طباعة هذه الصفحة

الخبير الدستوري رشيد لوراري لـ «الشعب»:

حلّ المجلس يسمح باستعادة دوره التشريعي والرقابي

فتيحة كلواز

ثمنّ الخبير الدستوري الدكتور رشيد لوراري، حل المجلس الشعبي الوطني، واعتبرها خطوة مهمة في طريق إقامة مؤسسات الجمهورية الجديدة، ما يمكنها من استرجاع وظيفتها الأساسية المتمثلة في التشريع باسم الشعب والقيام بدورها الرقابي على الهيئة التنفيذية، على ضوء الضمانات التي يقدمها مشروع القانون العضوي للانتخابات المتوقع صدروه في الأيام القليلة القادمة.
قال المختص في القانون الدستوري الدكتور رشيد لوراري، في اتصال مع «الشعب»، إن «حل المجلس الشعبي الوطني يندرج في إطار تحقيق الوعود التي قدمها رئيس الجمهورية في حملته الانتخابية، فما فتئ التأكيد عليها في مختلف المناسبات. كما جاء الحل أيضا، في سياق الاستجابة لمطالب الحراك الوطني المرفوعة منذ انطلاقه في 22 فيفري 2019، ولمختلف المطالب التي عبرت عنها الطبقة السياسية وفئات المجتمع المختلفة، خاصة مجموعة من التنظيمات والنقابات».
واعتبر لوراري حل الغرفة السفلى، خطوة موفقة على طريق تجسيد إقامة مؤسسات الجمهورية الجديدة، والعمل على رد الاعتبار للهيئات المنتخبة لتقوم بدورها كاملا في التنمية الوطنية، ما يساهم في إعادة الفعل الانتخابي إلى جوهره، من منطلق أنه الطريقة الدستورية القانونية الوحيدة للوصول الى السلطة من طرف الطبقة السياسية. لذلك يتعين في هذه الحالة على جميع الهيئات والمؤسسات، العمل على أن تجري الانتخابات في كنف الحرية، الاستقلالية والحياد حتى يصبح بالإمكان تقليص الهوّة بين المؤسسات والمواطنين.
في هذا الإطار، أوضح المتحدث أن الاستقلالية والحياد ستوفرها مختلف الإصلاحات التي وردت في المشروع المتعلق بنظام الانتخابات من خلال مجموعة الآليات المتضمنة في القانون، سواء من حيث عملها على إبعاد المال الفاسد وشراء المناصب، أي المتاجرة من قبل بعض مسؤولي الأحزاب السياسية، أو من حيث ضمانه تمويل جزء من الحملة الانتخابية من طرف الدولة بالنسبة للشباب، حتى لا يقعوا فريسة لبعض أصحاب رؤوس الأموال، مؤكدا في الوقت نفسه صدور القانون العضوي للانتخابات في الأيام القليلة القادمة.
ونوه الخبير بمشروع القانون العضوي للانتخابات، خاصة ما تعلق بعنصر الشباب، حيث يبدو أن الرئيس يعمل على تشجيع هذه الفئة المهمة والمحورية في مرحلة بناء الجمهورية الجديدة لولوج الهيئات الشعبية المنتخبة في طليعتها المجلس الوطني، كهيئة تشريعية يعلق عليها الناخبون آمالا كبيرة، سواء فيما تعلق باسترداد مهامها في مجال التشريع، أو في القيام بدورها الرقابي على الهيئة التنفيذية.
في ذات السياق، أكد لوراري أن كل هذه الإصلاحات تندرج في إطار رد الاعتبار للسلطة التشريعية حتى تتمكن من استرجاع وظيفتها الأساسية المتمثلة في التشريع باسم الشعب والقيام بدور الرقابة على عمل الحكومة لضمان تجسيد هذه الأخيرة مخطط عملها تطبيقا لبرنامج رئيس الجمهورية، والذي على أساسه ستتحصل على ثقة ممثلي الشعب.
حلّ ثان ظروفه مغايرة للأول
في رده على سؤال «الشعب» حول حالتي حل المجلس الشعبي الوطني في 1991 و2021، أجاب بالنفي القاطع، قائلا: «لا مجال للمقارنة بين حل 1991 و2021»، ففي المرة الأولى كان حل المجلس الشعبي الوطني بسبب الظروف غير العادية التي كانت تمر بها الجزائر على إثر الانتخابات التشريعية التي تم إجراؤها آنذاك في ديسمبر 1991 في دورها الأول.
 أما حل غرفة المجلس الشعبي الوطني في 2021، فيأتي في سياق آخر يختلف تماما. من منطلق أن الحل جاء أولا تجسيدا لبرنامج رئيس الجمهورية الذي على أساسه انتخب، ما يعني أنه يندرج في إطار الوفاء بوعوده أو التزاماته 54. وثانيا، الاختلاف التام في الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي، فالسياق العام لهذا الحل يتسم بالاستقرار والهدوء والأمن، عكس ما كان عليه الوضع في تسعينيات القرن الماضي.
وكشف لوراري، أن الحل في هذه المرة يندرج في إطار بناء مؤسسات الجمهورية الجديدة، حيث بدأت هذه المرحلة بالمؤسسات الانتخابية، ليأتي فيما بعد حل المجالس الشعبية المحلية. مؤكدا في هذا الصدد، أن نتيجة الانتخابات التشريعية المقبلة، حسب الدستور الجديد، تتطلب تعيين حكومة جديدة، سواء كانت حكومة أغلبية برلمانية أو أغلبية رئاسية حسب النتائج التي ستفرزها عملية الانتخابات التشريعية المسبقة.
في السياق ذاته، أشار الدكتور إلى نتائج الانتخابات المحلية التي ستؤدي، لا محالة، إلى تجديد نصف أعضاء مجلس الأمة، سواء المنتخبين أو المعينين، ما يراه تجسيدا للإرادة الشعبية من منطلق أن الهيئات المنتخبة تعبر عن أغلبية هيئة الناخبين الموجودة في المجالس، على اعتبار أنها الأساس لبناء هيئات مؤسسات الدولة الجزائرية.