طباعة هذه الصفحة

أبعـاد اقتصاديـة واجتماعيـة وروحية في قرار رئيس الجمهورية

استيراد مليون رأس..أضحية العيد للجميع

زهراء.ب

 دفـتر شروط وإطلاق استشارة دولية مع دول معروفة بقدرتهــــا علـى توريــد الماشيـــة

 ضبــط سقف الأسعار وإدخال المواشــي عبر مؤسسات الدولـة لتجنب الوسطاء والمضاربــة

 إشـراف تعاونيـات وهــيئــات عموميــــة متخصصـة على عمليـة البيـــع والتسويـق

 فتــح المجـال أمـام مصالح الخدمـات الاجتماعيـة فــي  الشركـات والمؤســـسات

 تمكين الجزائريــين مــن أداء الشعــيرة فـي  أجواء مــن الطمأنينــة

قرر رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، استيراد مليون رأس من الماشية، في خطوة استباقية تهدف إلى ضمان توفير أضاحي العيد للمواطنين بأسعار معقولة، وهو قرار يحمل أبعادا اقتصادية واجتماعية متعددة، ويعكس حرص السلطات العليا في البلاد على حماية القدرة الشرائية للمواطنين وضمان أداء شعيرة الأضحية في ظروف مريحة.

جاء قرار استيراد مليون رأس من المواشي، في ظرف تشهد فيه السوق الوطنية تذبذبا وارتفاعا غير مسبوق في أسعار الأضاحي، وقفت عوامل وتحديات عديدة وراء هذا الوضع، أبرزها التقلبات الاقتصادية والضغوطات البيئية المتمثلة في الجفاف الذي عرفته الجزائر لسنوات متتالية وأدى إلى تدهور المراعي ونقص كبير في الأعلاف، وهذا ما أثر على عدد القطيع، حيث أظهرت الإحصائيات لسنة 2022-2023 التي قامت بها الدولة، لأول مرة، تراجع هذه الثروة الحيوانية إلى 21.7 مليون رأس، منها 17.3 مليون رأس غنم، و13 مليون رأس من النعاج تتعرض للذبح غير القانوني. أما الأبقار فلا يتعدى عددها 1.16 مليون رأس، منها 525 أبقار حلوب.
نقص العرض مقارنة بالطلب، ناهيك عن ارتفاع تكاليف تربية المواشي نتيجة ارتفاع أسعار الأعلاف، والمضاربة التي زادت من حدة الأزمة، حيث استغل بعض التجار المناسبة لتحقيق مكاسب مفرطة، تسببت في تراجع الإنتاج محلي، الذي تأثر بعزوف بعض المربين عن النشاط بسبب تذبذب السوق.
أمام هذه الظروف، تدخلت السلطات العليا للبلاد لضمان استقرار شعبة اللحوم الحمراء وتنميتها، عن طريق الاستيراد المؤقت، وفي نفس الوقت وجهت سياسة القطاع إلى تعزيز الإنتاج ودعم القدرات الوطنية لتحقيق أهداف مخطط النهوض بالشعبة وحماية القطيع الوطني ومضاعفته وبلوغ الاكتفاء الذاتي في هذه الثروة، خاصة وأن الجزائر تملك المقدرات التي تؤهلها لتحقيق ذلك.
تدخل رئيس الجمهورية بشكل مباشر لضمان توفير الأضاحي بأسعار معقولة، سيرفع عبئا ماليا ثقيلا عن الأسر الجزائرية ويمكنها من تأدية هذه الشعيرة الدينية في جو من الراحة والطمأنينة.
وقد أمر رئيس الجمهورية بإعداد دفتر شروط صارم، يتضمن إطلاق استشارة دولية مع دول معروفة بقدرتها على توريد الماشية. كما أمر بتحديد سقف للأسعار لضمان عدم المغالاة، وضمان توفير المواشي في الوقت المناسب وبجودة عالية، على أن يكون استيراد المواشي عبر مؤسسات الدولة لتجنب تدخل الوسطاء والمضاربين. لهذا قررت السلطات أن تتكفل مؤسسات وهيئات الدولة المتخصصة بعملية الاستيراد، حتى يكون توزيع منظم للمواشي المستوردة، بحيث ستشرف، بحسب تعليمات رئيس الجمهورية، تعاونيات عمومية متخصصة على عملية بيع الأضاحي، بالتنسيق مع الهيئات الرسمية لضمان التوزيع العادل عبر مختلف ولايات الوطن. كما فتح المجال أمام مصالح الخدمات الاجتماعية في الشركات والمؤسسات لتوفير الأضاحي لموظفيها بأسعار مدعمة، وهو إجراء يعزز التضامن الاجتماعي ويضمن استفادة شريحة واسعة من الموظفين وأصحاب الدخل المتوسط والمحدود.
قرار استيراد مليون رأس من الماشية سيؤدي، بحسب المهنيين والخبراء، إلى زيادة العرض في السوق، ما سيحد من ارتفاع الأسعار ويساهم في خلق توازن بين العرض والطلب، ويحمي القدرة الشرائية للمواطنين، بفضل وضع سقف للأسعار وتوفير خيارات متنوعة عبر التعاونيات والخدمات الاجتماعية، وهذا ما سيمكن المواطن من اقتناء أضحية بسعر معقول يتماشى مع إمكاناته، إذ يسمح إشراك التعاونيات العمومية والخدمات الاجتماعية بالحد من نشاط الوسطاء والمضاربين، ما يسهم في ضبط السوق وتحقيق شفافية أكبر في عملية البيع.
في انتظار إعداد دفتر الشروط من طرف وزارة الفلاحة، أوصى المهنيون في القطاع بضرورة تعزيز الرقابة على عملية الاستيراد وفحص المواشي المستوردة للتأكد من سلامتها، والحرص على متابعة مسارها منذ دخولها الموانئ إلى غاية وصولها إلى المستهلك، لضمان عدم اختلاط المواشي المستوردة بالسلالات المحلية، حفاظا على جودة السلالة المحلية وضمان استدامة الإنتاج الوطني وتشجيع المربي المحلي على اعتماد الطرق الحديثة في تربية المواشي، مع ضرورة وضع استراتيجية طويلة الأمد لدعم الإنتاج الوطني وتشجيع المربين على زيادة الإنتاج لتفادي الحاجة المستمرة إلى الاستيراد.