طباعة هذه الصفحة

الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف لـ«الشعب»:

عصرنـــة النظام المــالي والنقـدي أصبحت ضــرورة

سهام بوعموشة

 الانتقال الرقمي أحد ركائز الحوكمة الصحيحة

يرى الخبير الاقتصادي عبد الرحمان هادف، ضرورة عصرنة النظام المالي والنقدي، وكذا إعادة النظر بصفة شاملة في النظام الجبائي، وتكييفه مع نسيج مؤسسات الاقتصاد الوطني، خاصة وأن النظام البنكي في الجزائر لا يتماشى والواقع الحالي، مبرزا أهمية الانتقال الرقمي كأحد ركائز الحوكمة الصحيحة.
أكد هادف في تصريح لـ«الشعب»، أن التسيير المالي الذي تناولته جلسة العمل التي ترأسها رئيس الجمهورية، الخميس، أصبح لا يتماشى تماما مع البرنامج والواقع الحالي في كل الجوانب، سواء ما تعلق بجانب تسيير الميزانية أو تسيير النظام البنكي أو التجارة الخارجية، قائلا:« لابد من تشخيص للنظام المالي الجزائري حتى يتم الخوض في إصلاحات من جانب الحوكمة»، مشيرا إلى أن الحوكمة والتسيير في النظام المالي اليوم تجاوزها الوقت والواقع .
وأوضح الخبير الاقتصادي قائلا :« إن الجزائر كانت في وضعية كارثية فيما يخص تسيير الميزانية الوطنية، كما أننا كل عام مازلنا نعمل على نظام مبني على سعر المحروقات في إعداد قانون المالية، وهو ما يتنافى تماما مع ما هو مطلوب اليوم ألا وهو السير نحو الاقتصاد النوعي الذي يعطي الفرصة لكل القطاعات لإنشاء الثروة، والمساهمة في مداخيل للخزينة العمومية».
ودعا هادف إلى إعادة النظر في تسيير النظام المالي والنقدي للجزائر، هذا الأخير الذي عرف طريقا مسدودا فيما يخص السيولة أو العملة الوطنية وتسيير البنك المركزي، قائلا:«كل هذه النقاط يجب تسويتها حسب التوجهات، والأهداف المسطرة للسلطات العمومية وأيضا على حسب النظرة الجديدة للنموذج الاقتصادي الذي تحدث عنه رئيس الجمهورية».
وأضاف أن التسيير يرتكز على نموذج يمتد على الحد الأدنى بعشر سنوات، حيث يتطلب النموذج سياسة نقدية مبتكرة وقادرة على أن تتماشى مع النظرة الجديدة.
فيما يخص السياسة النقدية طالب الخبير الاقتصادي، بالنظر في العلاقة بين استقلالية البنك المركزي ومبادرته في إعداد سياسة نقدية واضحة للبلاد، ووزارة المالية والفصل بينهما، ونفس الأمر بالنسبة لوزارة المالية كجهاز تنفيذي التي هي مطالبة بأن تقوم بتنفيذ السياسات التي تخصها .
وقال أيضا إن النظام الجبائي الجزائري، يتطلب إصلاحا جذريا فيما يخص كل جوانبه، وهو نظام غير مناسب للنظرة الجديدة، وما يزال مبنيا على قواعد تجاوزها الوقت، خاصة فيما يتعلق بتحصيل الجباية وبتوسيع القاعدة الضريبية عوض الزيادة في الضغط الضريبي، مضيفا أن هذا الأمر يتطلب إعادة النظر بصفة شاملة في النظام الجبائي وتكييفه مع نسيج مؤسسات الاقتصاد الوطني.
وأكد أن مخطط الإنعاش الاقتصادي من بين الأدوات التي يرتكز عليها هو نظام جبائي جد محفز، متأسفا على غياب هذا الأمر على أرض الواقع.
في هذا الشأن أشار إلى أن اقتصادنا الوطني مبني على 95 بالمائة من المؤسسات الصغيرة والمصغرة، ولهذا لابد من وضع نظام جبائي يتماشى مع هذا الواقع الذي يعيشه الاقتصاد الوطني، ودعم الدولة لتنمية أنظمة بيئية خاصة بالمؤسسات الناشئة، مشددا على ضرورة عصرنة نظام مالي ونقدي مبتكر وكذا النظام الجبائي.
في المقابل، أوضح فيما يتعلق بموضوع الرقمنة الذي يوليه برنامج الحكومة أهمية خاصة الإنتقال الرقمي، هذا الأخير يرتكز على الأمن الغذائي وزراعة وفلاحة عصرية وعلى انتقال طاقوي ورقمي فعال، قائلا:« اليوم نتحدث كثيرا عن الرقمنة، لكن يجب تحضير شروط لها التي تمكنها من النجاح، ويجب التمييز بين الانتقال الرقمي والرقمنة».
وأشار إلى أن الرقمنة ما هي إلا استعمال للأدوات الرقمية، أما الانتقال الرقمي فهي ثقافة جديدة على كل المستويات وفي كل المؤسسات خاصة أو عمومية، ويجب إعطائه كل الشروط اللازمة لإنجاحه.
ويرى الخبير الاقتصادي، فيما يخص الانتقال الرقمي في مجال تسيير المالية العمومية والاقتصاد، أنه حتمية يجب اعتمادها بصورة سريعة والسير مباشرة نحو وضع أنظمة رقمية، التي تمكن من تسيير أجهزة الأنظمة المالية في الجزائر بصفة شفافة وفعالة، والتي ستكون من بين الركائز التي تعمل عليها الحكومة لاسترجاع الثقة بين المواطنين والهيئات العمومية.
ومن إيجابيات الإنتقال الرقمي في الجانب المالي هو عصرنة الأنظمة المالية أو البنكية أو الجبائية، وسيمكن من إدراج حلول مبتكرة بالنسبة لتسيير هذه الأجهزة.
وفيما يخص الأنظمة البنكية نشاهد اليوم تكنولوجيات جديدة مبتكرة تسمى بتكنولوجيات مالية، هذه الأخيرة تعمل ثورة في الأنظمة البنكية العالمية، وبحسبه إذا تمكننا من تحقيق الانتقال الرقمي في هذه الأجهزة، سيمكن الاقتصاد الوطني من استغلال هذه الأنظمة لتسمح بتسيير النظام البنكي الجزائري بصفة جد فعالة.
وأبرز هادف أن الشفافية هي من بين ركائز الحوكمة الصحيحة، وأنه من بين النقاط التي تمكن من الوصول إلى حوكمة صحيحة وتكون لها عدالة وشفافية وفعالية هي الانتقال الرقمي، هذا الأخير يمكن من معرفة مصدر الأموال وأين تصرف، وما هي القيم المضافة التي يمكن أخذها من هذه التداولات المالية، وبالتالي سيعطي بكل موضوعية صورة جديدة لتسيير الأنظمة المالية الجديدة، أضاف الخبير الاقتصادي.