مع تصاعد الأزمات والحروب في الشرق الأوسط:

الجزائر تحذر مـن تداعيات الإرهاب الصهيوني في فلسطين ولبنان

علي مجالدي

 مختصّون لـ «الشعب»: كلمة عطاف إطار تحليلي رفيع المستوى وتشريح دقيق للوضع الدولي الراهن

جددت الجزائر من على منبر الأمم المتحدة، مرة أخرى، دعوتها المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في إنهاء الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية.  وشدد وزير الخارجية أحمد عطاف، على أن ما يرتكبه الكيان الصهيوني في فلسطين ولبنان، يشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، واصفا الاحتلال بـ «الصهيوني الاستيطاني»، محمّلًا القوى الغربية جزءًا من المسؤولية عن استمرار هذا الوضع، نظرا لدعمها المتواصل للاحتلال.

دعا عطاف الدول الأعضاء في الأمم المتحدة، إلى دعم جهود المجتمع الدولي الرامية إلى تحقيق سلام عادل ودائم بالشرق الأوسط، على أساس حلّ الدولتين وقرارات الشرعية الدولية.

أزمات وصراعات لا متناهية

وحذّر أحمد عطاف من التداعيات الخطيرة للأعمال الإرهابية التي ينفذها الكيان الصهيوني في فلسطين، خاصة في قطاع غزة وفي لبنان، مع تزايد أعداد الضحايا المدنيين، مشيراً إلى أن هذه الأعمال قد تدفع بالمنطقة نحو حروب وصراعات لا متناهية.
 ويرى العديد من الخبراء، أن النزاع قد يتوسع ليشمل دولًا أخرى في المنطقة، مثل العراق، اليمن وسوريا، إلى جانب لبنان وفلسطين. كما أن تصعيدًا بهذا الحجم، يمكن أن يؤدي إلى موجة لجوء غير مسبوقة، حيث تتوقع السلطات اللبنانية استقبال أكثر من مليون لاجئ بعد الهجمات الهمجية التي شنها الكيان الصهيوني على عدة مناطق في لبنان خلال الأسبوع الماضي.
في السياق، أكد وزير الخارجية أحمد عطاف، أن الأزمات العالمية الحالية وحالة الاستقطاب غير المسبوقة، سمحت للكيان الصهيوني بتجاوز قرارات مجلس الأمن.
من جهته، أوضح أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية، الدكتور أحمد منصوري، في تصريح لـ»الشعب»، أن طرح الوزير عطاف بالأمم المتحدة، يمثل إطارًا تحليليًا رفيع المستوى، وتشريحًا دقيقًا للوضع الدولي الراهن. وأضاف، أن الكيان الصهيوني يستغل هذه الأزمات والحروب لتنفيذ أجندته وإبادة الشعب الفلسطيني في غزة ولبنان.
وأشاد منصوري بالجهود الدبلوماسية الجزائرية التي تعمل بشكل مكثف في مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة، لكشف ممارسات الكيان الصهيوني الإرهابية ضد الإنسانية. وأكد أن التاريخ سيسجل للجزائر شجاعتها الدبلوماسية في مواجهة الصهيونية العالمية والقوى الداعمة لها، مشيرًا إلى أن هذه القوى -للأسف- موجودة حتى على حدودنا، وهو واقع لا يمكن تجاهله في الوقت الحالي.
وخلال كلمته، ذكر أحمد عطاف بالمطلب الذي نادت به الجزائر على لسان رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، لنيل فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، وهو المسعى الذي عرقلته الولايات المتحدة الأمريكية -في وقت سابق- بمجلس الأمن، بعد مشروع القرار الذي قدمته الجزائر وتبنته الجمعية العامة بأغلبية الثلثين. وأكدت الدبلوماسية الجزائرية، منذ احتضانها للقمة العربية في نوفمبر 2022، على سعيها وعملها على حشد الدعم الدولي لنيل فلسطين العضوية الكاملة في الأمم المتحدة.
وفي سبتمبر 2023، أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، من الأمم المتحدة، في خطاب تاريخي، بأن الحل الأوحد للنزاع العربي الصهيوني، هو قيام دولة فلسطين كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف.

