توظيف وتجنيد أقلام مأجورة وصناع محتوى وبيادق وزبانية وتمويل منشوراتهم الدنيئة
”جيــش إعلامــي” و”هاشتاغــات” لتسميــم عقــول الجمهـور بافـتراءات وأراجيـف
لا يتوقّف استهداف الجزائر عند وسائل إعلامية أجنبية وعبر مواقع التواصل الاجتماعي، إذ تصرّ أطراف معروفة على ترصّد وتتبّع كل شأن جزائري لإيجاد أدنى فرصة لتفجير حملات إساءة واسعة النطاق..هذه الحروب التضليلية، ورغم خطورتها تنتهي دائما إلى الفشل الذريع.
في اليوم ذاته، (الأربعاء الماضي) الذي صرّح فيه وزير الاتصال د.محمد مزيان، عن عدد الصحفيين الذين يمتهنون الإساءة إلى الجزائر، عبر مختلف المنصات، نشرت إذاعة مونتي كارلو الفرنسية، خبرا كاذبا يزعم تواجد جنود جزائريين بسوريا.
كانت لحظة بهتان كبير لهذه المؤسّسة الإعلامية العمومية التي أقفلت عقدها الخامس، وباتت أمام حتمية إجراء تحقيق داخلي لكشف ملابسات هذا التلاعب الفاضح الذي وقعت فيه، خدمة لأجندة يقف وراءها ذباب المخزن المغربي دون شكّ.
وفي اليوم الموالي، زعمت مواقع مغربية، بأنّ الجزائر خسرت انتخابات عضوية مجلس السلم والأمن الإفريقي، وعمّمت هذا الخبر الكاذب عبر مواقع إخبارية ومنصاتها بمواقع التواصل الاجتماعي، لكنّ الجمهور العام، اكتشف بعد لحظات قليلة، وبالدليل القاطع أن المغرب هو من خسر هذه الانتخابات بعد إقصائه في الأدوار الأولى من قبل الجزائر التي تستعدّ لكسب تأييد الدول الإفريقية في الانتخابات المؤجّلة، الشهر المقبل.تؤكّد نماذج هذه الأخبار الكاذبة التي جاءت في سياق سياسي قاري ودولي معين، أنّ الأمر يتعلّق بخطط ممنهجة لشنّ حرب مستمرّة على الجزائر، بهدف الإساءة إليها وتشويه سمعتها وتقويض دورها المتنامي. مثل هذه المضامين التضليلية، تتطلّب ترسانة لوجيستية وتقنية وموارد بشرية مشحونة العواطف، إلى جانب أموال طائلة توظف في تجنيد أقلام مأجورة وصناع محتوى، وتمويل منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي معزّز بخوارزميات وتقنيات الذكاء الاصطناعي حتى تصل إلى أكبر عدد من الجمهور، في قالب يسمّى “التضليل العميق”.ويمكن تصفّح محركات البحث ببعض الكلمات المفتاحية التي تشير إلى كلّ ما هو جزائري، حتى يتضح أنّ عديد المواقع المغربية والفرنسية حجزت مراتب عليا في الظهور، وبمقالات مسيئة للجزائر.
“كتائب الكترونية” لتغليط وتسميم الجمهور
وتدار الحرب التضليلية عن طريق تجنيد وسائل إعلام تقليدية ومواقع إلكترونية تستغلّ كواجهة للانتشار الإلكتروني وصفحات ما يسمى بـ«الكتائب الإلكترونية”، تتولى مهمّة تداول المعلومات المضلّلة، ثم تقوم بتبادل الأدوار فيما بينها حينما يصنع الذباب الإلكتروني من قصة خيالية تخصّ الجزائر الموضوع الأكثر انتشارا، عبر أكبر عدد ممكن من “الهاشتاغات” لتتفاعل معها الأذرع الإعلامية التقليدية.
وفي دولة شمولية مثل المغرب، لا تسمح لأبسط المواطنين بتناول حتى احتياجات ضحايا زلزال الحوز، فإنّ سيطرتها مطلقة على كافة وسائل الإعلام، وبالتالي فإنّ الأغلبية الساحقة من المنتسبين لها يوظفون ضمن “جيش إعلامي مشكّل من آلاف الصحفيين” مهمّتهم مهاجمة الجزائر.
وبأدوات تقنية وتطبيقات بسيطة، يمكن اكتشاف أنّ معظم “الهاشتاغات” التي تحمل اسم الجزائر، مصدرها المغرب، أما مصدر الصفحات والمواقع فهو المغرب، فرنسا وبلد خليجي معروف.
الجزائـر عقدة وفوبيـا هؤلاء ..
وبالنظر لكون معاداة الجزائر قد تحوّلت إلى عقيدة للسياسة الخارجية للمخزن، فإنّ المؤسّسات الإعلامية في هذا البلد إلى جانب خلايا مواقع التواصل التي تدار من غرفة عمليات موحّدة، والمدوّنين، يرفع رقم أعداء الجزائر في الفضاء الإعلامي من هذه الدولة لوحدها إلى الآلاف. وربّما لم يكشف وزير الاتصال، محمد مزيان، عن كلّ شيء حينما تطرّق إلى هذه المسألة في محاضرة أمام صحفيين وأكاديميين، لأنّه وفي حالة فرنسا لا يتوقف الأمر عند كتائب الكترونية ومواقع إخبارية، بل يمتدّ إلى نخب سياسية ورسمية تشغل مناصب في الحكومة.
ولقد أغرقت وسائل الإعلام الفرنسية منذ أزيد من شهرين، بمحتوى معادِ للجزائر وللجالية الجزائرية بفرنسا، وكان مصدر الأخبار المضلّلة سياسيون من اليمين المتطرّف ووزراء، أدلوا بتصريحات كاذبة بشأن ما سمي بهتانا بـ«الدعم المالي للتنمية لفائدة الجزائر!!”، وبشأن “ديون الجزائر لدى المستشفيات الفرنسية!!” وكذا اتفاقية 1968.
لقد أبان المغرب والأوساط الفرنسية المعادية، أنّهم يعانون من عقدة اسمها “رهاب الجزائر”، كونها لا تتحمّل الطريق الذي اتخذته في الدفاع عن مصالحها وبناء مكانتها الدولية بالاعتماد على مواردها وطاقتها.
إنّهم يستعينون بخوادم مواقع التواصل المتواجدة في مناطق بالخليج، من أجل ضرب سمعة الجزائر، وإخماد صوتها الذي يصدح بالمبادئ المناهضة للقيم الاستعمارية التوسّعية، وضرب علاقتها بالدول والشعوب الشقيقة والصديقة، غير أنّ هذه الحرب التضليلية، تنتهي في كلّ مرة إلى الفشل الذريع، لأنّ الحقيقة تبيد سريعا الأخبار الكاذبة، ورسّخت في عقول المتلقين أنّ مصدرها واضح ومعروف ومن أطراف تعادي الجزائر لأسباب تتعارض مع المبادئ والأخلاق.