الدورة الثامنة للجنة الجزائرية- العُمانية.. مسار ثابت ونتائج إيجابية
إنشاء صندوق استثماري مشترك.. منصة داعمة لإطلاق مشاريع استراتيجية
مذكرات تفاهم قرأت الطابع الشمولي لعلاقة مميزة وأسست لتعاون طويل الأمد
تطابق كامل بشأن القضايا الإقليمية والدولية وعلى رأسها فلسطين
تعزيز التواصل على مستوى القطاع الخاص والنهوض بالتبادل التجاري والصناعــي
يُنتظر أن يحلّ سلطان سلطنة عُمان هيثم بن طارق، بالجزائر، في زيارة دولة، وذلك تلبية لدعوة تلقاها من أخيه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون.
الزيارة، التي تأتي بعد تلك التي قادت الرئيس تبون، في أكتوبر الماضي، إلى سلطنة عمان، ستتناول بحث كافة جوانب التعاون التي من شأنها أن ترتقي بالعلاقات الثنائية إلى المستويات التي تلبي الغايات المنشودة في جميع المجالات، وصولا لنتائج تخدم المصالح المشتركة للبلدين. كما سيتم خلال الزيارة التشاور والتنسيق بين القيادتين بما يسهم في تعزيز العمل العربي المشترك وبحث مختلف التطورات على الساحتين الإقليمية والدولية.
وحسب ما أفادت به وكالة الأنباء العمانية، يُرافق السلطان هيثم بن طارق، وفد رسميّ رفيع المستوى، يضم كلّا من: نائب رئيس الوزراء لشؤون الدفاع، وزیر دیوان البلاط السُّلطاني، وزير المكتب السُّلطاني، وزير الخارجية، رئيس المكتب الخاص، رئيس جهاز الاستثمار العُماني، وزير الثروة الزراعية والسمكية وموارد المياه ووزير الصحة.
تتمتع الجزائر وسلطنة عُمان بعلاقات أخوية وتاريخية عميقة، تميّزت عبر العقود بالتفاهم والتنسيق المستمرين، وتستند إلى الاحترام المتبادل والرؤية المشتركة حيال مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
هذه العلاقات، التي نسجتها المصالح المشتركة والتقارب والتوافق في المواقف، تشهد اليوم تطوراً نوعياً ومتصاعداً، تجسد بشكل واضح في زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، إلى سلطنة عُمان في الفترة ما بين 28 و30 أكتوبر 2024، بدعوة كريمة من صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق.
اللقاء بين قائدي البلدين تميز بروح التفاهم والانسجام، وأكد على الإرادة السياسية المشتركة لتعزيز أواصر الصداقة والشراكة. وقد أشاد الجانبان بنتائج الدورة الثامنة للجنة الجزائرية- العُمانية المشتركة، المنعقدة في الجزائر في يونيو 2024، والتي شهدت زخماً كبيراً في مناقشة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري، خاصة من خلال ندوة رجال الأعمال التي أبرزت الإمكانات الواعدة في قطاعات متعددة.
تنويع الاقتصاد وتعزيز الاستثمار الثنائي
وفي خطوة نوعية تجسد الرؤية الاقتصادية المشتركة، أعلن الجانبان عن إنشاء صندوق استثماري جزائري- عُماني مشترك، ليكون منصة داعمة لإطلاق مشاريع استراتيجية في مجالات الطاقة المتجددة، الزراعة الصحراوية، البتروكيماويات، السياحة والتكنولوجيا. هذه المبادرة تعكس التحول نحو تنويع الاقتصاد وتعزيز الاستثمار الثنائي، بما يسهم في تحقيق التنمية المستدامة لكلا البلدين الشقيقين.
وعلاوة على ذلك، تم التوقيع على ثماني مذكرات تفاهم شملت قطاعات التعليم، البيئة، الإعلام، تنظيم المعارض، التشغيل والتكوين المهني، مما يعكس الطابع الشمولي للعلاقة بين الجزائر وعُمان، ويؤسس لتعاون مؤسسي طويل الأمد.
