الخضـر ينهـون تصفيـــات «الكان» في صــدارة المجموعة الثامنــة

بلمـاضي يواصـل عـزف سيمفونية النجاح مع المنتخب الوطـني

 أكرم الفريق الوطني لكرة القدم ضيافة المنتخب البوتسواني بخماسية نظيفة، برسم الجولة السادسة والأخيرة من عمر التصفيات المؤهلة لكأس أمم إفريقيا 2020، نتيجة تعكس علو كعب القنّاص بغداد بونجاح ورفاقه، وسيطرتهم على القارة السمراء منذ تولي المدرب جمال بلماضي مقاليد العارضة الفنية للمنتخب الوطني، حيث بلغ الخضر 24 مواجهة كاملة دون هزيمة، وهو الرقم الذي تمكّن خلاله الأفناك من تحطيم عدة أرقام قياسية قارية ودولية فردية وجماعية، رفعت سقف طموحات اللاعبين عاليا لمواصلة المسار الصائب، والعمل على استغلال التوهّج الذي يعيشه الجيل الحالي، من أجل إضافة النجمة الثانية تواليا والثالثة في تاريخ المنتخب الوطني.

ختم محاربو الصحراء تصفيات كأس أمم إفريقيا مثلما بدأوها ضد منتخب زامبيا بخماسية نظيفة، وهو الفوز الرابع بنفس نتيجة المباراة والسابع بنفس عدد الأهداف في تاريخ المنتخب الوطني، نتيجة عادوا من خلالها إلى سكة الانتصارات بعد تعادلين متتاليين خارج الديار ضد منتخبي زيمبابوي وزامبيا بكل من هراري ولوزاكا على التوالي، وتصدّروا على إثرها جدول ترتيب المجموعة الثامنة برصيد 14 نقطة متبوعين بمنتخب زيمبابوي صاحب 8 نقاط الذي ضمن هو الآخر التأهل للعرس القاري، ليأتي ثالثا المنتخب الزامبي بسبع نقاط وفي ذيل الترتيب بوتسوانا برصيد أربع نقاط.
الناخب الوطني أعاد إلى قائمته الأساسية ضد بوتسوانا كل اللاعبين الغائبين عن المواجهة الأولى، محدثا 9 تغييرات كاملة مقارنة بمواجهة زامبيا، حيث شهد اللقاء عودة النجم رياض محرز وزميله في البريمرليغ سعيد بن رحمة رفقة المحارب سفيان فيغولي، بالإضافة إلى العائد من الإصابة إسماعيل بن ناصر والغائب منذ «كان» مصر مهدي زفان، وصخرة دفاع نادي بيتيس الإسباني عيسى ماندي والظهير الأيسر المعاقب رامي بن سبعيني، وهو ما يؤكد أن الطاقم الفني دخل اللقاء بوتسوانا بنية التحضير لتصفيات كأس العالم 2022، بقطر المزمع انطلاقها شهر جوان المقبل.
في ذات السياق، أقعد جمال بلماضي الحارس رايس الوهاب مبولحي الذي تلقت شباكه خماسية كاملة في مواجهتي زيمبابوي وهراري، واستبدله بالحارس أليكسندر أوكجدة الذي يتواجد في أفضل مستوياته للموسم الثاني على التوالي رفقة ناديه ريمس الفرنسي، وكانت رسالة واضحة من مهندس التتويج القاري لحارسه الأول، بضرورة العمل والتضحية للبقاء في حراسة مرمى الخضر خلال الاستحقاقات المقبلة، بداية من تصفيات مونديال قطر التي تنطلق شهر جوان المقبل، خصوصا أن خريج مدرسة غانغون حقّق رابع مباراة دون تلقي الأهداف «كلين شيت» خلال 315 دقيقة بألوان الخضر، ضد كل من منتخبات (تونس، كونغو الديموقراطية، نيجيريا، بوتسوانا).

