كشف رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، خلال لقائه الدوري مع الصحافة، أول أمس، عن برنامج جديد لإنجاز محطات أخرى على طول الشريط الساحل، حيث ستتم الموافقة عليه خلال مجلس الوزراء الذي يلي القادم وذلك بعد الانتهاء من دراسة ملف المرحلة الثانية من هذا البرنامج، وذلك في سبيل تلبية الاحتياجات المتزايدة من المياه الصالحة للشرب من خلال تعزيز الاعتماد على المياه المحلاة وتطوير الصناعة المحلية في هذا المجال.
يندرج البرنامج في إطار إستراتيجية الجزائر في تحقيق أمنها المائي والتي تمتد من 2021 إلى 2030، من خلال تفعيل وتثمين المصادر غير التقليدية من أجل تأمين الإمدادات بالمياه الصالحة للشرب للمواطنين، سيما في ظل التحديات المناخية الناتجة عن التغيرات المناخية التي تواجهها البلاد ومنطقة شمال إفريقيا، والتي استدعت من الدولة التكيّف معها برؤية استشرافية تزامنا مع تراجع مصادر المياه التقليدية نتيجة نقص تساقط الأمطار بالجزائر.
المرحلة الثانية من برنامج التحلية..
يتعلق الأمر بالانطلاق في المرحلة الثانية من برنامج تحلية مياه البحر عبر إنجاز 6 محطات كبرى إضافية على الشريط الساحلي، وذلك بكل تلمسان، مستغانم، الشلف، جيجل سكيكدة وتيزي وزو، بطاقة إنتاجية تصل إلى 300 ألف م3. وقد تم تهيئة وتجهيز الأرضيات الخاصة بها، والقيام بكل الدراسات المتعلقة بها وبمجرد الانتهاء من ملفها والموافقة عليها من طرف رئيس الجمهورية سيتم الإعلان عن انطلاقها بداية سنة 2026.
وأوضح رئيس الجمهورية، أنه في إطار هذا البرنامج الجديد، سيتم تعزيز البنية التحتية اللازمة لنقل وتوزيع المياه المحلاة إلى جميع المناطق المستهدفة، سيما بالجهة الغربية وذلك على طول 250 كلم من مصدر المياه نحو الداخل، بعد أن كان الهدف الأولي المسطر 150 كلم، وهو ما يترجم المضي قدما وبوتيرة متسارعة من أجل تعزيز قدرات التزويد بالمياه في المناطق الساحلية والداخلية على حد سواء بهدف ضمان تغطية أكبر كثافة سكانية ممكنة.
ويشكل خيار تحلية مياه البحر المصدر المتجدد للأمن المائي للوطن، باعتباره أحد ركائز السيادة الوطنية، ومنه ضمان الأمن الغذائي، بحيث تهدف الجزائر من وراء هذه المشاريع المنجزة والمبرمجة مستقبلا، إلى الرفع من الاعتماد على المياه المحلاة تدريجيا إلى حدود 42% في المرحلة الأولى، مقارنة بالنسبة الحالية التي لا تتجاوز 20%، والوصول بها إلى حدود 60% من إجمالي المياه الموجّهة للشرب في آفاق 2030. في المقابل، سيتم مرافقة هذا التوجه بتطوير محطات معالجة المياه المستعملة للاستفادة منها في مجالات أخرى، وتوجيه المياه التقليدية الجوفية منها والسطحية إلى قطاعات أخرى كالفلاحة والصناعة.
ويساهم قطاع الطاقة في تنفيذ برنامج إنجاز محطات تحلية مياه البحر، والذي يشكل حاليا 14 محطة قيد الاستغلال، بقدرة إنتاجية 2,3 مليون م3 يوميا، وتم تدعيمه بخمس محطات أخرى، ما سمح بتلبية 3,8 مليون م3، أي ما يعادل 42% من الاحتياجات من الماء الشروب بداية من السنة الجارية.
إنجـاز محطـات التحليــة بسواعــد جزائريــة..
نجحت الدولة في إنجاز هذه المشاريع بسواعد جزائرية في كل مراحلها، بعدما كانت حكرا، في الماضي، على المؤسسات الأجنبية، بما فيها مشاريع ربط المحطات عبر شبكات الجر والتوزيع، حيث ساهمت الجزائرية للمياه وبقوة في إنجاح العملية، من خلال تجنيد كافة إطاراتها ومهندسيها وتقنييها.
من جهة أخرى، أكد رئيس الجمهورية التزام الدولة بالعمل على ضمان تموين المواطنين بماء الشروب 7/7 ولو لساعات معدودة كافية، من خلال التعهد بعدم ترك أي مواطن جزائري للعطش، ومرافقة الولايات التي تعاني من عجز من خلال التدخل بحلول كفيلة متعارف عليها بالقطاع والتدخل بصفة استعجالية، إن اقتضى الأمر، على غرار ما تم به معالجة أزمة المياه بولاية تيارت الأخيرة.
سنتدخل بالحلول الكفيلة لحل أي أزمة مياه..
في هذا السياق، ذكّر رئيس الجمهورية بالمخطط الاستعجالي الذي سمح بحل أزمة المياه بهذه الولاية، حيث تضمن تسريع وتيرة أشغال مختلف الورشات المتعلقة بتزويد المياه، وجلب المياه من حقل عجرماية على مسافة 120 كلم، والانتهاء من مشروع جلب المياه من شط الشرقي بمنطقة سيدي واضح ببلدية ملاكو على مسافة 42 كم من أجل ضمان تعزيز قدرات التموين للولاية بـ10 آلاف م3، ناهيك عن مشروع حفر آبار عميقة لتقوية تزويد المدينة بالمياه الصالحة للشرب، ببلدية عين دزاريت، بالإضافة إلى توفير أكثر من 100 شاحنة مجهزة بالصهاريج لضمان التموين الظرفي للمواطنين، بالإضافة إلى لجنة محلية مركزية لمتابعة تنفيذ القرارات والمشاريع، مبديا استعداده للتدخل بالحلول الكفيلة لحل أي أزمة مياه بأي ولاية عبر الوطن.
في المقابل، سجل الرئيس التسيير المحكم لمرفق الماء خلال فترة عيد الأضحى، ما سمح للمواطنين بممارسة شعيرتهم وعملية النحر بكل أريحية، وهذا نتيجة التخطيط المسبق والتجنيد الكافي للموارد المائية اللازمة وحتى للموارد البشرية التي حرصت على ضمان سيرورة خدمة الماء بكل أريحية دون أن يشعر المواطن بأي نقص.