المغرب هو الطرف المعرقل وله أطماع توسّعية ضدّ الجزائر وموريتانيـا
“اللوبيينغ“ الذي تمارسه الآلة المغربية مصيره الفشل لأنه يستند علـى افتراءات
القصر الملكي لا يثق حتى في مواطنيه الذين استوطنهــم في الأراضي المحتلــة
نسف مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، جون بولتون، الدعاية المغربية بخصوص الصحراء الغربية، خاصة ما تعلق بالمناورات القائمة للدفع باتجاه تشوية جبهة البوليساريو بربطها بالإرهاب، وأكد أن المغرب وحده يتحمل مسؤولية عدم تطبيق قرارات الأمم المتحدة بسبب رعبه من نتائج الاستفتاء.
حطم جون بولتون، وهو الرجل القوي في كواليس السياسة الخارجية الأمريكية، سردية المغرب بشأن الصحراء الغربية، والتي ظلت قائمة لعقود على «شيطنة» جبهة البوليساريو الممثل الشرعي والوحيد للشعب الصحراوي وإٌقحام الجزائر في الملف.
وأكد مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، في مقابلة مع صحيفة الإنديبندينتي الإسبانية، إن محاولات تصنيف جبهة البوليساريو، كجماعة إرهابية في الكونغرس الأمريكي، لن تتحقق، مفيدا بأن عمل الضغط (اللوبيينغ) الذي يمارسه المغرب في هذا الاتجاه سيكون مصيره الفشل، لأنه يستند على افتراءات.
وقال بولتون «لا أعتقد أنه سيمر. إنه خطأ». وأضاف «حتى لو تم تمريره في مجلس النواب الأمريكي فإنه لن يمر في مجلس الشيوخ». وأوضح أن المسعى الذي تراهن عليه المغرب بدعم من جماعات الضغط الموالية لها «يستند إلى افتراءات مفادها أن البوليساريو بطريقة أو بأخرى قد تحالفت مع إيران وحزب الله وحماس».
وأضاف مؤكدا: «إنه أمر خاطئ تماما»، ليكشف أن منظمات أمريكية غير حكومية تعمل في مخيمات اللاجئين الصحراويين، تعمل في مجال التعليم، وبعضها منظمات دينية، لكنها تقوم بعمل علماني وصحي وتعليمي «وهم يرون في غمضة عين ما إذا كان هناك نفوذ إيراني في المخيمات أو حزب الله أو أي نوع آخر».
وتابع قائلا: «ببساطة لا يوجد أساس لذلك، إنها دعاية محضة»، وجدد جون بولتون الذي شغل منصب مستشار الأمن القومي الأمريكي في الولاية الأولى للرئيس دونالد ترامب، موقفه القائل بأن الأخير لم «يفعل الشيء الصحيح» بدعمه الطرح المغربي في نزاع الصحراء الغربية.
وأوضح بولتون، أن ثمن تطبيع المغرب مع الكيان الصهيوني ما كان ليكون في الصحراء الغربية لاعتقاده بأن « المغاربة كانوا سيقبلون بالاعتراف باتفاقية التطبيع مع الكيان لأنه كان من مصلحتهم القيام بذلك على أي حال. لقد كانوا قريبين جدًا من الاعتراف بالكيان الصهيوني من قبل. كان بإمكانهم أن يكونوا حتى قبل مصر والأردن، أول دولة عربية تفعل ذلك».
وأشار إلى أن ما تحول سنة 2020، إلى صفقة، مع الإدارة السابقة للرئيس ترامب، ناتج عن استغلال المغرب « لمجموعة من الناس الذين لم يكن لديهم أي فكرة عن ماهية الصحراء الغربية أو مكانها أو أهميتها. لقد أعطوهم تنازلاً ما كان ينبغي أن يعطوهم إياه».
المغرب..معرقل وتوسّعي
في حواره لذات الصحيفة الإسبانية، قدم جون بولتون ما يمكن اعتباره شهادته الحية، على بداية المسار السلمي للتسوية، بدءا من سنة 1991 تاريخ توقيع وقف إطلاق النار والذي ينص على تنظيم استفتاء تقرير مصير الشعب الصحراوي.
وقال بولتون «عملت مع جيمس بيكر في وزارة الخارجية في عام 1991. عملت معه طوال فترة إدارة بوش. لذلك كنت مشاركًا جدًا في صياغة قرار مجلس الأمن في عام 1991 الذي أنشأ مينورسو وأسس عملية الاستفتاء».
وأفاد المتحدث بأن بعثة المينورسو «كانت غير عادية، لأنها كانت أول قوة حفظ سلام تنشئها الأمم المتحدة، منذ فترة طويلة، تضم عسكريين أمريكيين»، موضحا بأنه ولسنوات عديدة خلال الحرب الباردة، لم يشارك أفراد أمريكيون في حفظ السلام، «اعتقدنا أنها كانت فكرة جيدة. كنا سنقوم بها، لكننا لم نكن نريد أن يقوم بها الروس والصينيون. ولكن مع نهاية الحرب الباردة، تم اتخاذ قرار المشاركة».
