مختصّون يبرزون مزايا البرامج السّكنية الجديدة

مشروع المليــوني سكن.. رؤية تنمويـة شاملة للاقتصاد الوطنـي

أم الخير سلاطني

التخفيـف مـن الضغـط على السوق العقــاري وتعزيــز الاستقـرار الاجتماعـي

البنك الوطني للسكن والوكالة الوطنيـة للعقار وتحيـين قانون التعمـير..مكاسب للقطـاع والمواطن

 يعدّ التزام السيد رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، بإنجاز مليوني وحدة سكنية خلال عهدته الرئاسية الثانية، وعدًا طموحًا، وهو يعكس اهتمامًا كبيرًا بتلبية احتياجات المواطنين في قطاع الإسكان الذي يعد من أكثر القضايا إلحاحًا في الجزائر، وبالنظر إلى الحجم الكبير لهذا المشروع، فإنه يتطلب استثمارات ضخمة وتخطيطًا محكمًا، لحل المشكلات المرتبطة بالتمويل، وذلك ما أظهرته الأرقام والاعتمادات المالية المقترحة للتخصيص في قانون المالية 2025.

 يرى المتابعون للشّأن العام الوطني، من المختصّين في المالية والاقتصاد وخبراء العقار، أنّه إذا تم تنفيذ هذا الالتزام بنجاح، فإنّ ذلك قد يسهم في تحسين الظروف المعيشية للعديد من الأسر، ويخفّف من الضغط على السوق العقاري، ويعزز الاستقرار الاجتماعي، زيادة على اعتباره خطوة إيجابية نحو تحقيق التنمية الاجتماعية والاقتصادية في الجزائر، وأداة لتفعيل الاقتصاد الوطني والدفع بحركيته، كونه مشروعا واعدا يتحدّث عن أرقام مليونية، على حد تعبير الخبير والمحلّل الاقتصادي البروفيسور مراد كواشي.

حركـــة قطــاع البناء..تحـرّك كــل القطاعــات

 قال البروفيسور مراد كواشي في تصريح لـ«الشعب”، “إنّ قطاع السّكن والبناء يمثّل قطاعا استراتيجيا بالنسبة للدولة الجزائرية، وقد ركّزت عليه كثيرا خلال الفترة السابقة نظرا للأهمية الكبيرة التي يحظى بها سواء من الناحية الاجتماعية أو من الناحية الاقتصادية”، على أساس المتعارف عليه في مقولة: “عندما يتحرك قطاع البناء كل القطاعات تتحرّك معه”، مضيفا أنّ انتعاش الحركية في قطاع البناء والسكن منذ عام 2020، أظهرت ديناميكية كبيرة، على
غرار مبادرة إنشاء البنك الوطني للسكن والوكالة الوطنية للعقار، زيادة على تحيين قانون التعمير، حيث من المرتقب إن يسهم البنك الوطني للسكن في إعطاء دفع أكبر للقطاع، كما سيحقّق تجسيد مختلف البرامج التي أمر بها رئيس الجمهورية بالنوعية المطلوبة وفي الآجال المحددة.وتحدّث البروفيسور كواشي عن تطور تجربة الجزائر في مجال الإسكان الذي يعد من أهم أولويات الحكومة من خلال رفع التخصيصات المالية لتطوير قطاع الإسكان، بهدف معالجة أزمة السكن وتلبية احتياجات المواطنين، وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني، حيث سيسمح مشروع إنجاز 2 مليون سكن بين 2025و2029، برفع تحديات اقتصادية ذات أثر إيجابي على الشقين الاقتصادي والاجتماعي، لاسيما في ظل تحقيق الجزائر لتحدي الاكتفاء الذاتي في مجال الاسمنت ومواد البناء، مثل الحديد، وهي أغلبها مواد أولية ونصف أولية صارت تصنع محليا وتصدر للخارج، ما يعني أنّ الجزائر أمام آفاق واعدة في مجال التصنيع المرتبط بقطاع البناء والسكن.  

المنحـى يتصاعد منــذ 2020

 وأشار المحلّل الاقتصادي إلى أنّ قطاع البناء والسكن في الجزائر، عرف وتيرة تصاعدية، منذ سنة 2020، ويلاحظ أن هذا المنحى التصاعدي سيحظى بالمزيد من الدعم والتمويل المالي، ضمن قانون المالية 2025، تنفيذا لالتزامات السيد رئيس الجمهورية، وتثبيتا للتوجه الاجتماعي للدولة الجزائرية، وذلك ما سيشمل مشاريع طموحة في مجال السكن والتجهيزات العمومية والخدماتية المرافقة لمشروع انجاز مليوني وحدة سكنية من مختلف الصيغ، الأمر الذي سيقلص - إلى حد كبير - من مشاكل السكن، ويحقّق الرفاهية والطمأنينة للمواطنين، كما سيفتح فرص واسعة أمام الاستثمار في مجال صناعة، وإنتاج مواد البناء بما يعني بالتالي فتح فرص عمل جديدة في كافة المجالات المستقطبة لليد العاملة.