خليفة قديورة جاهز

في نفس الوقت، عرفت مواجهة الخضر لأشبال المدرب عادل عمروش الزج بخريج أكاديمية أجاكس أمستردام متوسط الميدان راميز زروقي، وذلك للمرة الثانية خلال تربص شهر مارس والأولى أساسيا بألوان الخضر، لاعب يبحث من خلاله الناخب الوطني التحضير لخليفة الدبابة عدلان قديورة صاحب 35 عاما، قصد خوض التصفيات المونديالية والتعود على الأجواء الإفريقية قبل «كان» الكاميرون التي ستلعب مطلع شهر جانفي 2022، وبعدها مونديال قطر الذي يطمح بلماضي من خلاله إلى بلوغ أدوار جد متقدّمة وتشريف الكرة الجزائرية والراية الوطنية.
وأبهر صاحب 22 ربيعا كل المتتبعين لمواجهة الخضر ضد بوتسوانا، حيث أنه كان حاضرا في كل مكان ويتميز ببرودة الدم، وهو ما يحتاجه المنتخب الوطني في الفترة المقبلة، حيث قام بشل العديد من هجمات الخصم في وسط الميدان، بارتكاب أخطاء تكتيكية تارة واسترجاع الكرة بأناقة تارة أخرى، مؤكدا أنه لاعب من طينة الكبار بالرغم من صغر سنه ونقص انسجامه مع المجموعة، وكذا قلة خبرته في الميادين هو الذي يخوض موسمه الأول مع أكابر نادي توينتي الهولندي الناشط في الدرجة الأولى الهولندية، وأثبت في مباراة ونصف أنه رفقة الدينامو بن ناصر مستقبل الخضر في وسط الميدان.   

أقوى هجوم بـ19 هدفا
وأنهى المنتخب الوطني تصفيات كأس أمم إفريقيا في صدارة أقوى المنتخبات هجوميا بواقع 19 هدفا كاملا، بمعدل 3.16 هدف في كل لقاء، الأمر الذي يؤكد قوة الخط الأمامي منذ تنصيب بلماضي على رأس العارضة الفنية للمنتخب، الذي أعاد التوازن لكل الخطوط وجعل الجميع في خدمة الآلة الهجومية للخضر التي تمكّنت من توقيع 54 هدفا، منذ تاريخ 07 سبتمبر 2018، موعد أول لقاء تحت قيادة صاحب اليمنى الساحرة ضد المنتخب الغامبي بالعاصمة بانجول.
بالمقابل تلقت شباك الخضر 6 أهداف في ست مباريات، بينها خماسية كاملة في مواجهتي زيمبابوي وزامبيا لحساب الجولتين الرابعة والخامسة تواليا من تصفيات «الكان»، مواجهتين فضحتا عيوب المنظومة الدفاعية لكتيبة المحاربين التي كانت من نقاط قوتها، حيث تلّقت شباك الخضر لحدّ الآن 18 هدفا في 27 مواجهة.
تراجع أداء المنظومة الدفاعية للمنتخب، جاء بسبب ابتعاد صخرة الدفاع جمال الدين بن العمري عن المنافسة الرسمية مع فريقه الجديد ليون الفرنسي الذي لا يعتمد عليه بانتظام، الأمر الذي جعل مهندس التتويج القاري يبحث عن حلول جديدة بتجريب طاهرات وبدران في محور الدفاع خلال المواجهتين الأخيرتين، لاختبار جاهزيتهما قبل دخول غمار تصفيات كأس العالم 2022، في حال تواصل غياب خريج نصر حسين داي عن المنافسة الرسمية بـ «الليغ 1» الفرنسية.

11 هدفا لمحرز في المواجهات السبع الأخيرة
يواصل نجم مانشيستر سيتي وقائد الفريق الوطني قيادة الخضر نحو الأعلى، منذ نهائيات كأس أمم إفريقيا 2019، بمصر التي تحرّر خلالها من الضغوطات السلبية التي كان يعاني منها، حيث أضحى رقما أكثر من مهم في تعداد الناخب الوطني بتسجيله أهدافا حاسمة وتقديمه لكرات مفتاحية تساهم في الإبقاء على سلسلة المباريات دون هزيمة، مساهما في 11 هدفا في المباريات السبعة الأخيرة التي شارك فيها، بتسجيله 6 أهداف وتقديم 5 تمريرات حاسمة، رافعا رصيده إلى 19 هدفا و26 تمريرة حاسمة رفقة المنتخب الوطني، بينها 22 تمريرة عبر اللعب المفتوح وأربع تمريرات من كرات ثابتة استفاد منها 12 لاعبا، ما يجعل منه أحد أفضل اللاعبين على مدار تاريخ كرة القدم الجزائرية، ويسير بخطى ثابتة نحو تحطيم كل الأرقام القياسية، بعدما أضحى يوم الاثنين الفارط سابع أفضل هداف في تاريخ المنتخب حين عادل رقم هداف سنوات الثمانينات تاج بن صاولة.

