من المطالب التي تلقي بظلالها على المجتمع»، في انتظار أن يرتسم الحل التوافقي الذي يقود إلى وضع حجر الأساس الأول بانتخاب رئيس الجمهورية.