وأبرزت زيارة الرئيس تبون إلى سلطنة عمان، توافقاً كاملاً بين البلدين في ما يتعلق بالقضايا الإقليمية والدولية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث دعا القائدان إلى الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي، وأكدا دعمهما الثابت لحقوق الشعب الفلسطيني وحقه في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
إشادة متبادلة وتقدير للدور الإقليمي
كما اتفق الطرفان على تعزيز التنسيق في المحافل الدولية، وتوحيد المواقف في القضايا العربية، دعماً للعمل العربي المشترك وترسيخاً لأسس الأمن والسلم الدوليين، مع التأكيد على احترام القانون الدولي ومبادئ العدالة والشرعية.
وأعرب الجانب العُماني، عن تقديره لدور الجزائر بصفتها عضواً في مجلس الأمن، في الدفاع عن القضايا العربية. فيما ثمّن الجانب الجزائري المساعي العُمانية الرامية إلى تهدئة النزاعات وتعزيز الحوار بين دول المنطقة. هذا التقدير المتبادل يعكس عمق الثقة السياسية بين البلدين، ويؤشر إلى دورهما البنّاء في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
وجسدت زيارة الرئيس تبون إلى مسقط تجديداً للعهد بين بلدين تجمعهما قواسم تاريخية وثقافية وسياسية مشتركة، وتضع الأسس لشراكة استراتيجية شاملة، قوامها التعاون المثمر والرؤية المتقاربة والمصالح المشتركة، وهي زيارة تؤسس لمستقبل واعد من التكامل والتعاون بين الجزائر وسلطنة عُمان، في عالم تتزايد فيه الحاجة إلى التكتل والتنسيق البنّاء.
كما توّجت زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، إلى سلطنة عمان، ودامت ثلاثة أيام، تلبية لدعوة من جلالة السلطان هيثم بن طارق، بإصدار بيان مشترك تم فيه التأكيد على مواصلة تطوير التعاون الثنائي في شتى المجالات بما يخدم مصالح البلدين والشعبين الشقيقين.
تكثيف التواصل وتبادل الزيارات
وقد عقد قائدا البلدين خلال زيارة الرئيس تبون إلى سلطة عمان، «مباحثات سادتها روح الأخوة والتفاهم والحرص الرصين على مواصلة تطوير التعاون الثنائي في شتى المجالات وبما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين ويعكس العلاقات والصلات الأخوية التاريخية الراسخة التي تجمعهما، معبرين عن الارتياح لخطوات النهوض بالعلاقات بين البلدين لآفاق أرحب ومجالات أوسع وأشمل، بما في ذلك نتائج أعمال الدورة الثامنة للجنة الجزائرية- العمانية المشتركة، والتي عقدت في الجزائر في جوان الماضي وما صاحبها من ندوة رجال الأعمال، والتي تناولت الفرص الاستثمارية والتجارية الواسعة والواعدة في البلدين».
وأكد القائدان «دعمهما لتلك النتائج ووجها كافة الجهات والقطاعات لتكثيف التواصل وتبادل الزيارات بين مختلف الجهات المعنية، من أجل متابعة وتنفيذ كافة المبادرات والبرامج المشتركة والتي، بلا شك، ستعود بالنفع والفائدة على البلدين والشعبين الشقيقين».
ومن هذا المنطلق، بارك القائدان «مبادرة إنشاء صندوق استثماري عماني- جزائري مشترك، يتم من خلاله إقامة شراكات ومشاريع مشتركة في مجالات الطاقة المتجددة والبتروكيماويات والزراعة الصحراوية والتكنولوجيا والسياحة وغيرها من المجالات الأخرى الواعدة».
كما أكد الجانبان تتويجا لزيارة الرئيس تبون، على «أهمية تعزيز فرص التواصل والشراكة على مستوى القطاع الخاص والنهوض بالتبادل التجاري والصناعي والاستفادة من أسواق البلدين وموقعهما في النهوض بالصادرات الوطنية ووصولها لأسواق إقليمية وعالمية».
وأضاف البيان المشترك، أن القائدين «رحبا بالتوقيع على ثماني (8) مذكرات تفاهم في قطاعات متنوعة تشمل مجالات ترقية الاستثمار، تنظيم المعارض والفعاليات والمؤتمرات، التربية والتعليم، التعليم العالي، البيئة والتنمية المستدامة، الخدمات المالية، التشغيل والتدريب والإعلام».
