ضـــــــرورة تعــــــــاون مصلحـــــــــة أمـــــــلاك الدولــــــة فـــــي كـــــــل ولايـــــة مــــــــع المتعاملــــين
يؤكّد خبراء في المالية والمحاسبة، أنّ اجتماع العمل الأخير يعكس الاهتمام الكبير الذي توليه القيادة العليا للبلاد من أجل وضع حل نهائي لإشكال العقار الصناعي الذي تسبّب في تعطيل المشاريع والاستثمارات. ولا يقل العقار الفلاحي أهمية عن العقار الصناعي، حيث يشكّل قاعدة الأمن الغذائي، وفق ما نصّ عليه دستور 2020.
ينتظر أن يدفع رئيس الجمهورية من خلال التعليمات التي أسداها في اجتماعه الأخير بوزراء القطاعات المعنية بالعقار الصناعي على غرار قطاع الصناعة، المالية، الداخلية..إلى التعجيل بإنهاء مشكلة العقار الصناعي، حيث أنّه لا يمكن استمرار وضع الاخير على ما هي عليه، والذي أفرز انعكاسات سلبية على الجانب الصناعي والاقتصادي بصفة عامة نتيجة تعطيل انجاز المصانع ووحدات الإنتاج والتصنيع حسبما صرّح به الخبير بوبكر سلامي لـ “الشعب”.
ويتوقّع الخبير سلامي أن يعرف ملف العقار الصناعي انفراجا، خاصة بعدما وجّه المسؤول الأول على البلاد، الهيئات المعنية المتمثلة في أملاك الدولة التابعة لوزارة المالية، وزارة الصناعة والفلاحة والسياحة والوكالة الوطنية للاستثمار، لاتخاذ الإجراءات ولإعداد التنظيمات، بحيث أنّ أي طلب استثمار تمنح الموافقة والاعتماد لصاحبه يعالج في غضون شهر، مقترحا في هذا الاطار أن يرفق الاعتماد بقرار منح العقار في وقت واحد، وبهذا ستعرف هذه “العقبة” طريقها للزوال.
ويرى سلامي أن تكون مساحة الأرضية الممنوحة مناسبة للاستثمار وفي أماكن محددة، وتكون مجهزة لذلك، مع مراعاة ملاءمة العقار مع طبيعة المشاريع الاستثمارية التي ستقام عليه، بحيث إذا كانت صناعية تجسد على مناطق صناعية، مشيرا إلى أن العقار “ثابت وليس منقولا” يباع أو يتلف، كما أنه من الضروري ـ حسبه ـ وضع إجراءات صارمة، بحيث في حالة عدم تطبيق المستثمرين للقوانين، يدفعون غرامات في مرحلة أولى، ثم يتم نزعه منهم في مرحلة أخيرة.
يعتقد الخبير في المالية والمحاسبة، أنّ العقار الصناعي ليس مشكلا في حد ذاته، لأن الأوعية العقارية موجودة في كل مناطق البلاد، كما أن مساحة الجزائر هي بحجم قارة، وبالتالي فالمشكل العقاري يكمن في الممارسات والبيروقراطية التي تعشهش في الإدارات، التي تضع عراقيل للحصول على الاعتماد والرخصة، والحل يكمن وفق رؤيته في أن تكون مصلحة أملاك الدولة في كل ولاية في متناول المستثمر بالشروط المذكورة أنفا، إلا أنّ الصناعة تخصص لها مناطق صناعية، موضحا أن انجاز المشاريع عليها يحتاج الى البنى التحتية من طرق معبدة، توفير الماء والكهرباء والانترنيت والأمان والحماية.
ويرى الخبير أنه سيتم وضع تسهيلات تسمح للمستثمرين بالحصول على العقار الصناعي خلال 24 ساعة، ويرى أن ذلك ممكن يحتاج فقط لقرارات صارمة ووتيرة سريعة في التطبيق، مع وضع مكانيزمات لتسيير منح العقار، وكذا تحديد مدة معينة لاستغلاله وإقامة مشروع عليه، وينزع من المستثمر في حال إبقاء الوعاء العقاري غير مستغل طيلة المدة الممنوحة أو تحويله عن طبيعته.
ويرى كذلك أنه لا بد من وضع إجراءات عملية وصارمة لحماية العقار، حيث تكون الاستفادة منه دون عقد امتلاك، وانما عن طريق عقد امتياز، لمدة تمتد من 15 الى 20 سنة، وبذلك يمكن التخلص تدريجيا من هذه “المشكلة “ في كل القطاعات المعنية سواء كانت السياحة، أو الصناعة وغيرها.
العقار الفلاحي أساس الأمن الغذائي
في سياق آخر، أكّد الخبير في العقار والهندسة المالية عبد الرحمان بن يمينة على ضرورة حماية العقار الفلاحي، الذي يشكل الامن الغذائي وفق ما نص عليه الدستور، على أن يكون منتجا يساهم في تحقيق الامن، ويمكّن من الدخول الى أسواق التجارة الدولية، كما يقترح وضع خريطة فلاحية وطنية تحدد كل الأراضي الزراعية والمستثمرات المنتجة.
انطلق الخبير عبد الرحمان بن يمينة من تصريحات رئيس الجمهورية التي ادلى بها بمناسبة ذكرى تأسيس الاتحاد العام للفلاحين الجزائريين أين أعلن عن تسوية نهائية لملكية العقار الفلاحي، وطي ملفه قبل نهاية سنة 2025، والذي يؤكد الأهمية البالغة التي توليها الدولة لهذا القطاع الاستراتيجي.
أفاد بن يمنة في تصريح لـ “الشعب” أنّه تم تسجيل تجاوزات على العقارات الفلاحية خلال السنوات الماضية، حيث أصبحت تستغل بطريقة غير قانونية، ونتيجة لذلك، أصبح المستغل لهذه الأرض ليس هو صاحب عقد الامتياز، “وهذا منافي للقانون”، مشيرا إلى أن السلطات العليا للبلاد اتخذت إجراءات للإحاطة بمشكلة العقار الفلاحي، باعتباره ثروة حقيقية للدولة تدر أموالا طائلة على الخزينة العمومية في إطار التنمية الاقتصادية المستدامة، كما تؤدي إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي والأمن الغذائي، وبالتالي إنهاء التبعية للخارج، ويعد الإحصاء أحد الوسائل لإحصاء الأراضي الفلاحية.
يرتكز الاقتصاد الفلاحي الحديث وفق بن يمينة على المساحات الكبيرة، التي تحتاج الى استراتيجيات كبرى، والى أجهزة وأدوات وآليات ومسار تقني دقيق مبني على العلوم الحديثة، على أن تسند عملية استغلال الأراضي إلى شركات استثمارية قوية، أو إلى تعاونيات استثمارية قوية تسمح بالإنتاج الوافر والمستدام بغرض تشكيل خريطة فلاحية وطنية.
وأكّد كذلك على ضرورة حماية العقار الفلاحي الذي يعد أساس الأمن الغذائي وفق ما نص عليه الدستور، مقترحا إنجاز دليل علمي أسماه “الدليل الجزائري للاستثمار الفلاحي”، وهو الذي سيثبت - حسبه - الأرضية القانونية، ويثبت الاستراتيجية ويحدد المنتوجات الفلاحية ذات الأولوية في الأمن الغذائي، وتلك الموجهة للتصدير، وهذا من أجل إرساء منظومة فلاحية وطنية خاصة بكل منطقة، مع تفعيل مؤشرات عملية لقياس المنتوج الداخلي الخام، الذي يأتي به العقار الفلاحي ولتسجيل أرقاما إيجابية.