منطقة الساحل.. أزمات متتالية

إضافة إلى ذلك، تشهد منطقة الساحل الإفريقي حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني، نتيجة لعدة عوامل، من أبرزها التدخلات الأجنبية التي تهدف إلى زعزعة استقرار المنطقة على حساب شعوبها ودول الجوار، بالتواطؤ مع جهات داخلية في العديد من الأحيان.
وأكد عطاف في كلمته، أن منطقة الساحل تواجه تحديات كبيرة، تشمل تصاعد نشاط الجماعات الإرهابية وغياب استراتيجية شاملة للتنمية المستدامة. إضافة إلى ذلك، تسببت التغيرات المناخية في تدهور أوضاع المعيشة، خاصة مع معاناة المنطقة من الشحّ في الموارد المائية نتيجة قلة الأمطار، إلى جانب التوزيع غير العادل للثروات.
ومنذ اتفاقية تمنراست لحل أزمة الساحل عام 1991، مرورًا بجلسات الحوار التي استضافتها الجزائر في 2006 و2015، طالبت الجزائر باستمرار بضرورة تبني حل سياسي شامل لا يقصي أي طرف، وصولاً إلى حل سلمي ومستدام.
في هذا السياق، دعمت الجزائر دولتي مالي والنيجر من خلال المساعدات المباشرة، وبرامج التنمية والقروض، بالإضافة إلى إنشاء مناطق اقتصادية حرة لدفع عجلة التنمية.
وخلال كلمته، استنكر عطاف التصريحات غير المسؤولة التي أدلى بها ممثل مالي في الأمم المتحدة، مشددًا على أن الجزائر تلتزم بمبادئها في الرد على مثل هذه التجاوزات.
من جانبه، أوضح أستاذ الدراسات الأمنية الدكتور محمد سليماني، في تصريح لـ»الشعب»، أن النزاع بمنطقة الساحل تتورط فيه العديد من القوى الأجنبية، وأن استبدال مستعمِر قديم بآخر جديد لن يحل الأزمة. والجزائر تدرك جيدًا ما يدور في الخفاء ضد مصالحها ومصالح المنطقة، حيث أن أمن مالي يرتبط مباشرة بأمن الجزائر، ولا يمكن بأي حال من الأحوال تجزئة الأمن. والجزائر تمتلك الإمكانات اللازمة لحماية حدودها، إلا أن هدفها الأساسي هو تحقيق التنمية وتجاوز مرحلة إدارة النزاع، وهو ما لم تستوعبه بعدُ بعض القوى الداخلية في منطقة الساحل، ما يجر المنطقة إلى أوضاع يصعب التنبؤ بعواقبها.
فيما يتعلق بالشقيقة ليبيا، أكد عطاف في كلمته أن التدخلات الأجنبية تمثل العقبة الأساسية أمام الوصول إلى حل سياسي وسلمي للأزمة. وتؤمن الجزائر بأن الحل الأمثل يكمن في حوار سياسي شامل قائم على المفاوضات، وإجراء انتخابات نزيهة وشفافة تتيح للشعب الليبي فرصة تجاوز أزمته المستمرة منذ أكثر من عشر سنوات. كما شدد على أهمية تبني مسار المصالحة الوطنية، وهو المجال الذي تتمتع فيه الجزائر بخبرة عميقة، إذ استطاعت التغلب على أزمتها الداخلية في تسعينيات القرن الماضي، رغم اختلاف الظروف. وتستند الجزائر في مواقفها إلى رفضها الثابت لأي تدخل أجنبي في شؤونها الداخلية، ما جعلها حصناً منيعاً أمام كل المؤامرات التي تستهدفها بقوة مؤسساتها واتحاد شعبها.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19827

العدد 19827

الأحد 20 جويلية 2025
العدد 19826

العدد 19826

السبت 19 جويلية 2025
العدد 19825

العدد 19825

الخميس 17 جويلية 2025
العدد 19824

العدد 19824

الأربعاء 16 جويلية 2025