وأكد بولتون أنه ومنذ عام 1991 وحتى نهاية إدارة بوش، تحدثت مع بعض هؤلاء الأشخاص واتفقوا «جميعًا على أن المغاربة لم يكونوا متعاونين»، وشدد على أن المغاربة كانوا دائما الطرف المعرقل، وهو ما وقف عليه عندما عمل مع جيمس بيكر عندما كلف الأمين العام الأممي الأسبق بالملف سنة 1997.
وقال بولتون « شخص مثل بيكر، الذي كان معروفًا لدى ملك المغرب الحسن الثاني. لكنه ذهب لمحاولة التوسط وتوصل إلى اتفاق في عام 1997 لإجراء الاستفتاء، ثم عرقل المغاربة ذلك أيضًا، بعد أن وافقوا عليه».
ولم يكتف مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق بنسف الدعاية المغربية بشأن الصحراء الغربية، بل كشف القناع عن الجانب التوسعي للمغرب الذي طالما حاول إلقاء اللوم على غيره في المنطقة وخاصة الجزائر بمحاولة إقحامها كطرف رئيسي في النزاع.
وقال بولتون: « أذكر أنني كنت مع بيكر ذات مرة في عام 1997 في أحد مكاتب الملك. كان مكتباً كبيراً جداً. وكانت هناك خريطة على الحائط بأبواب يمكن إغلاقها عادة، لكنها كانت مفتوحة. وأظهرت الخريطة ما يعتقدون أنه يجب أن يكون عليه المغرب. لم تكن تشمل المغرب فقط، بل كانت تشمل أيضًا أجزاء من الجزائر والصحراء الغربية وجزءًا كبيرًا من شمال موريتانيا، وهذا ما يدور عليه الأمر أساسا».
وبذلك يؤكد بولتون الأطماع التوسعية للمغرب بشكل خطير يهدد استقرار المنطقة ككل، في ظل استمرار الإيديولوجية الاستعمارية التي تنظر إلى دول الجوار بنزعة عدائية، مهما حاول تنميقها ومهما حاول الظهور في ثوب الضحية.
وفي السياق، نسف بولتون الدعاية المغربية التي استثمر فيها أموالا باهظة وتنازلات مخزية لصالح الكيان الصهيوني، حين أكد أن معظم المبعوثين الأمميين إلى المنطقة، الذين تواصل معهم شخصيا أكدوا له أن «المغرب هو الطرف المعرقل» وتحدثوا سرا بأن «المغرب ليس على استعداد للمخاطرة بخسارة الاستفتاء».
وأشار إلى القصر الملكي المغربي، لا يثق حتى في مواطنيه الذين استوطنهم في أراضي الصحراء الغربية، قائلا: « أعتقد أنهم خائفون من أن يأتي المغاربة إلى الصحراء الغربية ويقولون: «يبدو الاستقلال فكرة جيدة جداً، إن لم يجدوا طريقة للفوز بالاستفتاء»، مضيفا «لقد كان سلوك المغرب معرقلا منذ اليوم الأول».
واعتبر بولتون، أن تلكأ المغرب في تنظيم استفتاء تقرير المصير دليل على ضعف الأمم المتحدة «التي تصدر قرارا بسيطا، سهل التنفيذ، يوافق عليه الجميع، ثم يتراجع أحد الأطراف عن رأيه وينهار الأمر برمته».
ترمب يتراجع ؟
على صعيد آخر، يعتقد جون بولتون، أن الرئيس الأمريكي، بإمكانه التراجع عن قراره الذي اتخذه في ولايته الأولى، بدعم الطرح المغربي مقابل التطبيع. لافتا إلى أن ترامب يمكنه دعم الاستفتاء بمحفزات اقتصادية.
وذكر بتصريحات ترامب قبل أشهر، التي أعلن فيها رغبته في «أخذ قطاع غزّة ليحولها إلى ريفييرا شرق البحر الأبيض المتوسط. وهذا لن يحدث. هذا أمر مؤكد».
واستطرد بأن الصحراء الغربية لديها ساحل طويل على المحيط الأطلسي «ويمكنني أن أتخيل منتجعات وكازينوهات، إذا أمكن لفت انتباهه إلى أن شركته «ترامب» يمكن أن يكون لها امتياز في المنطقة وإقامة منتجعاتها هناك، فربما ذلك يجعله يدعم الاستفتاء إذا رأى حافزًا لتغيير موقفه».
وألح مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، على موقفه المبني على تنظيم الاستفتاء، ويرى أن موقف الحكومة الاسبانية الحالي غير مساعد لحل النزاع، وقال « الجميع وافق على الاستفتاء والمغرب هو من تراجع».
واعتبر أن الضحايا هم الصحراويين الذين لا يزالون في مخيمات اللاجئين بعد 25 عاما من الوعد بالاستفتاء وبعد 50 عاما على انسحاب إسبانيا، واصفا الأمر بـ «العبثي». وأضاف: كان بالإمكان تنفيذ الاستفتاء بسهولة.