تحفيـز الطّلـب علـى المنتجــات الوطنية

 من جهته، علّق الخبير الاقتصادي نبيل جمعة على الالتزامات التي قدمها السيد رئيس الجمهورية بخصوص السكن، قائلا إنّها انعكست على التوجهات السياسية والاقتصادية للحكومة الجزائرية، وأظهرت توجّهها نحو تعزيز العدالة الاجتماعية وتقليل الفوارق بين المناطق الحضرية والريفية، وكذلك التوجه نحو دعم الاقتصاد المحلي، من خلال تحفيز الطلب على المنتجات الوطنية المستخدمة في مشاريع البناء، مشيرا إلى أنّه يتوقع تكييف قانون المالية 2025 مع هذه  الالتزامات، لاسيما من حيث تخصيص جزء كبير من الميزانية لتموين المشاريع السكنية، من خلال توفير الموارد المالية لتطوير البنية التحتية اللازمة، مرجحا أيضا أن يركز قانون المالية على دعم السكن العمومي ومشاريع الإسكان الموجهة لذوي الدخل المتوسط، لافتا أنه قد ترتفع الاعتمادات المالية الموجهة للسكن عن الاعتمادات المخصصة في قانون المالية 2024 التي بلغت 50 مليار دولار.

تحفيزات جبائية متوقّعـة لفائـدة مقــاولات البنـاء

 وتحدّث الخبير نبيل جمعة عن التحفيزات الجبائية والتسهيلات المتوقعة في قانون المالية 2025 بالنسبة للمقاولات والمؤسسات في قطاع السكن والتجهيزات العمومية، خاصة في المناطق التي تعاني من نقص في العرض، من أجل تشجيع المستثمرين على تطوير السكن في المناطق النائية، من خلال الدفع الميسّر ما يفتح آفاق واسعة للتجهيز السكني بهذه المناطق، مشيرا إلى أنه يتوقع أيضا أن يقدّم قانون المالية 2025 حلولا لمشاكل نقص الأراضي والأوعية العقارية اللازمة لاستقبال المشاريع السكنية الواعدة.
وقال جمعة إنّ هذا العدد الكبير من الوحدات السّكنية سيخلق فرص عمل كبيرة في قطاع البناء والصناعات المرتبطة به مثل الاسمنت والصلب، ما سيكون له الوقع الإيجابي المباشر على فتح فرص شغل والتقليل من معدلات البطالة، زيادة على دعم الشركات المحلية المنتجة لمواد البناء، ما يعزّز من الاقتصاد المحلي، وكذا مساهمة المشروع الواعد في تقليص أزمة السكن وتوفير حظوظ كبيرة للاستقرار الاجتماعي، كما سيسمح إنجاز مليوني سكن - يقول جمعة - بالتخفيف بشكل كبير من الضغط على سوق الإسكان، من حيث تقليص أزمة السكن وتخفيض الأسعار، وهي مشكّلة يعاني منها جزء كبير من المواطنين الجزائريين، في وقت اعتبر جمعة مشروع انجاز مليوني سكن  حلا فعالا للعديد من المشاكل، لافتا إلى أن ازدهار قطاع السكن والبناء والأشغال العمومية، سيسهم - لا محالة - في ازدهار الاقتصاد الجزائري، ويحقّق نسبة نمو كبيرة للسوق الوطنية.

الهـدف..تحقيق الرّفـاه الاقتصـادي والاجتماعـي

 إنّ مشروع إنجاز 2 مليون سكن يمثّل خطوة جريئة وطموحة تعكس رؤية الرئيس تبون لتطوير الجزائر وتحسين مستوى معيشة المواطنين، فالمشروع ليس مجرد فكرة لحل أزمة السكن، بل هو أيضا جزء من استراتيجية اقتصادية شاملة تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الوطني، خلق فرص العمل، وتحقيق الاستدامة الاقتصادية، وبفضل الدعم الحكومي الكبير، وتطور قطاع البناء، والجهود المبذولة لتوفير الموارد المالية والتسهيلات، تبدو الجزائر على المسار الصحيح لتحقيق هذا الهدف الطموح، ومع التزام الدولة بتوفير السكن للجميع، يمكن القول أنّ السنوات القادمة ستحمل تغييرات جذرية في المشهد الاقتصادي والاجتماعي في الجزائر.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19826

العدد 19826

السبت 19 جويلية 2025
العدد 19825

العدد 19825

الخميس 17 جويلية 2025
العدد 19824

العدد 19824

الأربعاء 16 جويلية 2025
العدد 19823

العدد 19823

الثلاثاء 15 جويلية 2025