برز القطاع الخاص في الاقتصاد الوطني منذ تسعينيات القرن الماضي كعنصر فعال في خلق الثروة، وتوفير مناصب العمل. غير أنه ومع مرور الوقت، ظهرت العديد من السلوكات السلبية التي جعلت من القطاع الخاص مشكلا أو عالة أكثر منه حلا مساعدا للاقتصاد الوطني على تجاوز عقدة المحروقات التي ظلت منذ الاستقلال تشكل أكثر من 97٪ من عائدات الجزائر بالعملة الصعبة.
ويعاب على القطاع الخاص، تفكيره الضيق والسعي وراء الربح أكثر من التفاهم حول استراتيجية تأخذ بعين الاعتبار التحولات العالمية والإقليمية والوطنية، حيث باتت الدولة تتحمل عبء الاقتصاد الوطني لوحدها، في ظل السلبية التي يتمتع بها القطاع الخاص الذي يطالب كثيرا بعقار صناعي مقابل دينار رمزي، ليحوله بعد ذلك لأغراض أخرى.
كما أن السعي وراء قروض البنوك العمومية لم يعد بريئا دائما، فالكثيرون يأخذون القروض ويركزون بعدها على الإعفاء أو إلغاء الفوائد وغيرها من المطالب التي رهنت الاقتصاد الوطني وفتحت باب الاستيراد على مصراعيه، في ظل عدم بروز أية بوادر على مخاطرة القطاع الخاص الذي يرفض الاستفادة من قوانين الاستثمار وما توفره من إعفاءات ضريبية وتسهيلات، خاصة في الهضاب العليا والجنوب.
وبالموازاة مع ذلك، لم يبرز منتدى رؤساء المؤسسات كمنبر يدافع عن المصلحة العليا للوطن وشريك في تسيير دواليب الاقتصاد. فمنذ أمد بعيد يركز المنتدى على انتقاد القطاع العام وعمل البنوك العمومية ولم يسخر يوما لنقد ذاتي يجعله يتجاوز النظرة الريعية، واستغلال ما تمر به البلاد لتحقيق مصالح ضيقة لبعض المستثمرين الذين استقووا بقروض عمومية وعقار بدينار رمزي وعمال بعقود ما قبل التشغيل تضمن الدولة رواتبهم ومنه تحقيق ثروة طائلة دون عناء.
إن الاقتصاد الوطني الذي منح أكثر من 10 آلاف مليار كقروض للمؤسسات، ارتفعت صادراته لتفوق 400 مليار دولار في العشر سنوات الأخيرة، في مفارقة غير مفهومة، فضخ أموال في عجلة الاقتصاد يكون لرفع الناتج الداخلي الخام وتقليص الاستيراد واستحداث مناصب عمل. لكن للأسف، في الجزائر تتحمل الخزينة العمومية تبعات الزيادات في الأجور ولم تتوقف يوما عن دعم الاقتصاد الخاص الذي لم يتحرك بالصفة اللازمة، بالمقارنة مع ما تفعله المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في إيطاليا وفرنسا ودول الجوار، التي تساهم بنسب كبيرة في الناتج الداخلي الخام.
القطاع الخاص مطالب بديناميكية أكثر
حكيم بواغرارة
شوهد:199 مرة