اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور عمر هارون، أن تطوير المعلومات الإحصائية من خلال تحصيل البيانات الاقتصادية الدقيقة الآنية والموثوقة ذات أهمية جوهرية في عملية خروج الجزائر من التبعية للمحروقات وأحادية مصادر الدخل، مؤكدا أن معالجة المعلومة الاقتصادية والقراءة الدقيقة لها سيسمح باستشراف المستقبل، نافيا في ذات السياق أن يكون عملية تنجيم، بل هي نماذج رياضية بحتة تقوم على معطيات تراكمية يدرسها المختص وفق خوارزميات رياضية.
فتيحة كلواز
أكد الخبير الاقتصادي الدكتور عمر هارون، في اتصال مع «الشعب»، أن الرؤية الجديدة لرئيس الجمهورية والمطبقة من طرف الحكومة، في محاولة رقمنة الاقتصاد الوطني، سيمكن الجزائر من تحصيل المعلومة الاقتصادية في وقتها، لما لها من أهمية كبيرة. فهناك فرق بين تحصيل المعلومة بعد وقوعها بأشهر، وبين تحصيلها في نفس الوقت. وقال إن الاقتصادي، مثله مثل الطبيب، لا يستطيع العمل بدون توفر معطيات تكون التحاليل أقلّها. والاقتصاد الوطني الى حد الآن لا يتوفر سوى على الحد الأدنى من المعلومات، ما استدعى تطوير المعلومات الإحصائية لإنعاش الاقتصاد الوطني.
وكشف المتحدث، أن أصحاب القرار، سواء كان رئيس جمهورية أو وزير أو خبير اقتصادي، يجب ان تتوفر لديه المعلومة في اللحظة التي وقعت فيها، لأنها ستمنحه القدرة على اتخاذ القرارات الصحيحة والمناسبة، خاصة مع التطور التكنولوجي الكبير الذي يعرفه العالم، في المقابل عدم وجود إحصائيات آنية ودقيقة أو في حالة وجود احصائيات تحصل عليها المختص او المعني في وقت متأخر، ستجانب القرارات المتخذة خاصة الاقتصادية، بسببها الصواب، لأن المعطيات المتوفرة قديمة.
واستطرد الخبير الاقتصادي، أنه وكما يعرف الجميع فإن الاقتصاد يحتاج الى المعلومة الدقيقة والآنية، لهذا يجب أن تكون المنظومة التي تبحث الدولة عن تطويرها منظومة اقتصادية مرقمنة. فرقمنة الاقتصاد والبحث عن الإحصائيات، لا يرتبط فقط بقضية وضع وزارة أو وزارة منتدبة أو آليات إدارية، بل تتطلب رقمنة الاقتصاد عملية الضرائب، الجمركة، المعاملات البنكية والمصرفية، المعاملات الإدارية، وكذا رقمنة الفوترة.
فالمشاكل التي يعانيها الاقتصاد الوطني - بحسبه - اليوم، هي نتيجة حتمية لغياب الفوترة. كل هذه المعطيات إذا استطاع المختصون رقمنتها ستكون لدى السلطات المعنية المعلومة الإحصائية الآنية، الدقيقة والصحيحة، ما يخول صاحب القرار اتخاذ قراره، تماما كما يفعل الطبيب. فإذا أعطيناه تحاليل جيدة وفي اللحظة الآنية، سيشخص الحالة بصفة دقيقة. أما إذا أعطيناه تحاليل قديمة بأجهزة غير دقيقة، إما لا يستطيع تشخيص المرض وإذا شخصه سيتخذ القرارات الخاطئة لمعالجته.
في ذات السياق، أكد الدكتور عمر هارون، أن الجزائر اليوم بحاجة ضرورية إلى رقمنة المعلومة الاقتصادية حتى يستغلها الخبراء الاقتصاديون والباحثون الذين يعانون، بسبب الصعوبة الكبيرة التي تواجههم أثناء قيامهم بالدراسات الاقتصادية من اجل تقديم مجموعة أفكار دقيقة تساهم في خروج الجزائر من التبعية للمحروقات وأحادية مصادر الدخل.
أما فيما يتعلق بالاستشراف، قال المختص الاقتصادي إن الدولة اذا أرادت ان تعرف المستقبل، عليها ان تبني وتعرف معطياتها الاقتصادية، ما يمنحها القدرة على صناعة المستقبل. مؤكدا في الوقت نفسه أن الاستشراف ليس عملية تنجيم، بل هو أدوات رياضية يقوم من خلالها المختصون بالبحث عن الدورات الاقتصادية او على ضمانات الدورة الاقتصادية أو الأحداث الاقتصادية. فالدراسات التي قام بها الخبراء في مختلف دول العالم، أكدت أن الأزمة الاقتصادية تحدث كل عشر أو ثماني سنوات من خلال المعطيات المتراكمة التي تستعين بها المخابر البحثية في دراستها الرياضية والتي ستعطي الخبير أو الباحث او السلطة المعنية الاستشراف الذي تبحث عنه.
وذكَّر الخبير، أنه عندما يتكلم اليوم المختصون عن إنتاج الخضر أو الفواكه أو إنتاج النفط، ستعطى لهم عن طريق معطيات سابقة. وأعطى في ذات السياق مثالا آخر، هو الاستهلاك. فعندما يعرف المختص كم يستهلك المواطن الجزائري في الأسبوع الواحد، في الشهر وفي مختلف الفصول، تراكميا يستطيع الخبير الاقتصادي معرفة إذا زاد عدد السكان أو اذا ارتفع المعدل العمري أو انخفض وكم سيكون استهلاكه.
ما يعني بالضرورة، بحسب المتحدث، معرفته كم ستكون لديه من مصاريف، والمصانع بنفس الشاكلة أيضا. إذن، فكلما توفرت لديهم المعطيات، كلما استطاعوا وضع دراسات رياضية ونمذجة رياضية التي من خلالها يستطيع المختصون القيام بعملية الاستشراف التي هي نماذج رياضية بحتة تقوم على معطيات تراكمية، أو ما أصبح يعرف الآن بالـ«BIG DATA « وهو حجم كبير ومهول من المعلومات يتم معالجتها من خلال خوارزميات رياضيات توضع في أجهزة الكومبيوتر طبعا، تعالج وتعطي الخبير المعلومة والقراءة الدقيقة.
من خلال هذا الكلام، استخلص الدكتور عمر هارون، ان توفر المعطيات الاقتصادية بشكل آني ودقيق بتطوير عملية الإحصاء، يمنح القدرة على اتخاذ القرار الدقيق والصحيح من قبل المسئول ويعطي القدرة أيضا للباحث الاقتصادي لوضع دراسات اقتصادية جيدة ويعطي من الجانب الاستشرافي الطريقة التي تمكن المختص من بناء نماذج رياضية ونماذج استشرافية يخرج من خلالها بنتائج تمكنه من معرفة المستقبل.