التعاون القاري أولوية رئاسية تتجسد بشهادة الأشقاء والأصدقاء

الجزائر - زيمبابـوي.. آفـاق جديـدة لشراكــة إستراتيجيـة

آسيا قبلي

لم يكن توجه الجزائر نحو أفريقيا وليد ظرفية عابرة، بل عملا جادا تجسد في مد جسور التعاون مع عديد الدول الإفريقية، سواء بإبرام اتفاقيات في مختلف المجالات أو بتقديم المساعدات وبعث فرص استثمار وفتح الأسواق البينية، وهذا ما يعزز توجه الجزائر نحو التكامل والتعاون الإفريقي والنهوض بالقارة، من خلال العودة إلى العمق الاستراتيجي، لقيادة القارة إلى المكانة التي تستحقها ولتكون فاعلا مؤثرا على الساحة الدولية.

يأتي التوّجه تنفيذا للعهد الذي قطعه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون على نفسه، عندما وضع التعاون القاري على رأس أولوياته في السياسة الخارجية تجاه أفريقيا.
يعكس حجم الاتفاقيات الموقعة بين الجزائر وزيمبابوي، بمناسبة زيارة الدولة التي قام بها الرئيس إيمرسون دامبودزو منانغاغوا، نموذجا آخر في إطار التعاون القاري، ورغبة مشتركة في إرساء شراكة إستراتيجية تقوم على المنفعة المتبادلة وتخدم أهداف التنمية والتكامل الإفريقي. ومست الاتفاقيات مجالات مختلفة، منها اتفاق بين غرفتي التجارة والصناعة في البلدين. وتأسيس مجلس أعمال وتشجيع الاستثمار، وهذا من شأنه تذليل العقبات التي تواجه أصحاب الأعمال وتوسيع نطاق التعاون في مختلف القطاعات، وتعزيز التبادل التجاري بين الدولتين من خلال تنظيم المعارض والفعاليات التجارية، وتسهيل إجراءات التصدير والاستيراد، وهذا بدوره يسمح بجذب الاستثمارات وتوفير فرص عمل، ومنه تحسين معيشة السكان، كما يمكن أن يساهم المجلس في تعزيز التعاون الإقليمي من خلال توحيد الجهود لتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
إلى جانب ذلك، وُقعت مذكرة تفاهم بين وكالتي الاستثمار الجزائرية ونظيرتها الزيمبابوية، بالإضافة إلى اتفاقيات في التعليم العالي، التكوين المهني، السياحة والأرشيف، محضر نهائي للجنة المشتركة للتعاون الجزائري الزيمبابوي. كما يرتقب أن يشارك الرئيس منانغاغوا في معرض التجارة البينية الإفريقية بالجزائر، في سبتمبر المقبل، بدعوة من رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، وهو الحدث الإفريقي الأكبر على الإطلاق في مجال التجارة البينية.
ويأتي هذا التعاون الثنائي، تأكيدا لرغبة الجزائر في مد جسور التعاون مع الدولة الواقعة جنوب القارة، التي استفادت من مساعدات قبل هذا، من بينها بناء مدرسة نموذجية، وإرسال شحنة من 15 ألف طن من الأسمدة لمواجهة آثار الجفاف الناتج عن ظاهرة النينيو التي شهدتها الدولة في 2024.

مثال يحتذى به..

وتفتح هذه الاتفاقيات آفاقا جديدة للتعاون بين البلدين، خاصة وأن زيمبابوي تزخر بثروات طبيعية كثيرة، سيما الثمينة منها، على غرار الذهب والبلاتين والماس والكروم والنيكل، وتتوفر على إمكانات زراعية معتبرة. وما يزيد من أهمية هذا البلد هو موقعه الجغرافي، حيث تتوسط أربع دول في جنوب القارة، منها جنوب إفريقيا التي تربطها بالجزائر علاقات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية قوية، وهذا الموقع يسهل ربط التجارة بين الجزائر وزيمبابوي وجيرانها، وبالتالي تقاربا أسهل وتعاونا أكبر، في إطار النظرة الشاملة للجزائر في ملف التكامل القاري.
ويؤكد هذا التعاون في مختلف المجالات مع دولة على هذا البعد الجغرافي عن الجزائر، أن الجزائر في إطار جهودها للتضامن مع دول القارة ودعمها، وحرصها على تجسيد مساعيها في التعاون جنوب- جنوب، لا تعير المسافات أهمية، لأن تاريخ هذه البلدان مشترك في معاناتها من الاستعمار وتبعاته التي مازالت تلقي بآثارها على التنمية والنمو في دول القارة، يحتم على الجميع توحيد الجهود لتتبوأ القارة الغنية مكانتها اللائقة في صنع القرار الدولي.
على صعيد آخر، تتقاسم الجزائر وزيمبابوي الرؤى نفسها بخصوص القضايا التي تنعكس على التنمية الاقتصادية فيها، منها السياسية والأمنية، وعليه تأتي الزيارة دعما لدور الجزائر الفعال كمنسق للاتحاد الإفريقي من خلال تنسيق الجهود الثنائية لمكافحة الإرهاب والتطرف العنيف، ودعم جهود إحلال السلم والأمن في القارة، والحد من الهجرة غير الشرعية والجريمة المنظمة، وكذا من أجل إصلاح النظام الدولي ومكافحة الإرهاب وانتشار الأسلحة.

 

رأيك في الموضوع

أرشيف النسخة الورقية

العدد 19827

العدد 19827

الأحد 20 جويلية 2025
العدد 19826

العدد 19826

السبت 19 جويلية 2025
العدد 19825

العدد 19825

الخميس 17 جويلية 2025
العدد 19824

العدد 19824

الأربعاء 16 جويلية 2025