اعتراف بأهلية جبهة البوليساريو لتمثيل الشعب الصحراوي

الاحتــلال المغربي في ورطـة

علي عويش

 حُكم منصـف قَطَـــــع الطريـق أمـام الالتفاف أو ضم أراضي الصحــراء الغربيــة أو مياهها أو المتاجرة بثرواتهـا

رئيس الهيئة الصحراوية للبترول والمعادن لـ «الشعب»: انتصارٌ لمبدأ سيادة الشعوب

تلقى النظام المغربي صفعةً قانونية جديدة بعد رفض محكمة العدل الأوربية للطعون المقدّمة من طرف مجلس ومفوضية الاتحاد الأوربي ضد قرار سابق يقضي بإلغاء اتفاقيتي الشراكة الموقّعتين بين المغرب والاتحاد الأوربي.

الحكم الصادر، يوم الجمعة، جاء ليؤكّد بطلان اتفاقيتي الشراكة لاشتمالهما إقليم الصحراء الغربية المحتل، وبالتالي، يفقد المغرب وبصفة قانونية حرية التعاقد مع الاتحاد الأوربي على المنتجات الزراعية والبحرية التي يكون مصدرها الصحراء الغربية.
قرار محكمة العدل الأوربية وضع الرباط في ورطة حقيقية، وأسكت كل الأبواق الإعلامية الناعقة التي سوّقت للدعاية المغربية، وسيُعيد مملكة شراء الذمم إلى حجمها الطبيعي صاغرةً مذلولة أمام القضاء الأوروبي الذي أنصف الشعب الصحراوي وأعاد لكل ذي حقٍ حقّه.
خسرت الرباط أراضي الصحراء الغربية تحت وطأة ضربات الصحراويين في حرب التحرير الأولى والانتفاضة الشعبية في المدن الصحراوية المحتلة، وها هي تخسر اليوم ما تحت الأرض وما في البحر من ثروات طبيعية لصالح الشعب الصحراوي، ولم يبق لنظام المخزن من اقتصاد غير السياحة الجنسية والابتزاز والمخدرات وبيع أملاك المغاربة للصهاينة والمستعمرين الجدد.

البوليساريـو.. الممثــل الوحيـد  للشعـب الصحــراوي

يرى الباحث في الاعلام بجامعة إشبيلية الاسبانية الدكتور البشير محمد لحسن أن حكم محكمة العدل الأوربية مهم جداً من الناحية القانونية ومن الناحية الرمزية كذلك، لأنه يصدر من أعلى هيئة قضائية داخل الاتحاد الأوربي، وجميع بلدان الاتحاد الأوروبي ملزمة بتطبيق هذا الحكم.
وقال البشير في تصريح لـ «الشعب» إن دول الاتحاد الأوروبي سواء كمنظمة إقليمية أو بلدان بشكل منفرد، يجب أن تأخذ هذا الحكم بعين الاعتبار حال توقيعها لأي اتفاقية اقتصادية أو تجارية مستقبلاً بينها وبين المغرب تشمل مياه أو أراضي الصحراء الغربية المحتلة، وبأن هذا الحُكم المنصف قد قَطَع الطريق أمام أي محاولات للالتفاف أو ضم أراضي الصحراء الغربية أو مياهها أو المتاجرة بمنتجات مصدرها الصحراء الغربية المحتلة.
وتابع البشير قائلاً إن هذا الحُكم مهم من ناحية أخرى، لأنه يعترف بجبهة البوليساريو كممثل شرعي للشعب الصحراوي، باعتبار أن الطعن الذي قدّمته المفوضية الأوروبية وبعض البلدان، قد قُدّم على أساس أن جبهة البوليساريو لا يحق لها تقديم الشكوى، وأن جبهة البوليساريو غير مؤهّلة قانونياً وسياسياً لتمثيل الشعب الصحراوي، غير أن حُكم المحكمة الأوربية خرج ليفنّد ذلك، ويؤكد على صحة وقانونية تولّي جبهة البوليساريو مسؤولية الدفاع عن حق الشعب الصحراوي، وأن الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ككيان سياسي وقانوني يحق لها تماماً المطالبة بحقوق الشعب الصحراوي ورفع الدعوى، لذلك تم قبولها، وتم غلق الملف نهائياً بصدور هذا الحُكم النهائي غير قابل للطعن، وبالتالي، يجب على بلدان الاتحاد الأوروبي تطبيقه بحذافيره.

