لا نتنازل عن مبادئنا لإرضاء أي كان ولا ننساق وراء الظرفيات
لن نرضى بالظلم وسندافع عن المظلومين في فلسطين والصحراء الغربية
بلد وسطي لا ينساق وراء الاستقطاب وهو سيد في قراراته ومواقفه
تحتفظ الجزائر بعلاقات متميزة مع جميع القوى الفاعلة على الساحة الدولية، خاصة الكبرى منها، وذلك نظرا لموقفها الحيادي والتزامها بالبقاء على مسافة واحدة من هذا الطرف أو ذاك، إضافة إلى وضوح الحدود التي تضعها مع تلك القوى في التعامل مع بلد مثل الجزائر له تقاليد عريقة في عدم الانحياز.
في هذا السياق، كشف رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أن السر وراء هذا التوازن الجزائري هو النزاهة وعدم الانحياز، الذي قال إنه مبدأ يسري في دم الجزائر، التي لا تحيد عن مبادئها لإرضاء أي كان.
أكد رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، في لقائه الدوري مع وسائل الإعلام، أن عدم الانحياز يشكل مبدأ ثابتا في السياسة الخارجية الجزائرية، وهو مبدأ يمتد إلى ما قبل استقلال الجزائر، وبالضبط أثناء ثورة نوفمبر المجيدة، عندما شاركت الجزائر في مؤتمر باندونغ، وهو مبدأ ضحى من أجله الشهداء، وانتهجه زعماء الجزائر إلى يومنا هذا. مضيفا، “ولن نتخلى عن هذه الحرية ولن نقلصها لإرضاء أي كان”.التزام الجزائر بعدم الانحياز، يعني أنها لا تنساق وراء أي استقطاب لأي من الكتل أو الأحلاف العسكرية أو السياسية المتنافسة، خاصة خلال فترات التوتر أو الصراع الدولي، وهذا يمكنها من الاحتفاظ بحرية اتخاذ قراراتها بناء على مصالحها الوطنية دون تأثير من أي قوة خارجية. ومازالت الجزائر تتمسك بمبدئها الراسخ في سياستها الخارجية. وفي هذا الإطار، سعت الجزائر الى إعادة بعث الحركة، خلال قمة دول عدم الانحياز، سنة 2024، بأوغندا، والتي بحثت تعزيز دور الحركة في بناء السلام والأمن العالمي، وعندها طرح وزير الخارجية السيد أحمد عطاف، موضوع إحياء المجموعة المصغرة لدول عدم الانحياز بمجلس الأمن، للحد من التوترات الدولية وتعزيز السلم العالمي، سيما في القضية الفلسطينية التي تعتبر أبرز القضايا العادلة.
براغماتيــة سياسيــة
وأضاف السيد الرئيس، أن الولايات المتحدة الأمريكية تعلم أننا لن نتخلى عن صداقتنا مع الصين ومع روسيا، كما لا نتخلى عن صداقتنا معها، ولن ننسى الخطاب التاريخي للرئيس جون كينيدي، وأن أمريكا هي من أدخل القضية الجزائرية إلى الأمم المتحدة، وكانت أول من قدم مساعدات للجزائر غداة الاستقلال، وخيار الاشتراكية كان نتاج سياسات ذلك الوقت، ولم يعن أبدا أننا خصوم لأمريكا.
يذكر في هذا الصدد، أنه رغم الاختلاف في التوجه السياسي كانت المبادلات التجارية بين الجزائر وأمريكا قائمة وتسير بشكل عادي خلال فترة الحرب الباردة، وتزايدت تدريجيا في عقد الثمانينيات من القرن الماضي، حيث كانت الجزائر تصدر الغاز والبترول إلى “و.م.أ” وتستورد منها بعض المنتجات الزراعية وقطع الغيار وغيرها.. وهذا يعكس الطابع البراغماتي للسياسة الخارجية الجزائرية وعدم التبعية. إذ أن علاقاتها المتينة مع الاتحاد السوفييتي آنذاك، لم تمنعها من إقامة علاقات تجارية مع الولايات المتحدة، كما لم تمنعها شراكتها مع روسيا اليوم من إبرام اتفاقيات عسكرية مع أمريكا، ممثلة في القيادة العسكرية الأمريكية في أفريقيا “أفريكوم”، الذي استقبل السيد الرئيس قائدها ثلاث مرات.
ويذكر أيضا، أن حجم التبادل التجاري الجزائري- الصيني، خلال سنة 2024، بلغ مستوى 12,5 مليار دولار أمريكي، وبلغت قيمة المبادلات التجارية مع روسيا 10 ملايير دولار، في حين قدرت بـ3.1 مليار دولار مع واشنطن وتعتبر الجزائر ثالث شريك اقتصادي لأمريكا في القارة الأفريقية.
الجزائـــر وسطيــــة
وخلص رئيس الجمهورية إلى القول، إن الواقعية السياسية تفرض على الجزائر عدم التخلي عن مبدإ عدم الانحياز، وهي حرة في بناء علاقات مع من تشاء، مع الدول الأفريقية وهي ذات أولوية، ومع العالم الغربي وأوروبا، مع روسيا والصين والآسيان، مؤكدا أن الجزائر بلد وسطي ولا تنساق وراء متاهات الاستقطاب، وهي سيدة في قراراتها وفي مواقفها، ولن تتخلى عن مبادئها في مساندة القضية الفلسطينية وحق تقرير مصير الشعب الصحراوي، كما لا تقبل أن تسكت عن الظلم، وستدافع عن المظلوم، وعلى من يتعامل معها أن يقبل بها كما هي عليه.
يشار في هذا الصدد، إلى أن تقرير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، الصادر مؤخرا، والذي خصص عددا للشراكة الجزائرية- الأمريكية، أكد في جزء منه أن التعامل مع الجزائر والحفاظ عليها، يقتضي بالضرورة احترامها وفهمها واعتبارها شريكا حقيقيا، وهذه الخلاصة تعكس تماما ما أكده رئيس الجمهورية في لقائه الدوري مع وسائل الإعلام، من حيث تسمك الجزائر بحريتها التي ضحى من أجلها أكثر من خمسة ملايين شهيد، وسيادتها التي دفعت من أجل استرجاعها مليونا ونصف المليون من الشهداء في ظرف سبع سنوات، وثبات مواقف الجزائر في مختلف القضايا وأنها لا تقبل الضغط عليها، وهي مستعدة للمواجهة من أجل مبادئها تلك، وفق ما صرح به رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون.