طباعة هذه الصفحة

المدير السّابق للوكالة الوطنية للنّفايات كريم ومان لـ “الشعب”:

تراكم القمامة خلال رمضان سببه تغيّرات عمليات الجمع

حياة .ك

يطرح تراكم النفايات “المزمن” خلال الشهر الفضيل بسبب ارتفاع معدل الاستهلاك الأسري، إشكالية تستدعي دراسة استباقية، كما تتطلب تحليلا أكثر عمقا للمؤشرات المرتبطة بإدارة هذه المخلفات، التي تحتاج لجمعها ونقلها إلى مخطط محكم والى لوجستيك، يمكن من تفادي تراكمها المستمر في نقاط الجمع، وذلك حسب ما يراه الخبير والرئيس السابق بالوكالة الوطنية للنفايات كريم ومان.

 يعتقد الخبير ومان أن التراكم المزمن للنفايات المنزلية على مستوى نقاط الجمع خلال شهر رمضان الكريم يستدعي إدارة استباقية، مشيرا إلى أنه غالبا ما يتم التطرق لهذه الظاهرة في الجزائر التي ترتبط بالتبذير، نتيجة تغير عادات الاستهلاك، والميل إلى الإفراط في شراء المواد الغذائية، وبالتالي يؤدي ذلك إلى الزيادة في إنتاج النفايات المنزلية.
بحسب الخبير ومان تحتاج إشكالية إدارة النفايات خلال شهر رمضان إلى تحليل أكثر عمقا، لان الواقع أكثر تعقيدا، إذ أن تراكم المخلفات المنزلية على مستوى نقاط الجمع يمكن رده إلى زيادة في الإنتاج، أو يكون نتيجة لتأخر أو انخفاض وتيرة عملية جمع ونقل القمامة.
وبحسب المتحدث، فإنّ العامل الرئيسي في مسألة جمع ونقل النفايات، يتعلق بمؤشر معدل ملء شاحنات القمامة، فإذا ظل متوسط معدل الملء مستقرا عند حوالي 80 بالمائة كل شهر من شهور السنة، ولكنه انخفض إلى حوالي 70 بالمائة خلال شهر رمضان، ويشير هذا إلى انخفاض في مردودية عمليات الجمع، مما يؤدي حتما إلى تراكم النفايات المنزلية على مستوى نقاط الجمع، موضحا أن تراكم هذه الأخيرة يحدث بسبب التغييرات التشغيلية لعملية جمعها ونقلها خلال شهر رمضان، وليس نتيجة زيادة في الإنتاج النفايات.
ومن خلاله تحليله لهذه الإشكالية، أكّد أنّ الاختلاف في عملية الجمع أثناء فصول السنة ينعكس على كمية ونوع النفايات، فإذا تزامن وموسم الحرارة، فإن استهلاك بعض المنتجات مثل المشروبات والفواكه الفصلية قد يكون مرتفعا، مما يؤدي إلى زيادة في إنتاج النفايات العضوية ومواد التغليف.
في المقابل، إذا تزامن وموسم الأمطار، فقد تتغير عادات الاستهلاك مما قد يؤدي إلى انخفاض نسبي في كميات النفايات العضوية والمغلفات، لذلك يرى من الضروري تبني هذا النهج، لأن تحليل هذه البيانات سيسمح بتوقع الاحتياجات اللوجستية وترتيب بشكل أفضل لخدمات الجمع، من خلال تحيين الموارد والاستراتيجيات وفقا لسياق كل فترة يحل فيها رمضان.
ويضيف المتحدث أن هناك مؤشر آخر يدخل ضمن الأسباب التي تساهم في تراكم النفايات وصعوبة التحكم فيها، ويتعلق الامر بالتغيرات التي تحدث في حجم الساعات المعمول بها في إطار خدمة جمع ونقل النفايات، مستندا في ذلك إلى عدد من التقارير السابقة، التي أظهرت أن خلال شهر رمضان تكون هناك زيادة “ملحوظة” في إنتاج النفايات المنزلية بسبب ظاهرة التبذير، لذلك من المهم - بالنسبة له - مراجعة جداول الجمع لضمان أداء أفضل لعمال النظافة، مع التفكير في تعديل الأوقات إلى وقت متأخر من الليل لضمان أريحية أفضل للعمال ممّا يحسن المردود.
كما يقترح المتحدث في هذا الإطار دعم فرق الجمع والنقل بموارد بشرية، ولوجستية إضافية خلال شهر رمضان، للرفع من مردودية عمال النظافة، وتعزيز فرق العمل، خلال التعاقد لفترة محدودة مع مؤسسات خاصة متخصصة في جمع ونقل النفايات المنزلية، وذلك من أجل الحفاظ على خدمة فعالة، وهذا من بين الحلول الاستباقية للإحاطة بإشكالية تراكم القمامة في المطبات.
ويرى كذلك أنه لابد من تكثيف الحملات التحسيسية خلال الشهر الفضيل عبر مختلف وسائل الإعلام وشبكات التواصل والمساجد، من خلال توعية المواطنين بأهمية احترام جداول الجمع التي وضعت خصيصا لرمضان، ويمكن للمجتمع المدني أن يلعب دورا أساسيا في تحسيس وتعبئة المواطنين طيلة هذه المناسبة الدينية.
ويخلص الخبير ومان إلى أن الإدارة المثلى للنفايات المنزلية خلال شهر رمضان لا بد أن تعتمد على التعاون والتنسيق الوثيق بين مختلف الجهات الفاعلة، حيث تحتل الجماعات المحلية مكانة مركزية في تخطيط وتنظيم والإشراف على خدمات الجمع، ويقع على عاتقهم مسؤولية وضع خطة جمع تتكيف مع خصوصيات شهر رمضان الكريم، كما يتعين على مؤسسات الجمع إظهار المرونة والقدرة للقيام بعملها بصفة فعالة.