«الشعب» تقف على آثار الكارثـة

ربـع ســاعة من الأمطــار الطـوفــانية أغرقت تندوف

تندوف: عويش علي

مدينة تقبع في  ظلام،  والحماية أنقذت السكان  من موت حقيقي

خلفت العاصفة الرعدية المصحوبة بأمطار طوفانية وحبات بَرَد لا يقل وزنها عن 10 غرامات والتي ضربت ولاية تندوف وعاصمتها، خلفت وراءها مدينة تتخبط في الظلام والأوحال وبرك المياه، ودرجة كبيرة من الاستياء في أوساط المواطنين، الذين عاشوا حالة هلع وخوف.

ربع ساعة فقط من العواصف والأمطار الغزيرة كانت كافيةً لتكشف عن عورة المدينة وهشاشة ما أُنجز خلال سنوات، مزيحة النقاب عن ضُعف البنية التحتية بها وتجرف معها بذلك آمال المواطنين وتطلعاتهم. ومع بزوغ فجر يوم أمس، بدت تندوف مدينة أشباح غارقةً في الأوحال ومستنقعات مائية عجزت طواقم الحماية المدنية وفرق الديوان الوطني للتطهير عن السيطرة عليها وتجفيف المناطق المتضررة، رغم تواصل عملها بهذه المناطق إلى ساعات متأخرة من الليل، بحسب ما رصدته «الشعب».
وكانت هذه التقلبات الجوية المفاجئة قد أدت إلى سيول عارمة ارتفع على إثرها منسوب المياه إلى متر، اجتاحت وسط بلدية تندوف عبر أحياء البدر، القصابي، موساني، النهضة، المستقبل، النصر والرماضين وقسمت المدينة إلى أربعة أقسام، فارضةً حالة من الإرباك وسط المارة ومرتادي الطريق نتيجة سقوط الأشجار في مشهد عاد بذاكرة المواطنين إلى بداية التسعينيات من القرن الماضي.
وفي حصيلة أولية، أكدت مصادر طبية لـ «الشعب» عن تسجيل بعض حوادث المرور وحالة وفاة واحدة، يتعلق الأمر بطفلة تبلغ من العمر 03 سنوات تُوفيت إثر صعقة كهربائية.
ومباشرةً بعد مرور العاصفة، سارعت فرق الأمن إلى تطويق الأودية المارة عبر الأحياء السكنية لمنع السائقين المتهورين من عبورها، حفاظاً على الأرواح والممتلكات. كما جندت مديرية الحماية المدنية طواقمها العاملة ووضعتهم على أُهبة الاستعداد تحسباً لأي طارئ، كما سخرت كل إمكاناتها من أجل امتصاص المياه من الطرق وفتحها في أسرع وقت.
وفي لقائه مع «الشعب»، أوضح الرائد «شهب العين محمد»، مدير الحماية المدنية لولاية تندوف، أن مصالحه جندت 113 عون و09 ضباط من أجل التكفل الحسن بالمصابين والتحاق 60 عونا تطوعياً بحكم الضمير المهني بالمناطق المنكوبة لمد يد العون، كما سخرت ذات المديرية 14 سيارة إسعاف و05 شاحنات ضخ المياه و03 شاحنات لنقل الموظفين إلى الأماكن المتضررة.

تشكيل خلية أزمة برئاسة الوالي
وفور توقف العاصفة سارعت السلطات المحلية إلى تشكيل خلية أزمة برئاسة والي الولاية، رفقة رئيس بلدية تندوف والأمين العام للولاية، ومدير الحماية المدنية، للوقوف على قدم وساق ومتابعة عمل الطواقم الميدانية من فرق الحماية المدنية وأعوان الأمن. وفي هذا الإطار، أكد مدير الحماية المدنية الرائد «شهب العين محمد»، عن إجلاء ست عائلات منكوبة وإنقاذ أفرادها من موت محقق جراء تحطم مساكنها الطوبية، كما أجلت ذات المصالح 10 أشخاص إلى المستشفى في حالة إغماء لهول الرياح. وكان لأعوان الحماية المدنية الفضل في إنقاذ شخصين من الغرق المحقق بعد أن جرفتهم السيول.

خسائر مادية معتبرة

من جهتها، سجلت مصالح الدرك الوطني انحراف شاحنة عن مسارها على الطريق الوطني رقم 50، كانت محملة بالحصى بالمنطقة المسماة «وادي القنطار». ويعزو مسؤولو الدرك الوطني أسباب الحادث إلى عدم تخفيض السرعة في المنعطف، ما أدى إلى خروج الشاحنة عن الطريق وإلحاق خسائر فادحة بها. كما أحصت مصالح الحماية المدنية والدرك الوطني سقوط 07 أعمدة كهربائية بسبب العواصف الهوجاء وإلحاق أضرار بالغة بخمس سيارات نتيجة ارتطام حجارة البرد بزجاجها.
وكانت الخطوط الجوية الجزائرية قد ألغت رحلة لها قادمة من مطار وهران باتجاه تندوف، وقد تزامنت هذه الرحلة مع العواصف التي ضربت المنطقة ليقرر مسؤولو الشركة تعليق الرحلة إلى إشعار آخر في ظل تنامي المخاوف من عودة الاضطراب الجوي مرة أخرى.

«قندهار» و«الحكمة» الأكثر تضرراً

أعرب مواطنو حي الحكمة «للشعب»، عن استيائهم الشديد من «تقاعس السلطات والمنتخبين في تلبية احتياجاتهم» وفي توفير الماء الشروب وإزاحة الأوحال. وقد أكد بعض المواطنين من عين المكان على صعوبة العيش في هذا الحي الذي يضم المئات من السكنات الريفية والتي تنعدم فيها أدنى شروط الحياة الكريمة، من أرصفة وطرق مُعبدة وشبكات الصرف الصحي وإنارة عمومية.
وما زاد من تفاقم الوضع، وقوع الحي في مُنخفض أودى إلى انحصار المياه بشكل كبير داخل المساكن.
أما حي «قندهار» القصديري، فحاله لم تكن بأحسن من حي الحكمة، حيث رصدت «الشعب» انهيار بعض الجدران دون تسجيل خسائر في الأرواح.
وقد شهدت مخيمات اللاجئين الصحراويين ـ كما رصدت «الشعب» بعين المكان - وضعاً لا يقل كارثية عما شهدته بلدية تندوف، دون تسجيل خسائر في الأرواح والممتلكات.
وكانت المخيمات قد شهدت تساقطات مطرية غزيرة وعواصف رملية في كل من مخيم بوجدور ومخيم العيون ومنطقة حاسي عبد الله نشرت الرعب وسط اللاجئين من احتمال انهيار بيوتهم الطينية. وقد تدخل أعوان الحماية المدنية الجزائرية بفرقتين مجهزتين بمعدات حديثة لمساعدة اللاجئين في منطقة «الرابوني» ومخيم العيون دون تسجيل خسائر تُذكر.

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19432

العدد 19432

الأربعاء 27 مارس 2024
العدد 19431

العدد 19431

الثلاثاء 26 مارس 2024
العدد 19430

العدد 19430

الإثنين 25 مارس 2024
العدد 19429

العدد 19429

الأحد 24 مارس 2024