وبشأن التشاور وتبادل الآراء والتنسيق حول المستجدات والقضايا الإقليمية والدولية الراهنة، أكد الجانبان على «ضرورة الوقف الفوري للعدوان الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية وعلى لبنان وسوريا وإيران وعلى حق الأشقاء الفلسطينيين بإنهاء الاحتلال اللامشروع وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حل الدولتين، وانضمامها الى عضوية الأمم المتحدة».
تعزيز ركائز الأمن والاستقرار بالمنطقة
كما أكد القائدان على «أهمية التعاون والتنسيق بين بلديهما في المنظمات والمحافل الإقليمية والدولية، بما يخدم مصالحهما ويسهم في تعزيز العمل العربي المشترك ودعائم الأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم»، إلى جانب «دعم الجهود الرامية لترسيخ التوجهات السلمية وتعزيز ركائز الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم، من خلال إرساء قواعد القانون الدولي واحترام الشرعية الدولية ومبادئ العدل والإنصاف». وأشار البيان المشترك، إلى أن الجانب العماني عبر عن «تقديره لجهود الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، بصفتها العضو العربي في مجلس الأمن، في دعم القضايا العربية والعادلة وعلى الدور البارز والبناء الذي تقوم به في هذا الشأن».
كما أشاد الجانب الجزائري بـ»الدور الهام والمحوري الذي تقوم به سلطنة عمان في المساعي السلمية لخفض التوترات والدفع بالتفاهم والتعاون الإيجابي بين الدول في المنطقة والعالم».
ويحرص قائدا البلدين على التنسيق الدائم والتواصل المستمر في كافة القضايا، لاسيما فيما يخص المستجدات التي تشهدها المنطقة والتطورات الإقليمية والدولية، وذلك تجسيدا لتقاليد التشاور السياسي والتنسيق بين البلدين على كافة المستويات، خدمة لمصالحهما المشتركة ومصالح الأمة العربية والإسلامية.
وعلى إثر إعادة انتخابه رئيسا للجمهورية لعهدة ثانية، تلقى رئيس الجمهورية رسالة تهنئة من أخيه السلطان هيثم بن طارق، أعرب له فيها عن أصدق التهاني وأطيب التمنيات بالتوفيق والنجاح وبالمزيد من التقدم والرقي وقيادة الشعب الجزائري الشقيق وللعلاقات القائمة بين البلدين إلى اطراد التطور والازدهار.
تقييم شامل للتعاون الثنائي وسبل ترقيته
وتفعيلا لهذا المستوى الرفيع من التنسيق والتشاور الدائم، شهدت العلاقات الجزائرية- العمانية مؤخرا، حركية كثيفة جسدتها الزيارات المتبادلة والاتصالات المختلفة بين مختلف مسؤولي مختلف الهيئات والقطاعات للبلدين، حيث سمحت بإجراء تقييم شامل للتعاون الثنائي وسبل ترقيته في مختلف المجالات.
كما تم عقد العديد من اللقاءات بين ممثلي الشركات والمجمعات ورجال الأعمال من القطاعين العام والخاص في البلدين، سمحت باستكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة بين البلدين في عدة مجالات.
أعلى وسام بالسلطنة للرئيس تبون
وخلال الزيارة السابقة، وشّح جلالة السلطان هيثم بن طارق، رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، بأعلى أوسمة سلطنة عمان، وهو وسام آل سعيد الذي يحمل إسم العائلة المالكة، كما هو منصوص عليه. ولا يوشّح بهذا الوسام، إلا كبار القادة والملوك والرؤساء في العالم، إذ أسدى صاحب الجلالة السلطان هيثم بن طارق الوسام للسيد الرئيس، للدلالة على روابط الأخوة والتعاون الكبير بينهما، كما أهداه بهذه المناسبة أيضا، الخنجر العُماني الشهير.
من جهته، وشّح السيد الرئيس، جلالة السلطان هيثم بن طارق، بوسام أثير من مصف الاستحقاق الوطني، دلالة على الروح الأخوية الرفيعة التي تجمعهما. وأهدى السيد الرئيس لصاحب الجلالة بالمناسبة ذاتها، سيف بني يني «الفليسة» الجزائري العريق.