طباعة هذه الصفحة

رئيس الجمهورية في مقابلة مع قناة «فرانس 24»:

مجابهة إشكالية الذاكرة مع فرنسا لتلطيف مناخ العلاقات بين البلدين

خصّ الرئيس تبون قناة «فرانس 24» الفرنسية بمقابلة، أوضح فيها موقف الجزائر بشأن عدد من القضايا، مبرزا نظرته حول ملفات تتعلق بالعلاقات بين الجزائر وفرنسا، منها ما يخص الذاكرة والتعاون إلى جانب مسائل إقليمية. وفيما يلي نص المقابلة كاملا:
أبرز رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مساء السبت، أنه من الضروري أن يتم مع فرنسا مجابهة إشكالية الذاكرة لتلطيف مناخ العلاقات بين البلدين، مشددا في مقابلة خص بها القناة التلفزيونية الفرنسية (فرانس 24) بقوله، إنه «يجب علينا أن نجابه إشكالية الذاكرة التي تشوش العلاقة بين البلدين من دون عدوانية وفي كنف الاحترام ما بين البلدين»، مبرزا أن ذلك «سيسمح بتلطيف مناخ العلاقات الثنائية وجعلها أكثر هدوءا بين البلدين اللذين تربطهما علاقات اقتصادية واجتماعية وجوار».
وفي رده على سؤال حول مسألة المطالبة بالاعتذار من قبل فرنسا على الجرائم المرتبكة إبان الحقبة الاستعمارية، أشار رئيس الجمهورية إلى أنه «سبق وأن وصلتنا شبه اعتذارات وكانت هناك تعليقات إيجابية تجاه هذا المطلب من قبل العديد من المسؤولين الفرنسيين»، مضيفا «أننا نتمنى أن يتم تقديم الاعتذار».
وردا على سؤال تناول حدث استرجاع رفات رموز المقاومة الشعبية ضد الاستعمار الفرنسي، قال الرئيس تبون إن «الرئيس الفرنسي ماكرون قد تفهم الطلب الجزائري وتلقاه بصدر رحب» لافتا بخصوص جرائم الاستعمار الى أن الرئيس ماكرون «قد تحلى بالشجاعة وقال ما لم يجرؤ البعض على قوله».
وذكر الرئيس تبون بعديد النقاشات التي جمعته والرئيس الفرنسي والتي اكتنفها الهدوء، لا سيما تلك التي جرت ببرلين خلال انعقاد الاجتماع الخاص بالوضع في ليبيا، مبرزا بقوله إنه «بإمكاننا أن نمضي قدما لتحقيق أشواط من التقدم في علاقاتنا، لاسيما فيما تعلق بإشكالية الذاكرة».
وأضاف في هذا السياق أن «الرئيس ماكرون نزيه وواضح ونظيف تاريخيا ولم يشارك بتاتا في ما حدث في الماضي ويود أن يخدم بلده ولكنه يود أيضا أن تعود علاقتنا إلى مستواها الطبيعي»، لافتا أيضا «نحن دولة نافذة لديها كلمتها في المجتمع الدولي، لاسيما على الصعيد الإقليمي».
وبخصوص تبادل الزيارة من قبل رئيسي الدولتين إلى الجزائر وفرنسا، اعتبر أنهما سيكونان زيارتا دولة وأنهما يستدعيان الكثير من الوقت، مبرزا أن ذلك سيكون محل دراسة من الجانبين عندما يزول وباء كورونا.
في هذا الجانب، ذكر رئيس الجمهورية أن مثل هذه الزيارات تتطلب عشرة أيام من الغياب ليتم الإعداد لها، مشيرا إلى الجدول الزمني بالجزائر الذي يعرف تسريعا في العملية الديمقراطية.    
 

الإفراج عن محبوسين آخرين من نشطاء الحراك ممكن

ولم يستبعد رئيس الجمهورية إمكانية الإفراج عن أشخاص آخرين من الناشطين في الحراك المحبوسين، لا سيما في سياق خطوات إضافية لتعزيز المناخ الذي سيتم في ظله الانتقال إلى التغييرات التي وعد بها.
وذكر في هذا الشأن، في رده على سؤال تناول هذا الموضوع، أنه «بصفتي رئيساً للجمهورية أمارس صلاحياتي الدستورية بإصدار العفو كلما اقتضت الضرورة ذلك»، حيث تمسك في نفس الوقت بضرورة رفع اللبس «لكون أن العدالة قد تابعت هؤلاء الأشخاص، بمن فيهم من سبق وأن أطلق سراحهم، بتهم السب والشتم والحث على الإخلال بالنظام العام».
وأضاف، «نعم من الممكن إطلاق سراح هؤلاء الأشخاص، لأنه في فترات معينة يتطلب أن يساهم جميع الجزائريات والجزائريين في المضي نحو مناخ هادئ يمكننا من الانتقال الى التغيير»، مبرزا «أنه من جملة ذلك مشروع تعديل الدستور الذي كان مقررا أن يتم هذا الشهر قبل أن تفرض علينا الطبيعة قيودها».
وفي هذا الصدد، «وبالرغم من كل هذا، فإن النقاشات حول مسودة الدستور تتواصل وأنها تتسارع في الآونة الأخيرة، كما أن لدينا حوالي ألفي مقترح حول المحتوى تخص حذف أو تغيير أو توسيع وإضافات»، حسبما ذكره. مضيفا، أن اللجنة المكلفة بالصياغة قد بدأت في توسيع اجتماعاتها للاستماع لمزيد من الآراء.
كما أن مشروع تعديل الدستور سيقدم أنموذجا جزائريا أصيلا - يضيف الرئيس- يعبر عن ثقافتنا، «لأننا نعتبر أن التقليد الأعمى ليس له أي نفع»، مضيفا أن الدستور الجديد سيعزز من صلاحيات الهيئة التشريعية وسيمكن نواب البرلمان من تقديم مقترحات قوانين وإنشاء لجان رقابة حول أي موضوع وبخصوص أي قطاع وزاري، كما أنه سيضع القيود التي تمنع أي انزلاق إلى السلطة الشخصية.
وقال رئيس الجمهورية، إنه «إذا خفّت حدة الوباء وانخفض عدد الحالات المصابة بكورونا، فإن الاستفتاء حول الدستور سيكون مع الدخول الاجتماعي المقبل ما بين سبتمبر وأكتوبر القادم».