دليـل جديـــد يعزّز حجـج الشعب الصحــراوي

وفي معرض ردّه على سؤال لـ «الشعب»، أكّد الباحث في الإعلام بجامعة إشبيلية الاسبانية أن حُكم محكمة العدل الأوربية سيؤثر بشكل مباشر على التقرير الذي سيقدّمه المبعوث الأممي الخاص الى الصحراء الغربية ستافان ديميستورا الى مجلس الامن الدولي، بل سيؤثر على القضية برمّتها، لأن كل قرار يخرج من محكمة عليا مثل محكمة العدل الأوربية، يصبح مرجعية في النزاع في الصحراء الغربية، وأي مبعوث أممي سيستخدم هذا القرار كمرجعية له في تقاريره وفي خطاباته وفي استناده لأحقية الشعب الصحراوي في تقرير المصير، لأن هذا الحُكم هو بمثابة دليل جديد يعزّز حجج الشعب الصحراوي، ويجعل طرحه أكثر قوة من ذي قبل، لأن محكمة العدل الأوروبية هي إحدى المحاكم الاهم في العالم وداخل الاتحاد الأوروبي، لذلك هذا القرار من شأنه أن يساعد مبعوث الأمم المتحدة على حث مجلس الامن على ضرورة التطبيق العاجل لمقتضيات الشرعية الدولية وتمكين شعب الصحراء الغربية من تقرير مصيره.

علـى نفسه جَنَـى المغـرب

من جهته، يرى رئيس الهيئة الصحراوية للبترول والمعادن الدكتور غالي الزبير أن الحكم الذي قضت به محكمة العدل الأوربية يمثل انتصاراً، ليس فقط للشعب الصحراوي، وإنما لكل الشعوب التي تتعرّض ثرواتها الطبيعية للنهب والاستغلال غير الشرعي.
وقال المتحدث بأن حُكم محكمة العدل الأوروبية هو انتصار للعدالة بصفة عامة، وانتصارٌ لمبدأ سيادة الشعوب على مواردها الطبيعية الذي يعتبر مبدأً سامياً أكّدت عليه العديد من القرارات الدولية سواء القارية أو الأممية، والذي يقضي بأن سيادة الشعوب الدائمة على ثرواتها الطبيعية لا يمكن أن تحل محلّها أي قوة استعمارية.
وقال غالي لـ «الشعب» أن هذا القرار مهم بالنسبة للشعب الصحراوي، لأنه يحمل دلالات سياسية بحكم أنه يؤكد على مبدأ حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، ويذكّر باللائحة 3437 الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة التي تعترف بجبهة البوليساريو كممثل شرعي ووحيد للشعب الصحراوي، وتضع المغرب كقوة محتلة في الصحراء الغربية.
وأضاف رئيس الهيئة الصحراوية للبترول والمعادن قائلاً إن حكم محكمة العدل الأوروبية جاء تأكيداً لقرارات سابقة أجمعت كلّها على حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير، وعلى حقه في السيادة على موارده الطبيعية، كما اعتبرت جبهة البوليساريو الممثل الشرعي والوحيد لشعب الصحراء الغربية معترفٌ به دولياً، وأن للجبهة الحق في الدفاع عن حقوق ومصالح الشعب الصحراوي أمام المحاكم الاوروبية، وهي ذات الجزئية التي حاول الاحتلال المغربي والمجلس الأوروبي الطعن فيها بالاستئناف.

الصحــراء الغربيـــة والمغرب إقليمـــان متمايـزان

ولَفَتَ غالي الى أن هذا الحكم مهم من ناحية أخرى، لأنه أكّد ما سبق وأن أكدته محكمة العدل الأوربية، وهو جوهر معظم القرارات الصادرة منذ 2015 الى غاية الآن، وهو التأكيد على أن الصحراء الغربية والمغرب إقليمان منفصلان ومتمايزان من الناحية القانونية، وبالتالي، فإن جميع الاتفاقيات التي يعقدها المغرب مع الاتحاد الأوروبي تكون باطلة إذا شملت الصحراء الغربية.
وجدّد المتحدث التأكيد على أن هذا الحكم قد جاء بإضافة أخرى، وهي أن كل المشاورات التي ادّعت المفوضية الاوروبية والمجلس الاوروبي أنها قد أجرتها مع سكان الصحراء الغربية، «تعتبر مشاورات غير ذات قيمة» لأنها تمت داخل أراضٍ محتلة وشملت فقط جزءًا من السكان الذين ليسوا جميعهم من سكان الاقليم كما جاء في نص الحكم، وإنما هناك جزء كبير منهم من المستوطنين المغاربة.
هذا الحكم –يقول محدّثنا- هو حكم نهائي، وبالتالي فإن الدول الاوروبية والمؤسسات الاوروبية بقيت مكشوفةً أمام مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، وهي مطالبة بضرورة الانسحاب من الاقليم المحتل والتخلي عن خوض مغامرات الاستثمار ونهب الثروات الطبيعية للشعب الصحراوي، وهو السيناريو الذي ظل مستمراً لعقود رغم أن هذه الدول الأوروبية والمجلس الاوروبي والمفوضية الاوربية تمثّل مؤسسات ديموقراطية وشعوب تدّعي أنها شعوباً حرة، «ومن المؤسف رؤيتها تقع في عملية دعم الاستعمار والتغطية على جرائمه في أراضي محتلة يتم فيها انتهاك حقوق الانسان بصورة مستمرة».

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19827

العدد 19827

الأحد 20 جويلية 2025
العدد 19826

العدد 19826

السبت 19 جويلية 2025
العدد 19825

العدد 19825

الخميس 17 جويلية 2025
العدد 19824

العدد 19824

الأربعاء 16 جويلية 2025