فرصة اللعب لـ25 لاعبا في تربص مارس
من جهة أخرى، جرب الكوتش جمال 25 لاعبا من أصل 29 تمّ استدعائهم إلى تربص شهر مارس، حيث منح فرصة اللعب لأكبر عدد ممكن من اللاعبين قبل دخول غمار تصفيات كأس العالم، والتي يعلّق عليها الطاقم الفني آمالا كبيرة من أجل العودة إلى المونديال بعد الغياب عن النسخة الفارطة بروسيا، حيث بحث المسؤول الأول على رأس العارضة الفنية عن تجريب حلول جديدة في حال وقوع إصابات في صفوف التعداد قبل نهاية الموسم الكروي أو تواصل بقاء بعض ركائز الفريق خارج حسابات مدربي أنديتهم.
بلماضي لم يعط الفرصة للحارس عز الدين دوخة الذي يعرف امكانياته جيدا وجربه في أكثر من مناسبة، رفقة المهاجم أوسامة درفلو الذي دخل بديلا في تغيير تكتيكي بالأنفاس الأخيرة من مواجهة زامبيا ولعب دقيقة واحدة، كما فضّل إبقاء المدافع المحوري أحمد توبة على دكة الاحتياط رغم خروج ثنائي محور الدفاع بن العمري وماندي بالإصابة، فيما كان قاب قوسين أو أدنى من إعطاء فرصة اللعب لخريج أكاديمية نادي بارادو آدم زرقان مكان زروقي، لولا إصابات لاعبي محور الدفاع التي اضطرته لإقحام الثنائي بدران وخاسف.

بلماضي يضمن 35 لاعبا
يعمل نجم مارسيليا الأسبق في كل مرة على منح فرصة اللعب لأكبر عدد ممكن من اللاعبين، حتى يضمن قائمة موسعة من 35 لاعبا جاهزا لحمل القميص الوطني في أي لحظة، وهو ما جعل بلماضي يضمن أكثر من ازدواجية المناصب في أغلبية أماكن الملعب، على غرار منصبي الظهير الأيمن والأيسر أين بات يملك في الأول كل من (عطال، زفان، حلايمية، بن عيادة)، وفي الثاني (بن سبعيني، فارس، عبد اللاوي، شتي، خاسف) واللاعب يانيس حماش المرشح بقوة لتدعيم صفوف الخضر.
كما أن وسط الميدان يملك فيه عدة خيارات بلاعبين متعدّدي الصفات، ومن مدارس تكوينية مختلفة ويمزجون بين عاملي الشباب والخبرة، حيث نجد (قديورة، فيغولي، بن ناصر، عبيد، بلقبلة، بولاية، بوداوي، زروقي، زرقان)، كما أن منصبي الجناح الأيمن والأيسر، ارتفع فيه عدد اللاعبين الجاهزين لأخذ مكانتهم الأساسية إلى ثلاث لاعبين، يتعلّق الأمر بكل (محرز، غزال، فرحات) و(بلايلي، بن رحمة، براهيمي)، فيما منصب المهاجم الحر نجد فيه تنافسا شديدا بين بونجاح الذي يبقى أحد أسلحة بلماضي الهجومية الفتاكة، وسليماني الذي يتجّه لتحطيم الرقم القياسي لهداف الخضر لكل الأوقات المتواجد بحوزة ابن الباهية وهران عبد الحفيظ تاسفاوت، والقادم بقوة أوسامة درفلو الذي يتألق للموسم الثاني على التوالي مع فريق فيتيس أرنهايم الهولندي.
كل هذه المعطيات تؤكد بأن المناصب ستصبح أغلى في الاستحقاقات المقبلة التي تنتظر المحاربين قاريا ودوليا، وهو ما سيخلق تنافسا كبيرا بين اللاعبين لتقديم أفضل مستوياتهم مع الأندية ومحاولة ضمان مكانة أساسية مع الخضر.

خوض مباراة ودية وارد
سيكون الطاقم الفني للمنتخب الوطني أمام فرصة تنظيم مباراة ودية تحضيرية قبل انطلاق تصفيات كأس أمم إفريقيا 2022، حيث إن تاريخ الفيفا المقبل ينطلق من 31 ماي إلى غاية 15 جوان، وهو ما سيسمح من استغلال الوضع ومحاولة إقناع أحد الفرق المعنية بخوض مباريات بشمال إفريقيا ودول الساحل، حيث سيستقبل منتخب مالي نظيره الرواندي، كما أن الجارة تونس ستستقبل في الجولة الأولى منتخب غينيا الاستوائية، فيما ينتقل المنتخب الأنغولي إلى مصر لمواجهة رفقاء محمد صلاح، ويحلّ المنتخب السوداني ضيفا ثقيلا على المنتخب المغربي، وسيكون السودان اختبارا جيدا لرفقاء ملك الرواق الأيسر رامي بن سبعيني، خصوصا أن طريقة لعبهم تشبه كثيرا طريقة لعب الأحصنة البوركينابية، منافس الخضر الأول على اقتطاع تأشيرة التأهل إلى الدور الثالث من تصفيات أول مونديال عربي في التاريخ.