لم أدعم بتاتا ترشح الرئيس السابق لعهدة خامسة

وعن سؤال تطرق إلى المحاكمات التي تطال شخصيات سياسية بارزة بتهم الفساد والتي تحدثت عن تنفيذ أوامر للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، قال الرئيس تبون إن «العدالة قد فصلت وبتّت في الأمر، لكنها قادرة على استدعاء أي شخص كان، إن رأت ذلك». موضحا بأن القضايا المطروحة أمام العدالة «ليست سياسية» وإنما المسألة تخص سوء استغلال للسلطة من قبل مسؤولين سابقين.
ونفى بالمناسبة ادّعاء دعمه لترشح الرئيس الأسبق لعهدة رئاسية خامسة، قائلا في هذا الخصوص «لم أدعم بتاتا ترشح عبد العزيز بوتفليقة لعهدة خامسة، حيث أنها قضية ظهرت في 2018 وكنت آنذاك في منزلي ولم يكن حتى ليطلب رأيي حول ذلك وقتها».

الجزائر مستعدة لاحتضان حوار الأشقاء الليبيين بطلب منهم

وبالنسبة للأوضاع في ليبيا، أكد رئيس الجمهورية استعداد الجزائر لاحتضان أي مسعى للحوار، شريطة أن يكون بطلب من الليبيين، مؤكدا تمسك الجزائر بتعهدها الذي عبّرت عنه في اجتماع برلين بعدم التشويش على أي مبادرة تخدم الأشقاء الليبيين.
وأعرب عن أمله في إيجاد حل سريع لهذا الإشكال وأن يحدث توافق ما بين جميع الأطراف في ليبيا، يتوج بتنظيم انتخابات تضع لبنة الاستقرار وتعبر عن كل التوازنات بهذا البلد، مبرزا تقارب الرؤى الجزائرية حول هذه المسألة مع بعض الفاعلين الدوليين، على غرار فرنسا وإيطاليا.
وذكر في هذا الصدد، «نحن لم نفقد الأمل في إيجاد حل في ليبيا ونواصل بشكل دوري اتصالاتنا مع كل الأطراف التي نقف بنفس المسافة إزاءها ولن نقف أبدا مع طرف على حساب طرف آخر».

نرحب بأي مبادرة تمكن طيّ أي إشكال مع الأشقاء المغاربة

وفي رده على سؤال حول العلاقات مع بلد المغرب الشقيق، ذكر تبون بقوله: «أقولها بشكل رسمي، بأن الجزائر ليس لها أي إشكال أو مشكل مع هذا البلد الجار». مضيفا، أنه ما تم ملاحظته هو أن «هذا البلد هو من لديه مشكل مع الجزائر، لاسيما مع التصعيد اللفظي الذي نتمنّى أن يتوقف وكذا من خلال تحليل الشأن الداخلي الجزائري وفق أحكام مسبقة».
وأبرز في رده على هذا السؤال بقوله، «نتمنى للمغرب الشقيق كل التنمية والازدهار وليس لدينا أي مشكل، لا مع المغرب ولا مع دولته ولا مع الملك المغربي»، معبرا عن ترحيبه بأي مبادرة تمكن من غلق وطي هذا الإشكال.

احتمال تشديد إجراءات الحجر إن لزم الأمر ذلك

وبخصوص الوضعية الوبائية، أكد رئيس الجمهورية أن كل القرارات المتخذة بخصوص الحد من تفشي وباء كورونا العالمي تبنى على أساس توصيات المجلس العلمي، مشيرا إلى احتمال تشديد إجراءات الحجر الصحي «إن لزم الأمر ذلك».
وأضاف، أنه لا يستبعد تشديد إجراءات الحجر الصحي في حال ما إذا أوصت به اللجنة العلمية المكلفة بمتابعة تطور وباء كورونا باعتبارها - كما قال - الوحيدة التي تملك كافة الصلاحيات لإقرار التوصيات المتعلقة بمجابهة وباء كورونا العالمي، مضيفا أنه تم توجيه تعليمات للمسؤولين المحليين لللجوء إلى الحجر الجزئي في الأحياء والمدن إذا اقتضت ذلك الضرورة.
كما أضاف، أن هناك من الشباب من يعتقد «أننا نستعمل هذا الوباء كشبح لمحاولة فرض الحجر عليهم ومنعهم من التعبير عن أرائهم».
وبخصوص فتح المجال الجوي، أوضح الرئيس تبون أن هذا الأمر «متوقف على قدراتنا وخشيتنا من زيادة عدد الإصابات»، مذكرا بمختلف الإجراءات التي اتخذتها الجزائر خلال عملية إجلاء رعاياها الذين يتم عزلهم صحيا لمدة أسبوعين لتفادي تفش الوباء.
وأضاف رئيس الجمهورية، أن هذا الإجراء الوقائي سمح بإحصاء بين 40 و50 مصابا ضمن هؤلاء الذين تم إجلاؤهم.