تحطيم الرقم الإفريقي الهدف
تحطيم الرقم القياسي الإفريقي لعدد المباريات دون هزيمة المتواجد بحوزة فيلة كوت ديفوار بـ 26 مواجهة، أضحى مطلبا شعبيا وهدفا للاعبي المنتخب الوطني، الذين يبحثون عن رفع كل التحديات وتحطيم أكبر عدد من الأرقام القياسية لكتابة أسمائهم بأحرف من ذهب في تاريخ كرة القدم الجزائرية، حيث يتواجد الخضر على بعد مواجهتين من بلوغ الرقم الإفريقي، بعدما أضحوا يحتلون وصافة الترتيب رفقة المنتخب المصري بـ 24 مواجهة دون تجرع طعم الهزيمة.
ويحتل «الغلادياتور» بن العمري ورفاقه المركز السابع عالميا رفقة المنتخب الإيطالي الذي يملك نفس عدد المباريات دون هزيمة مع الجزائر، خلف كل من المتصدرين بالاشتراك منتخبي البرازيل وإسبانيا بـ 35 مقابلة، يليهما المنتخب الأرجنتيني بـ 31 مواجهة، والمنتخبان الإيطالي والفرنسي بـ 30 لقاء، وكوت ديفوار بـ 26 مواجهة.

حماية مكاسب المنتخب
شهد نهاية تربص الفريق الوطني تكريم الرئيس المنتهية عهدته خير الدين زطشي الذي كان سببا مباشرا في تتويج الخضر بالنجمة الثانية، وهو ما أكده بلماضي في الندوة الصحفية التي أعقبت مباراة بوتسوانا، حيث أسهب في الثناء على الرجل الذي حسبه وفر كل كبيرة وصغيرة لنجاح المنتخب، وهو ما جعل الخضر يواصلون التألق بعد أمم إفريقيا بمصر، ويسيرون نحو تحطيم الرقم القياسي العالمي لعدد المباريات دون هزيمة، وهو ما سيجعل المسؤولية ثقيلة على رئيس الاتحادية الجزائرية المقبل الذي سيتم انتخابه يوم 15 أفريل وعلى مكتبه الفدرالي، حتى يبلغ بلماضي الأهداف المسطرة في عقده بالتأهل للمونديال القاري، ولما لا العودة باللقب القاري الثالث من الكاميرون.

الخضر بلغوا العالمية
تألق المنتخب الوطني الجزائري في السنتين الأخيرتين على المستوى القاري، وفي المباريات الودية ضد منتخبات كولومبيا والمكسيك، يبدو أنه أذهل كبرى المنتخبات العالمية، حيث اختار مدرب الماكنات الألمانية خواكيم لوف الجزائر في المركز الرابع لأقوى المنتخبات بالعالم، في الندوة الصحفية التي سبقت مباراة ألمانيا ضد المنتخب الروماني منذ ثلاث أيام، ووضع أشبال بلماضي بعد المنتخب البلجيكي الذي بقي بنفس المستوى خلال الست سنوات الأخيرة، يليه المنتخب الألماني وبعدهما المنتخبين الفرنسي أو الإسباني، ليأتي المنتخب الجزائري الذي قال عنه «واجهت الجزائر في مونديال 2014، وقدموا مستوى كبير وأسالوا لنا العرق البارد في ثمن النهائي، حاليا يطبقون كرة جميلة بالرغم من تغير تام للتعداد الذي واجهته».
لوف لم يكن الوحيد الذي أعجب بالمنتخب الوطني، حيث ذهب مدرب المنتخب البرتغالي فيرناندو سانتوس منذ يومين إلى نفس الطرح، حين قال بالحرف الواحد «هناك منتخبات أوروبية تراجع مستواها بشكل رهيب، وهذا ما انعكس على الكرة الأوروبية بشكل كبير».
وأضاف «لن نستغرب أن يتعرّض أي منتخب أوروبي بما فيه بطل أوروبا لهزيمة قاسية على يد منتخب الجزائر المرعب حاليا».
وواصل حديثه قائلا، «ما يصنعه المدرب بلماضي هناك في إفريقيا يؤشر إلى ميلاد منتخب ظاهرة، شاهدت مبارياتهم لأخذ فكرة عنهم، فتعجّبت من تعدّد المناهج التكتيكية في مباراة واحدة».
وختم قوله، «حقا إنهم ماكنة مبرمجة ذاكرتها وعقلها المدبر يتحرّك على خط التماس».
يذكر، أن الكاميرون ستحتضن نهائيات كأس أمم إفريقيا ما بين 10 جانفي و06 فبراير 2022، فيما سيتمّ سحب قرعة الدور الأول من «الكان» يوم 25 جوان المقبل.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024